من الأمن العام.. الى دور وطني

الجريدة- رندلى جبور

الجريدة- رندلى جبور

في إحدى الجلسات مع اللواء عباس ابراهيم منذ عدة شهور، أسرّ لي بأنه لا يرغب بالتمديد له على رأس الأمن العام اللبناني، ولكن ذلك لا يعني أنه سيتقاعد.

“التقاعد” مصطلح مرتبط بموظف عادي، وليس برجل دولة خاض غمار المهمات الصعبة، ونجح في الكثير منها، حتى صار اسماً متصلاً بعمليات تحرير مخطوفين، ومكافحة الارهاب، وبعلاقات بين لبنان والخارج في ملفات دسمة، وبقدرة على التواصل مع كل الأفرقاء الأساسيين في هذا الوطن، وبتطوير على صعيد مؤسسة وطنية في حين تنهار باقي المؤسسات واحدة تلو الاخرى.

ترك اللواء ابراهيم المديرية بعد 12 عاماً، وهو سيستريح لفترة قصيرة بين كتبه، وبين قيادات تربطه بهم علاقات وجدانية وفكرية، قبل أن ينتقل إلى العمل السياسي والوطني من بابه العريض.

قد تكون مشكلة اللواء ابراهيم هي طائفته، كما الجميع في لبنان الطائفي. فهو خارج الهيكلية التنظيمية للثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”، ومع ذلك استطاع أن يشكل علامة فارقة في “بيته” و”البيوتات” الأخرى.

هو قريب من السيد حسن نصر الله، وفي المقابل يعتبر البعض أنه يشكل “خطراً سياسياً” على الرئيس نبيه بري، لكونه قادر على أن يكون في يوم ما مرشحاً قوياً إلى رئاسة مجلس النواب التي يحتكرها بري منذ عقود. وبناء عليه، قد يفضّل رئيس “أمل” إبعاده عن اللعبة.

ولكن من جهة أخرى، لست من المقتنعين بنظرية أن بري عرقل التمديد للواء في الأمن العام، لأن خروجه أخطر، إذ سيكون متحرراً من قيود المؤسسة الأمنية، وسيكون الملعب مفتوحاً أمامه أكثر لأداء دور سياسي أكبر.

بسرعة، طُرح اسمه كوزير محتمل للخارجية، بفعل علاقاته مع المتناقضات الاقليمية والدولية، وحاجة لبنان لمثل هذا “البروفايل”. ولكن هذا الحديث مبكر، إذ لا حكومة جديدة قبل انتخاب رئيس للجمهورية، ولا أفق واضحاً للانتخابات الرئاسية حتى الآن، و”يدرى مين يعيش” إلى حين تشكيل حكومة غير تلك الميقاتية المصرّفة للأعمال.

ويبقى الأكيد أن الذي لعب كل الأدوار الممكنة أثناء وظيفته الأمنية، لن يترك الساحة ويبتعد كثيراً… ستكون له أدوار أخرى ومواقع أخرى، وقد يكون أحد الوجوه البارزة عند التغيير الكبير الآتي، وهو حتماً سيأتي.

Exit mobile version