كتب كمال ذبيان في “الديار”:
تحركت انتخابات رئاسة الجمهورية، بعدما حدد الرئيس نبيه بري موعداً للجلسة 13 في 9 كانون الثاني المقبل، مع احتمال انجاز الاستحقاق، كما ينقل زوار عين التينة عن رئيس مجلس النواب، الذي يؤكد على التوافق حول مرشح قبل الموعد، فيسهّل حصوله، وينتهي الشغور الرئاسي، الذي يكون مضى عليه حوالى عامين وشهرين.
ودخل لبنان في الورشة الرئاسية من خلال اجتماعات الكتل النيابية، وتواصلها مع بعضها، واعلان النائب نعمت افرام ترشحه رسميا، فيما المرشحون الآخرون رُشحوا من قبل حلفائهم، كرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، الذي خاض التنافس مع الوزير السابق جهاد ازعور، الذي تقاطعت على اسمه ما يسمى بـ “المعارضة” مع “التيار الوطني الحر”، دون ان يقدم برنامجه او يعلن ترشحه، وهو ما ينطبق على فرنجية، الذي يُعتبر مرشحا دائما منذ عقدين من الزمن.
وخلال الفترة الفاصلة عن موعد الانتخاب، سيتحرك المرشحون لمعرفة حظوظهم بالفوز، وتأمين 86 صوتاً في الدورة الاولى، ومن بين هؤلاء، رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي سبق له وترشح في العام 2014، ولم يحصل على الاصوات التي تؤمن له الفوز، فانكفأ لمصلحة العماد ميشال عون عبر “اتفاق معراب” الذي أبرم بين “القوات اللبنانية” و “التيار الحر” في مقر جعجع في معراب، وامّن وصول عون الى رئاسة الجمهورية، الذي تفاهم مع “تيار المستقبل” برئاسة الحريري في العام 2016.
ولا يخفي جعجع طموحه الرئاسي، الذي حاول النائب ملحم رياشي تسويقه مع نهاية ولاية الرئيس عون، على انه يملك “المواصفات المسيحية”، كصاحب اكبر كتلة نيابية مسيحية، وكرئيس “مسيحي قوي”، كما كان يطالب عون وتياره، اضافة الى ان اسمه من بين الاسماء الاربعة التي اقر اجتماع بكركي، انها تمثل المسيحيين وهم الى جانب جعجع كل من: العماد عون والرئيس امين الجميل وفرنجية، وهذا ما يؤهل احد من الاسماء الاربعة للترشح.
ولماذا يعود جعجع ليطرح نفسه ولو بشكل غير رسمي مرشحاً لرئاسة الجمهورية، لانه يرى ان الظروف السياسية تبدلت، وتغير التوازن الداخلي بين فريق “السياديين” وفريق “الممانعة”، لمصلحة الاول، كما يقول رئيس القوات لزواره، وعبّر عن ذلك في مواقف له، فلم يعد الثنائي “امل” و”حزب الله” يستطيعان ان يعطلا الانتخاب الرئاسي، ولا فرض مرشحهما، وحسنا فعل الرئيس بري بالدعوة الى جلسة انتخاب وبجلسات متتالية، وهو مطلب للمعارضة، وهي اشارة الى ان الوضع السياسي بدأ يميل الى مصلحة “القوات اللبنانية” وحلفائها. وباتت ورقة الرئاسة الاولى بيدها، فما كان قبل الحرب الاسرائيلية مع “حزب الله” ووقف اطلاق النار، وما جرى في سوريا، لم يعد بعده، لان “محور المقاومة” خسر ليس في لبنان فقط، بل بالمنطقة كلها، يقول جعجع الذي يقدم نفسه كمرشح لمن يلتقيه لكنه يدرس معركته وظروف ترشحه، فاذا تأمنت له الاصوات التي يفوز فيها، فلن يتأخر عن الترشيح، وهو مدّ خطوط تواصل مع “كتلة اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط، واعاد خطوطه مع الرئيس بري، الذي ما زال يؤيد ترشح فرنجية، ويستجمع المعطيات، حول استمرار هذا الترشيح، وهو يترك القرار لفرنجية نفسه، بمتابعة ترشحه او الانسحاب.
لكن هل يمكن لترشح جعجع اذا حصل ان يؤمن التوافق حوله، وتأمين فوزه فان مصدراً نيابياً مطلعاً على مواقف الكتل النيابية، يؤكد ان حظوظ جعجع ضئيلة، وان من يؤيده هم 31 نائباً، ولا يمكن ان يرفع العدد، وبالتالي فانه قد يعيد النظر في ترشحه ليصبح صانع رئيس جمهورية، بتقاطعه مع كتل نيابية.
فتبدل موازن القوى السياسية، ليس لمصلحته، كما يظن جعجع، الذي ينطلق من معطيات الخسارة التي لحقت “بمحور المقاومة”، لان الداخل اللبناني، لا يؤمن له التوافق، كما ان الخارج المؤثر في لبنان، لم يطرحه رئيساً للجمهورية، على عكس اسماء اخرى متداولة، تلقى تأييداً من دول. غير ان ارتكاز جعجع على تحولات في سوريا، بسقوط النظام فيها، ووصول الى السلطة في سوريا “هيئة تحرير الشام” بادارة تركيا فان لبنان سيتأثر بما حصل، وقد يكون مساعداً لجعجع شعاره “فليحكم الاخوان”.