ملف عون… إنتقام من عهد أم بداية تغيير؟
كتب ميشال نصر في “الديار”:
في الداخل، جمود سياسي رئاسي بانتظار جديدٍ ما مِن خلف البحار، الممتدة من فرنسا الى قطر وباريس العاملتين على انضاج تحرّك جديد، لوضع القطار اللبناني “عالسكة”، كل منهما على طريقتها في خطين متوازيين، لن يلتقيا وان بارادة اميركية حتى.
وفيما الجبهة الجنوبية المشتعلة تقف على رصيف انتظار مصير غير محسوم بعد، تصعيدا او هدوءا، جبهة داخلية قديمة – جديدة اعيد اشعالها، عنوانها قضائي- مصرفي- حقوقي – مالي، ما خفي في كواليسها يفوق باضعاف ما ظهر من قرارات، اخفت وراءها بالنسبة للبعض حقيقة الحسابات الضيقة في الداخل، فيما بررها آخرون بالضرورية لعودة الانتظام الى “العدلية”، التي لم يكن ينقصها سوى دخول وزير العدل على الخط، ليكتمل “النقل القضائي بالزعرور السياسي”.
فقرار مدعي عام التمييز الذي “بيته من زجاج”، وفقا للعونيين ، ضد قاضية عهدهم غادة عون، حط مع رئيس “التيار الوطني الحر” في بكركي، حيث تم “التعريج” على الموضوع خلال الخلوة التي جمعت البطريرك وباسيل ، خصوصا ان المعطيات المتوافرة تدل الى ان القصة” اكبر من غادة عون واكبر”، وان الملف شائك ومتفرع،” كيف ما بتضرب ايدك بيطلعلك قصة”.
مصدر مطلع على حيثيات الملف المالي، اشار الى ان المسألة اكبر مما يحكى عنه، وان مدعي عام جبل لبنان قد تكون ضحية من ضحاياه في احد جوانبه، خصوصا ما حكي عن رشى وعمولات، متابعا ان الملف مرتبط بامور اخطر تصل الى شركات وصفقات وتغطيات سياسية، و “حليب سباع حزبي”، قد حان قطاف رؤوسه على ما يبدو، ذلك ان ثمة من يربط قرار النائب العام التمييزي “بنقطة” مصدرها خارج الحدود، وهو ما قد يؤدي الى تدحرج هذا الملف لما هو ابعد من مودعين وسمسرات وعمولات وتسريب “داتا” و “تسكير” حسابات.
وكشف المصدر ان النيابة العامة التمييزية تعد ملفا حول جوانب القضية ككل، تمهيدا لاصدار قرارات استدعاء وادعاء وتوقيف لاشخاص متورطين “من ذوي الصفة” بالادلة والبراهين، وهو ما قد يترك تداعيات سياسية في الداخل والخارج، غامزا من قناة رفع جهات خارجية “حمايتها” عن البعض، وهو ما سهل اتخاذ الخطوة ضد غادة عون وما سيتبعها.
واستبعدت المصادر ان خطوة الحجار لن يكون مصيرها كشبيهتها التي اتخذها المدعي العام السابق الرئيس عويدات، التي انتهت يومذاك الى تسوية ادارتها المديرية العامة لامن الدولة بغطاء من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، معتبرة انها “بلشت مش لتوقف هالمرة”، مبدية اعتقادها بان “الريسة عون سترضخ، لان التيار الوطني الحر وان خاض المواجهة معها اعلاميا من باب حفظ ماء الوجه، الا انه يبقى غير معني، وان كان بعض المتورطين من” رموز” صفوفه”، لان مربط الخيل يبقى في مكان آخر.
اوساط في “التيار الوطني الحر” وضعت ما يحصل مع مدعي عام جبل، في اطار كونه قرارا واضحا من” ثلاثي الحكم”،” بتصفية وتطهير” ما تبقى من الحالة العونية في الجسم القضائي، بعدما” نقل” الكثيرون من المحسوبين على الرابية “البندقية” اما ترهيبا او ترغيبا، شأنه شأن الكثيرين من “ناكري الجميل” الذين باعوا الرئيس عون بثلاثين من فضة.
وتابعت الاوساط بان ميرنا الشالوحي تملك الكثير لتفعله في هذا المجال، مؤكدة انه لن يسمح باستفراد غادة عون، التي شكلت رأس حربة ورمزا في مشروع رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون في حربه ضد الفساد والفاسدين، كاشفة الى ان “المركزية” تشهد اجتماعات واتصالات ودرس لكافة الخيارات، بما فيها التحركات الشعبية التصعيدية، ردا على الخطوة التي اتخذها من يستحق فعلا “الضرب بالحجارة”.
من جهتها، ينقل مقربون عن القاضية عون، ان المطلوب منها هو “دبح نفسها،” ذلك ان تنفيذها لقرار المدعي العام يعني عمليا اقرارها بالمخالفات وهو لن يحصل، اما اذا كان المطلوب هو احراجها لاخراجها عبر دفعها الى تقديم استقالتها، فان ذلك لن يحصل ايضا، لان قرارها واضح بالالتزام بقسمها الذي يحتم عليها النظر في كل ادعاء يقدم لها، وبالتالي فليتحمل من يتقاعس عن تنفيذ استناباتها القضائية المسؤولية الكاملة عن “تمرده” على القانون، خاتمة بان عون تعتبر نفسها “مجرمة” متى استنكفت عن احقاق الحق.
فهل ما يحصل هو عملية انتقام من عهد انتهى وتصفية تركته في الدولة فقط؟ ام ان ثمة ما هو ابعد من ذلك يطبخ بين الداخل والخارج، “راس” غادة عون اول غيث حبله الجرار؟
الايام والاسابيع المقبلة كفيلة بفصل الخيوط وايضاح الصورة، خصوصا مع تظهر صورة الموقف الخارجي “حيث استقوت الريسة عون ومن معها ذات يوم”.