كتب علي ضاحي في جريدة “الديار”:
منذ انتخابه في 15 آذار 2011 بطريركاً لأنطاكية المارونية السابع والسبعين، والعلاقة بين البطريرك الماروني بشارة الراعي وحزب الله تمر بـ “طلعات ونزلات”. وليست هي المرة الاولى التي تتشظى فيها العلاقة وتتوتر، على خلفية مواقف للراعي في اتجاه المقاومة وسلاحها وزيارة القدس ودور حزب الله، وصولاً الى الحياد وتطبيق القرارات الدولية، وليس انتهاء باتهام حزب الله و “الثنائي الشيعي” بالتعطيل الرئاسي.
ووفق اوساط واسعة الاطلاع على العلاقة بين حزب الله وبكركي، فإن الموقف الاخير للبطريرك الراعي خلال عظة قداس الاحد، والتي طالب خلالها برئيس جمهورية يعنى بـ “تطبيق القرار 1559 ونزع السلاح وتنفيذ القرار 1701 وتحييد لبنان، وألّا يعود لبنان منطلقا لأعمال إرهابيّة تزعزع أمن المنطقة واستقرارها”، هو الاقسى على الإطلاق، ومن شأنه ان يترك “ندبة” في جسد العلاقة “الحذرة” اصلاً بين بكركي وحارة حريك.
وتكشف الاوساط ان حزب الله الذي لم يعلق علناً، ولم يصدر موقفاً من مواقف الراعي، من الطبيعي انه يدرس الموقف بتأن ويدرس خلفياته ومضمونه وتوقيته، خصوصاً ان الراعي ليس شخصية سياسية او شخصية مارونية طامحة الى الرئاسة، وليست في موقع سياسي طامحة الى وظيفة او مقام معين في البلد، فهو بطريرك وله حيثيته وتمثيله ورأس لكنيسة كبيرة ووازنة، وتربطها علاقات مع المقاومة وحزب الله والطائفة الشيعية. فلماذا يصدر موقفاً مماثلاً؟
وتشير الاوساط الى حصول لقاءات كثيرة في الايام الماضية، ومعظمها من شخصيات مسيحية سياسية ودينية وحزبية التقت حزب الله، وناقشت معه مواقف البطريرك الراعي، والتي لم تترك ارتياحاً لدى القوى المسيحية التي تربطها علاقات بحزب الله. ووفق الاوساط نفسها ، فإن مواقف الراعي وفق زوار حزب الله منقسمة بين فريق يؤكد ان مواقف الراعي ليست موجهة الى حزب الله وان لها ابعادا داخلية مسيحية، وفريق آخر يقول انها مواقف موجهة الى الموفد الفاتيكاني، لا سيما ان الراعي ليس على علاقة جيدة حالياً بالفاتيكان وهناك مطالبات مسيحية بتغييره، وبين فريق يرى انها “زلة لسان فاضحة وواضحة”.
وتكشف الاوساط ان اسئلة كثيرة تدور بين حزب الله وحلفائه المسيحيين حول مواقف الراعي وتوقيت صدورها والهدف منها، لا سيما ان البطريرك لم يوضح موقفه اعلامياً ومن هو الفريق الذي يقوم باعمال ارهابية في لبنان؟ وهل يقصد حزب الله او فريق آخر؟ كما لم يرسل اي توضيحات لحزب الله، رغم وجود تواصل دائم بين حزب الله وبكركي.
وتكشف الاوساط ان رغم المطبات الكثيرة التي مرت بها العلاقة بين حزب الله والبطريرك، لم تمنع من استكمال العلاقة الشيعية مع بكركي ومرجعيتها، حيث لم يكن هناك يوماً قطيعة بين حزب الله وبكركي او المكون الشيعي وبكركي. وهو الامر الذي ينسحب اليوم على العلاقة بين حزب الله والراعي، حيث كان هناك تحضير لخطوة منذ ايام فرملتها مواقف عظة الاحد، وقد تعود لتبصر النور في مرحلة لاحقة، بعد ان تهدأ الامور وتتوضح الملابسات.