كتب كمال ذبيان في “الديار”:
منذ الاعتداء “الاسرائيلي” على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، بقصف ملعب رياضي قتل فيه 12 شابا وطفلا، وتوجيه العدو الاسرائيلي الاتهام الى حزب الله ظهر ان الهدف منه اشعال فتنة درزية – شيعية، لان سكان هضبة الجولان في بلداته الاربع هم من طائفة الموحدين الدروز، التي سارع قادتها السياسيون والروحيون من رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط ورئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” طلال ارسلان وشيخ عقل طائفة الموحدين سامي ابي المنى، الى رفض الاتهام “الاسرائيلي”. وكان جنبلاط اول من وضع الحادثة في اطار خلق صراع مذهبي واشغال حزب الله في اقتتال داخلي، وهو مطلب “اسرائيلي” قد تنزلق اليه اطراف لبنانية تحت عناوين شتى، منها مصادرة قرار الدولة في الحرب والسلم من قبل حزب الله، الذي فتح جبهة اسناد من الجنوب الى غزة في الحرب “الاسرائيلية” التدميرية عليها، تحت شعار “على طريق القدس”، فانبرى من يقول “ما لنا وفلسطين”، ويجب تحييد لبنان عن الحرب مع الكيان الصهيوني.
فكانت مجزرة مجدل شمس التي ارتكبها العدو الاسرائيلي بسقوط صاروخ فيها، كما تسقط صواريخ اخرى في داخل فلسطين المحتلة، وكان آخرها في مستوطنة نهاريا قبل ثلاثة ايام باعتراف الجيش “الاسرائيلي”، وهذا ما علنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته الاخيرة بذكرى اسبوع الشهيد فؤاد شكر، الذي اغتالته “اسرائيل” في شقة داخل احد الابنية في الضاحية الجنوبية، واتهمته بانه المسؤول عن قصف مجدل شمس. وقد اعاد السيد نصرالله نفي حصول ذلك، لكن العدو الاسرائيلي يعمل على ان تقع الفتنة الدرزية – الشيعية بدفع طائفة الموحدين اليها.
فالفتنة كانت دائما مشروعا “اسرائيليا” في لبنان، شجع عليها العدو الاسرائيلي بالحرب الاهلية واستغلال تركيبته الطائفية، وعقلية الحماية الخارجية لدى زعماء طوائف في لبنان وموروثه منذ احداث 1840 -186 بين الدروز والموارنة في جبل لبنان، وهو ما يحاول العدو الاسرائيلي تكراره في الجبل، وهذه المرة عبر افتعال اقتتال درزي – شيعي احتاطت له الطائفة الدرزية قبل حادثة مجدل شمس، بعقد “لقاء درزي” في بيصور قبل اكثر من شهر، وخرج بمواقف عبر عنها جنبلاط وارسلان، على ان الدروز هم دائما في موقعهم التاريخي الوطني والقومي، انطلاقا من دورهم في مقاومة الاحتلال بكل وجوهه والدفاع عن الشغور، فكان منهم زعماء خاضوا غمار المواجهة مع الاستعمار الفرنسي بقيادة سلطان باشا الاطرش والامير مجيد ارسلان وتموضع كمال جنبلاط مع فلسطين، وهو ما اكد عليه نجله وليد الذي قال بعد تعزيته برئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، ان كمال جنبلاط هو الذي رسم لنا طريق فلسطين ، ونحن سائرون عليها.
هذا الموقف الجنبلاطي التاريخي، والذي اكده في الضاحية الجنوبية اثناء تعزيته بالقائد الجهادي فؤاد شكر، حرك منزعجين من موقفه الداعم للمقاومة والرافض لرواية “اسرائيل” حول مجزرة مجدل شمس، كما تأكيده على ثوابت المختارة، فقام من سماهم قيادي في الحزب “التقدمي الاشتراكي” ب “مأجورين” بتوزيع مناشير تحمل صور ضحايا مجدل شمس مع صور لاحداث 11 ايار 2008 في الشويفات، ومذيلة بعبارة “سنثأر لهم يا حزب الله”، وتم التركيز على توزيعها في منطقة العمروسية التابعة لمدينة الشويفات، والتي يقطن فيها شيعة ومتداخلة مع الضاحية الجنوبية.
واصدرت وكالة الداخلية في “الاشتراكي” في الشويفات بيانا اشارت فيه الى ان المنشور الموزع هو “خطوة مشبوهة ومكشوفة” والهدف منه الفتنة، ودعت الاجهزة الامنية والقضائية الى كشف الفاعلين، وهو ما اكد عليه ايضا الحزب “الديموقراطي” اللبناني برئاسة ارسلان، الذي طالب بتحقيق فوري وكشف المتورطين في هذا العمل المشبوه وتحويلهم الى المحاكمة، لان هذا الموضوع لا يمكن تمييع التحقيق فيه او التستر عن الفاعلين، ويتم التداول باسماء بعضهم والذين صورتهم الكاميرات، وبعضهم معلوم من اطراف حزبية في الشويفات والجوار.
وتسارعت اللقاءات والاتصالات بين الاحزاب في الشويفات، والتي تلتقي دائما لمعالجة كل حادثة تقع او منع حصول احتكاكات لمنطقة تماس عاشت احداث 11 ايار 2008 وتم تطويقها بعقد مصالحات بين حزب الله و”الاشتراكي” او بين “الاشتراكي” و”الديموقراطي اللبناني”، فتكشف مصادر حزبية متعددة عن وجود مناخ سلبي ضد المقاومة، يغذيه رجال دين دروز متطرفون وآخرون كانوا سابقا في بيئة “الاشتراكي”، ولا يوافقون جنبلاط في مواقفه الاخيرة، والاجماع الدرزي على دعم المقاومة في فلسطين ولبنان واحتضان النازحين.
وتقوم وكالة الداخلية في “الاشتراكي” وفروعه في بذل الجهود ووضع كل الامكانات لاستقبال النازحين من الجنوب، الذين يبحثون عن اماكن آمنة سواء في الجبل او مناطق اخرى، وعقد رئيس ” الاشتراكي” النائب تيمور جنبلاط اجتماعا للمسؤولين في الحزب ونوابه، وطلب منهم تأمين السكن للنازحين، وحذر كل من يستغل ظروفهم لابتزازهم ماليا، فسارع مسؤولو الحزب الى تأمين بيئة حاضنة للنازحين، والتصدي لمن لا يريد وجودهم في الجبل ومحاصرة تحركهم، وهو ما تفعله احزاب اخرى فاعلة ك “الديمقراطي اللبناني” و”القومي الاجتماعي”.
يبقى ان مناشير الشويفات كانت دعوة للفتنة فتم وأدها، ويبقى على الامن كشف الفاعلين.