ملعب المدينة الرياضية جاهز في آذار: حلم سيتحقق أم «خبرية» جديدة؟

ملعب المدينة الرياضية جاهز في آذار: حلم سيتحقق أم «خبرية» جديدة؟

ما إن انتهت الحرب الإسرائيلية على لبنان وفي خضمّ لملمة الجراح وعودة النازحين، ورد خبر لم يأخذه كثيرون على محمل الجدّ، ملعب المدينة الرياضية قيد التأهيل. ظنّ كثيرون أنها واحدة من المحاولات العديدة التي حصلت سابقاً ولم تبصر النور. لكن مع مرور الأيام، تبيّن أن الموضوع أبعد من مجرد محاولة. تحوّلت المسألة من «خبرية» إلى حقيقة: ملعب المدينة الرياضية سيعود إلى الحياة

من الصعب الإجابة عن سؤال قد يطرحه عليك أحدهم: متى آخر مرة أقيمت مباراة على ملعب المدينة الرياضية؟ تحتاج إلى محرّك «غوغل» أو ذاكرة أحد الأشخاص، أو معلومة من أحد القيّمين على المنشأة. الجواب عام 2020. خمس سنوات، خرجت المدينة الرياضية عن الخدمة فتآكلت وأصابها الهريان فكانت عرضة للإهمال والسرقة… واليأس.

في آب من العام 2024 ورد خبر تعيين الدكتور ناجي حمود مديراً عاماً للهيئة العامة للمنشآت الرياضية والكشفية، خلفاً لمحمد عويدات. لم يعوّل كثيرون على الخبر معتبرين أن تعييناً بالزائد أو بالناقص ومدير عام جديد آخر لن يغيّر في واقع الحال المزرية للمدينة الرياضية في بيروت تحديداً. انشغل الناس بالحرب وخصوصاً بعد انتقالها من حرب إسناد إلى عدوان همجي إسرائيلي بدءاً من 23 أيلول 2024، فأصبح الهاجس الأمني والحياتي هو الأساس عند اللبنانيين، ولم يعد أحد يكترث إلى ما هي نتائج تعيين مدير عام جديد لمنشأة صُنّفت في خانة «الميؤوس منها» بالنسبة إلى الشعب اللبناني.

لكن ما إن انتهت الحرب حتى تقدمت المدينة الرياضية إلى الواجهة بعض الشيء في ظل حديث عن إعادة تأهيل الملعب. صور وفيديوات على مواقع التواصل الاجتماعي تصوّر العمل القائم.

ظن البعض أنها صور مركبة، وآخرون أنها شغل «فوتوشوب»، لكن الحقيقة على أرض الواقع تثبت عكس ذلك. بالفعل، ملعب المدينة الرياضية قيد التأهيل. هنا لا بد من التوضيح أن الحديث عن التأهيل لا يعني المدينة الرياضية بالكامل، بل ملعب كرة القدم والمرافق الأساسية فيه من غرف حكام ولاعبين وإداريين. أضف إليهم ملعب كرة السلة الذي أيضاً جرى تأهيله.

تُفاجأ حين تُطلّ على الملعب من أعلى المدرجات خلف المرمى الشمالي للملعب. هل هذا هو الملعب نفسه الذي زرناه قبل حوالي سنتين في جولة للإعلاميين بعد تعيين محمد عويدات مديراً عاماً خلفاً لرياض الشيخة الذي أحيل إلى التقاعد؟ أين الحشائش والأعشاب الضارة؟ أين الأوساخ والقاذورات المنتشرة في المدينة الرياضية؟ أين وأين وأين….؟
ملعب المدينة الرياضية أصبح عبارة عن سجادة بلون بني بعد جرف الأعشاب وتنظيف الملعب ووضع البذور الجديدة فيه.

مجموعة أسئلة تخطر على بالك لدى حديثك إلى المدير العام الدكتور ناجي حمود: كيف حصل ذلك، ولماذا الآن ولماذا لم يحصل سابقاً…؟

يكتفي حمود بهذه الإجابة ولا يرغب في الغوص في تفاصيل الماضي والأسباب التي أوصلت المدينة إلى ما وصلت إليه، مكتفياً بعبارة «الجميع يعلم هذه الأسباب».

لكن يستفيض حمود في الحديث عن أسباب القيام بهذا المشروع الآن. «أنا رجل ملفات وقررت منذ تعييني في شهر آب 2024 أمراً رئيسياً: إما أن أُنجز العمل المطلوب مني أو أستقيل. أعطيت نفسي مهلة ثمانية أشهر إلى سنة. جاءت الحرب الإسرائيلية وأخّرت عملنا. وبعد الحرب انطلقت الورشة، وملعب كرة القدم سيكون جاهزاً في شهر آذار المقبل».

يبدأ الدكتور حمود حديثه عمّا تم تحقيقه من قاعة كرة السلة التي جرى تأهيلها وتنظيفها وصيانة مرافقها وتأمين الكهرباء لها من مولدات خاصة وأصبحت شبه جاهزة لاستضافة المباريات. «تحتاج إلى لوحات إلكترونية، لكن بإمكان أيّ جهة تريد استخدام الملعب تأمينها. اتحاد كرة السلة قد يعتمد الملعب لنافذة المنتخب المقبلة في تصفيات كأس آسيا الشهر المقبل» يقول حمود لـ«الأخبار».

ملعب كرة القدم قصة بذاتها
ننتقل للحديث عن ملعب كرة القدم وما تم تحقيقه خلال فترة الشهر ونصف الشهر منذ انتهاء الحرب، وكيف أنجزت الأمور بهذه السرعة. «أنا أعرف المدينة الرياضية منذ كان عمري 12 عاماً وفي العام 1997 حين كنت رياضياً في ألعاب القوى ومن ثم مدرباً لفريقَي الجيش وإنتر ليبانون في «أمّ الألعاب». وأعرف كل زاوية في المدينة الرياضية، لكني لم أكن أتوقع أنها أصبحت تعاني هذا الحجم الكبير من المشاكل والسرقات. حين تمّ تعييني وضعت خطة لم يكن من السهل تطبيقها وخصوصاً أن بعض الأطراف المعنية لم تكن متعاونة. وجدت أن هناك ثلاث مشاكل أساسية يعاني منها ملعب كرة القدم: المجاري والكهرباء وعدم وجود مياه حلوة للري.

المشكلة الأولى تكمن في تعطل المجاري وخروجها عن الخدمة منذ سنوات. مشكلة الكهرباء تتعلّق بعدم وجود كهرباء «الدولة» نتيجة لسرقات الكابلات التي تكلّف حوالي مليون دولار. المشكلة الثالثة تتعلق بالمياه المالحة التي هي متوفرة في المدينة.

تمت حلحلة المشاكل واحدة بعد أخرى وبإمكانيات بسيطة وبحلول متوسطة وبمساعدة أصدقاء تحمسوا لفكرة عودة المدينة الرياضية.

عانينا لتأمين الكهرباء لطلمبات المياه للري. ونقلنا المولد الكهربائي الخاص بمكتبي ليؤمن ضخ المياه الحلوة التي يتم تأمينها من بعض الداعمين للمشروع. وجرى بذر الملعب ببذور شتوية وشتلات صيفية، وسيكون الملعب جاهزاً بعد شهر ونصف شهر. في هذا الوقت سيكون العمل جارياً على تأهيل المرافق الأساسية» يقول المدير العام للهيئة العامة للمنشآت الرياضية والكشفية.

وحين تسأله عن كلفة المشروع، يجيبك «ستتراوح بين 35 و40 ألف دولار ويتم تأمينها من موازنة المدينة الرياضية».
ينتهي الحديث مع الدكتور حمود، لكن لا تنتهي التساؤلات. لماذا لم يحصل هذا العمل قبل سنوات طالما أنه ممكن؟ لماذا ضاع كل هذا الوقت ومن المسؤول؟ من يحاسب؟

أسئلة عديدة وغيرها تخطر على بالك. جوابها معروف، ولكن في الوقت عينه يتم تجهيله.

هذا هو لبنان.

عبد القادر سعد- الاخبار

Exit mobile version