مسرحية شوهدت بأم العين وبحقيقة فاعلة …
كتبت فاطمة شكر مركز بيروت للأخبار هذا اليوم
كل المؤشرات تؤكد أن الرد الإيراني حقق اهدافه التكتيكية والإستراتيجية، وفرض معادلات جديدة و قواعد اشتباك جديدة، وتهشيم ما تبقى من هيبة «إسرائيل» وقوّتها الردعية، وكشف عجزها على الصمود والبقاء من دون الدعم الأميركي…
مما لا شك فيه أن كل الكلام عن الرد الإيراني بأنه مسرحية غير منطقي لا بل الغاية منه هو احباط شعوب العالم الحرة وخاصة في العالم العربي والإسلامي وتسخيف للنتائج لغايات تدخل ضمن الپروپكندا الإعلامية وضمن سياق ميديا الاعلام ، وما كل الضغوطات التي تمارس على ايران منذ الرد الإيراني إلا دليل واضحٌ على مدى الهزيمة التي مني بها العدو ناهيك عن انّ هذا الردّ الإيراني الذي استهدف قواعد عسكرية وأمنية داخل فلسطين المحتلة، جاء ليؤكد أن كل الدول التي شاركت في رد الهجوم الإيراني عن الكيان المحتل هي شريكة في العدوان على غزة ، كل هذا أدى إلى كشف المستور لدى الكيان بما يعطي دليلاً واضحاً بأن اسرائيل لم تعد دولة قائمة بحد ذاتها دون أي دعم مطلق من دول كبرى والتي ساعدتها في ردها على ايران بتشغيل منظوماتها الدفاعية ضد ما قامت فيه الجمهورية الإسلامية ، ف اسرائيل التي كانت في الماضي تبطش بكل ما لديها من قوة ذاتية دون حاجة لأي دول كبرى للمشاركة في الحرب ،كما كان في الماضي البعيد في مواجهة الدول العربية مجتمعة وهو دليل على ان الحروب الماضية ومنذ اقامة دولة الكيان وحتى يومنا هذا ما هي إلا دليل على أنها كانت تستعين بهذه الدول الكبرى ، لكن ما أبرزته الايام القليلة الماضية بأنّ اسرائيل في هذه الحرب منذ السابع من اكتوبر لم تكن تتواجد على الارض على المستوى العسكري وحدها ، بل كانت هناك دعائم من جيوش عسكرية اخرى ومن اختصاصين في الحرب ك اميركا وبريطانيا وربما هناك قوة فرنسية ايضا تشارك في البحر المتوسط فيما يوصف بالرد على ايران ، كل ذلك من دعم ومساندة ومشاركة ل اسرائيل لمواجهة الرد الإيراني ،جابهه هذا الترابط الدولي المقاوم لوحدة الساحات ومحور المقاومة ضمن اطار واحد لمنظومة الصواريخ دون دخول دول المحور لا سيما وحدة الساحات المقاومة وليس حرباً هجومية لما لها من معنى عسكري شامل للهجوم .
وبغض النظر عن كل الدعوات التي وجهت إلى إيران يقول المصدر ” أن ايران قررت رغم كل التحذيرات الدولية ، وهذا يؤكد شجاعة وصلابة القيادة الإيرانية وقدرة الحرس الثوري على خوض المواجهة مع الكيان والولايات المتحدة الأمريكية .
ويتابع المصدر السياسي أن ” الردّ الإيراني والطريقة العسكرية المبدعة في تنفيذه يؤكد تطوّر قدرات إيران في الهجوم وضرب العمق الصهيوني رغم كل استنفار وجهوزية الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية والغربية، التي كانت على علم بالردّ الإيراني قبل 72 ساعة من بدئه، إلا أن الصواريخ الإيرانية وصلت الى الأهداف العسكرية والأمنية الإسرائيلية التي حدّدتها، وهذا ما صدم العدو .
ويؤكد المصدر السياسي أن ” الضربة العسكرية التي وجهتها إيران إلى اسرائيل أسقطت هيبة وقوة الردع الإسرائيلية واظهر مدى هشاشة «إسرائيل» وضعفها وحالة الرعب التي منيت بها ك كيان ومستوطنين .ويتابع المصدر أن “اسرائيل لا تستطيع الدفاع عن نفسها بمفردها ولولا تدخل الولايات المتحدة والدول الغربية التي شاركت برد الهجوم الإيراني لما صمدت وبقيت ، والضربة الإيرانية جاءت لتؤكد أن زمن الغطرسة الاسرائيلية قد ولى ، وان انتهاكها لسيادة الدول سيقابل بالرد ،ناهيك عن هذا الرد أثبت ان الكيان لا يفهم إلا بالقوة والرد .
من جهة ثانية يؤكد خبير عسكري أن الرد الإيراني فرض
معادلات جديدة في الصراع مع الكيان الصهيوني وحليفته الولايات المتحدة ووضعتهما بين أمرين :
أولاً: إما الذهاب إلى الحرب الواسعة وما تعنيه من تدمير للقواعد والمنشآت الأميركية في المنطقة، وكذلك تدمير للكيان الصهيوني، الذي سيواجه القصف وانهمار الصواريخ عليه من الجهات كافة من قبل دول محور المقاومة.
ثانياً: الردع والخوف من الإقدام على الذهاب إلى الحرب، وبالتالي الخضوع لقواعد الاشتباك الجديدة التي فرضها الردّ الإيراني، بعد ان ظهرت قوة الردع الإيرانية لأول مرة على هذا النحو و الذي أكد تحوّل إيران إلى قوة إقليمية كبرى لا يمكن تجاهلها أبداً .
على الارجح انّ واشنطن اختارت ان لا تدخل في حرب واسعة مع كيان الاحتلال ضد ايران ومحور المقاومة ، لأنها أدركت وتدرك خطورة السماح للكيان بالردّ على الضربة الإيرانية، في ظلّ القرار الإيراني في الذهاب إلى ردّ أقوى وأشدّ على ايّ اعتداء يستهدف الأراضي الإيرانية او ايّ من قادتها ومنشآتها في ايّ بلد في العالم، وصولاً إلى جهوزيتها للذهاب إلى الحرب إذا ما اختارتها واشنطن وتل أبيب.
من هنا يستنتج بأن الرد الايراني كشف عجز القوتين الأميركية والصهيونية، امام إرادة وجرأة وشجاعة القيادة الإيرانية وبقية أطراف محور المقاومة، و عززت موقف المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني الصامد منذ ٧ أشهر ، وأكدت لهما أنهما يستندان إلى قوة إقليمية حقيقية تجسّدها الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أثبتت وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية منذ زمنٍ بعيد ، واكدت أن القضية الفلسطينية هي حق مشروع ولا تراجع عنها ، وان الدعم الأمريكي والغربي للكيان لن يثني دول محور المقاومة وعلى رأسها ايران من الدفاع عن فلسطين ونصرة شعبها المظلوم ، وعدم تركها وحيدة في مواجهة هذا الوحش الصهيوني والأمريكي ، وانها ستقف إلى جانبها مهما كلف الأمر.
وعليه ، يتابع المصدر قوله بأن ” الرد الإيراني يستبعد ردا اسرائيلياً في هذه المرحلة لان الرد ستكون له ابعاد سياسية واقليمية في هذا التوقيت من ما له من أسباب إذا حصلت ، فستتحول المنطقة ككل إلى فوضى لمعسكرات ومقاومات تختلف اهدافها ومعاييرها الحربية حسب التوقيت في الزمان والمكان على القاعدة التي بدأت فيها ردود الفعل الخاصة في منهجية المقاومات الشاملة، وربما الدخول في حرب اقليمية وحتى دولية لا تريدها الولايات المتحدة الأميركية خاصة وأن اسرائيل لم تكن لوحدها في هذه الحرب ولن تستطيع ان تكون لوحدها في اي حرب اخرى ، لذلك يستبعد الرد الآني وربما يتجه الجميع لمفاوضات قد تسمح ب تذليل بعض العقبات للمفاوضات الجارية مع الوسطاء من قطر وغيرها ضمن سياق الضغط على الكيان الصهيوني ولا سيما ان الضغوطات الداخلية للشارع الإسرائيلي والذي يشكل ضغطاً على الحكومة الاسرائيلية لملفات متعددة خانقة عليها منها موضوع الاسرى والرهائن وأسباب عقائدية اخرى مؤثرة على دولة الكيان .ربما تتراجع اسرائيل وتتماشى مع القرارات الدولية لمجلس الامن وغيره ، وأيضا من خلال الدبلوماسية الناعمة التي يعمل من اجلها لحل هذه الأزمة التي ادخلت اسرائيل في ورطة كبيرة منذ عدوانها على قطاع غزة .
و يشير المصدر إلى ان ” ما جرى من رد فعل إيراني على مستوى القصف الذي شنته ايران والذي قدر بأكثر من ٥٠٠ ضربة عسكرية اصابت ما اصابت – ” تصريح ل غالنت ليلة البارحة ” أنها كانت ضربة استراتيجية على مستوى التكتيك العسكري ضمن منظومة المحافظة على قوة الردع والحفاظ على قواعد الاشتباك، ولو ارادت ايران ان تفعل اكثر من ذلك لفعلت لكن المجريات و المعطيات التي اتخذت بالتوازي وبالتوازن الاستراتيجي لما له من مصلحة في الذهاب إلى مفاوضات بشروط المقاومة في غزة ليس إلا…لكنها في النهاية مسرحية مميزة عرضت على مسرح الحقائق الدولية المستجدة في المنطقة ، وهي ان كانت سميت بمسرحية فإنها تشاهد بأم العين وبحقيقة فاعلة .