كتب اسكندر خشاشو في “النهار”:
عادت مسيّرات “حزب الله” الهجومية إلى الواجهة من جديد بعد الهجوم الأخير الذي نفذه الحزب على عكا، في ظلّ عجز الدفاعات الجوية الإسرائيلية المتطورة من التعامل معه.
لا يكشف “حزب الله” عن تقنياته وأسلحته، والمعلومات شحيحة في هذا الإطار، ولا يفصح إلا عن القليل منها، علماً بأن العملية النوعية التي قام بها في نيسان الماضي على موقع عرب العرامشة كشفت عن نوعيّة الطائرة المسيّرة المتطوّرة التي نفّذت الهجوم.
وبحسب موقع “Breaking Defense” الأميركي المتخصّص في الشؤون العسكرية، فإن “المسيّرات هي من بين الترسانة الكبيرة لحزب الله التي تتمتّع بالجودة والتنوّع، والتي يمكن أن تغطي بسهولة على الدفاع الجوي الإسرائيلي”.
في الشهر الثاني من العام 2022، كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن أن حزب الله “بدأ منذ مدة طويلة تصنيع الطائرات المسيّرة في لبنان”.
ولكن “حزب الله” استعمل هذا السلاح منذ ما قبل حرب تموز. فقد أعلن الحزب عن المسيّرة المسمّاة “مرصاد”، التي حلّقت في أجواء إسرائيل عام 2004، والتي تتميّز بـ 3 أجيال لمهمات المراقبة والتجسّس، ويمكن إطلاقها عبر مدرج متحرّك أو بوساطة حشوة صاروخية دافعة.
وبحسب بيان رسمي للحزب، عبرت المسافة من جنوبي لبنان باتجاه “#ديمونا” في النقب. وفي عام 2012، أعلن عن امتلاكه للمسيّرة “أيوب” التابعة للقوة الجوية في المقاومة الإسلامية، ونواتها إيرانية، لكنّ تجميعها لبنانيّ على يد الشهيد في حزب الله حسين أنيس أيوب.
وأحدثت مسيّرة “حسان” عام 2022 خرقاً في أنظمة الرصد الإسرائيلية، حيث حلّقت المسيّرة التي حملت اسم المهندس حسّان اللقيس (قيادي في حزب الله وصاحب الدور الأساس في تطوير هذا السلاح) لنحو 40 دقيقة فوق شمالي إسرائيل متجاوزةً مرّة ردارات الاحتلال عند الحدود، ومرّة ثانية، القبة الحديدية و”الباتريوت” والرادارات، التي تفعّلت لكن من دون جدوى، لتعود المسيّرة بسلام من حيث أطلقت من لبنان، مع كلّ ما حصدته من مخزون معلوماتيّ.
واستخدم “حزب الله” سلاح المسيّرات على شكل رسائل، إذ أرسل المسيّرات مختلفة الأحجام إلى حقل “كاريش” في البحر المتوسط، وكانت على اسم الشهيدين جميل سكاف ومهدي ياغي، أثناء عملية الترسيم بين لبنان وإسرائيل.
وبحسب معهد “الما” الإسرائيلي وعدد من المعاهد الأميركية، فإن “حزب الله” يمتلك مسيّرات ذات تقنيات إيرانية، وأخرى مستنسخة عن التقنيات والطائرات الأميركية.
مسيّرة “ياسر”: وهي مستنسخة عن “إيغل” الأميركية؛ ويبلغ مداها 40 كيلومترًا. تنفّذ هذه المسيّرة مهام الاستطلاع، وهي مزوّدة بمنظومة حماية من التشويش.
2- مسيّرة “أبابيل”: يُصنّعها “حزب الله” منذ عام 2004؛ تُنفّذ مهام مراقبة وتجسّس. ويتمتّع الجيل الثالث منها بقدرة على حمل 45 كيلوغراماً من المتفجّرات.
3- مسيّرة “شاهد 129”: تُشبه المسيّرة الإسرائيلية من نوع “هرمس”؛ ويبلغ مداها نحو 2000 كيلومتر، وهي مُجهّزة بأربعة صواريخ موجّهة. وهذه المسيرة كان لها دور بارز في الحرب الروسية – الأوكرانية، حيث استعملت بكثافة.
4- مسيّرة “مهاجر”: هي مسيّرة استخباراتية، يُمكن تشغيلها باستخدام الليزر. يمتلك “حزب الله” أربعة أجيال من هذه المسيّرة، التي يمكنها الوصول إلى عمق 150 كيلومتراً، وتمتلك جهازاً لمنع التشويش.
بالإضافة إلى ذلك، هنالك المسيّرة الصغيرة “هدهد”، وهي إحدى الطائرات المسيّرة، إيرانية الصنع والتصميم، وهي فرد من عائلة تتكوّن من هدهد1، وهدهد 3.
وبحسب الإعلام الإيراني، تمّت صناعة هذه الطائرة من بدن بطول 150 سم، وجناح يبلغ طوله 190 سم. يمكن لهذه المسيرة التحليق لفترة 90 دقيقة، ويبلغ مداها 30 كيلومتراً، ويستفاد منها في تحديد إحداثيّات تجمعات العدو وعتاده.
تمتاز طائرة هدهد-1 بخصائص عدة، منها أنّها مزودة بأحدث تقنيات التصوير الفوتوغرافي، وتمتاز بصغر حجمها وصغر المقطع الراداريّ، الأمر الذي يصعّب اكتشافها وتتبعها ومحاولة إسقاطها بصواريخ الدفاع الجويّ.
يشير “Breaking Defense” إلى أنّ “تكنولوجيا الطائرات من دون طيار التابعة لحزب الله متطورة للغاية”.
ويستنتج الدروس من الحرب في ناغورنو كاراباخ، وفي أوكرانيا، حيث كانت المواقع الثابتة والتجمّعات الكبيرة للقوات عرضة لخطر الطائرات من دون طيّار. ويشدّد الموقع العسكري على أنّ مسيّرات “حزب الله” يمكن أن توفّر له قدرات المخابرات والمراقبة والاستطلاع، وتنفيذ المهمات الهجومية.
وعن الدفاعات الجوية الإسرائيلية وتعاملها مع المسيّرات”، أكد الموقع العسكري أنه في حال أطلق “حزب الله” عدداً كبيراً من الطائرات من دون طيار مع تغطية بالنيران السريعة، فيمكن أن يتم تجاوز القبّة الحديدية ونظام الاعتراض بالليزر الجديد الذي تحاول “إسرائيل” إدخاله إلى الخدمة.
وأشار إلى أن ثغرات يواجهها نظام الاعتراض الإسرائيلي، إذ إنّ “القبة الحديدية” صمّمت بشكل أساسي للتعامل مع التهديد الصاروخي. وعلى الرغم من أنها طُوّرت من أجل التصدّي للطائرات المسيّرة، فإنّه لم يتمّ اختبارها بالفعل بعد. وبشأن منظومة الليزر، لفت الموقع إلى أنّ “Iron Beam” التي تستخدم تلك التقنية لمواجهة هجمات الطائرات من دون طيار، لم تنضج بعد.
إلى ذلك قالت القناة (12) الخاصة، إن الطائرات المسيرة الانتحارية التي يطلقها “حزب الله” تمثل تهديداً يتعذر على منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية مواجهته.
وأضافت القناة في تقرير لها: “بعد أشهر على اندلاع الحرب، يقدم “حزب الله” قدرات جديدة ضد الجيش الإسرائيلي، الذي يجد صعوبة في التعامل مع التهديد”.
ومن المفترض أن يعترض هذه المسيرات نظام دفاعي إسرائيلي متعدد الطبقات، يتضمن مجموعة من بطاريات القبة الحديدية والطائرات والمروحيات الحربية.
لكن “حتى الطائرات المقاتلة المزودة بصواريخ جو-جو المتقدمة يصعب عليها اعتراض المسيرات بسبب الارتفاع المنخفض والسرعة البطيئة وصغر حجم الطائرة المسيرة”، وفق القناة (12).
وفي 4 تموز الماضي، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن تحقيق داخلي للجيش، بأن “سلاح الجو أخفق في إسقاط مسيرات أطلقها حزب الله نحو منطقة كاريش.
وبرأي الخبير العسكري العميد ناجي ملاعب فإن “حزب الله” يعتمد حالياً على الجيل الثالث من المسيّرات، وهي مسيّرات غير مرتبطة، لا بالمشغّل، ولا بالـ “جي بي أس”، وبالتالي لا يوجد لها ذبذبات تدلّ على مسراها أو أين يمكن أن يكون هدفها”.
ويقول: “تستطيع هذه الطائرات التشويش على القبة الحديدية، ولا يستطيع الرادار التقاطها، وهي نوع جديد غير معروف بالسابق”.
ويشير إلى أن “طريقة إرسال المسيّرات بهذه الكميات نجح في تضليل القبة الحديدية، وسقوط صاروخ القبة في نهاريا دليل على هذا النجاح”.