كتب البير خوري:
في اول خطاب له بعد انتخابه بطريركا للموارنة على كرسي انطاكيا وسائر المشرق،وحمل “مجد لبنان اعطي له”،رفع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي شعار”محبة وشراكة”.توسّم اللبنانيون خيرا،خصوصا وأن الشعار لم يأت على لسان سياسيين كذبة والأكثر وعودا “عالطالع والنازل” حتى اضحى لبنان سوق عكاظ للتحايل على السلطة والقوانين والشعب.
نسوق هذا الكلام بعدما شبع المواطن وعودا،ما سبق منها وبالتأكيد ما سوف يليها،وأقربها ما سيصدره سعادة النواب والقادة المسيحيين في لقائهم الروحي اليوم في بيت عنيا-حاريصا للصلاة والتأمل بدعوة من غبطته،علّ وعسى يلتقون على قواسم مشتركة يخرج بعدها الدخان الأبيض ببركات الروح القدس.
الأمل ضئيل،لا بل يقارب الصفر،نظرا لما يلتصق بضيوف بيت عنيا من اتهامات اخطر من أن يتحملها وطن بات على كف عفريت من الأنهيار الكامل،سياسيا واقتصاديا وماليا ومعيشيا..لكن اخطر الأتهامات،ان يتلكأ الساعون لبركة الروح القدس،عن القيام بأقدس واجباتهم وانتخاب رئيس للبلاد،وهي جريمة وفق الدستور اللبناني يستحق صاحبها السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
لا بدّ أن يذكّر غبطته كل القادة والنواب المسيحيين المجتمعين في بيت عنيا قول السيد المسيح”بيتي بيت صلاة وأنتم جعلتموه مأوى للصوص”،وأن يتذكر هؤلاء قول طفل مغارة بيت لحم ونجار الناصرة وصياد بحر الجليل وسواحل صيدون وصيدا وصور”جئت لأخدم لا لأٌخدم”..اغلب الظن ان احدا من هؤلاء ما زال يتذكر في مساره السلوكي كما في ممارساته السياسية أيا من هذه الأيات العظيمة في اسبوع الجمعة العظيمة وأن يعي ان أولى شروط الشراكة المصارحة،ومن شروط المحبة الصالحة.
لن استبق ما سوف يصدر من توصيات عن لقاء بيت عنيا الروحي،وما رافقه من صلوات وأفعال ندامة والرجاء بخلاص قريب للبنان من ألامع،هو المعلّق على خشبة الصليب منذ ثلاثة عقود تولى الحكم في خلالها خمسة رؤساء وحكومات تروح وتجيء،ونواب تمترسوا على كراسيهم،وجديدهم عاجز عن التغيير وسط اخطبوط الفساد المتمادي.
لم يدرك بعد أي من هؤلاء ان طريق بعبدا،وأن كانت جلجلة صعبة وقاسية لكنها سالكة أن ادركوا افرادا ومجتمعين،أن الدروب فيما بينهم اقصر مما هي تبدو سياسيا،وكل العراقيل بين بنشعاي وزغرتا ومعراب والصيفي والشالوحي وعين التينة والقصر الحكومي وساحة النجمة،كما بين البسطة وبرج حمود على سبيل المثال لا الحصر،سالكة وأمنة اكثر مما هي الى واسنطن وباريس واارياض وكهران ودمشق والدوحة..
كفى لبنان واللبنانيين”جمعات عظيمة” تكاد تتكرر كل يوم،معيشيا وحياتيا،ماليا وأمنيا،بما فيها من حرتقات سياسية تتفجر اشكاليات تجعل من السراكةوالمخبة والمصارحة والمصالحة مجرد شعارات فارغة لا تؤتي ثمارها لا في بعبدا ولا في كل المؤسسات المشلولة في جمهورية نخر الفساد حكامها وقادتها وناسها..وما تبقى من اوادم فيها،ممنوعين من الصرف حتى يقدّر الله ويعود لبنان”وطن النجوم”.