مراحل مختلفة على حرب غزة… “كزدرة” آموس ومساعدات بالمظلة

كتب مبارك بيضون

كتب مبارك بيضون

لم تزل آلة الدمار الإسرائيلية تنتهك الإنسانية في أبشع الصور التي مرت على البشرية في حرب همجية على قطاع غزة المحاصر، بدعم أميركي صريح، وصمت عربي قبيح، مع ارتفاع عدد شهداء إلى ما يزيد واحد وثلاثون ألف شهيد، إضافة إلى ما يفوق عن اثنين وسبعين ألف جريح.

وفي الإطار يبدو أن المفاوضات الأخيرة قبيل شهر رمضان لفرض وقف إطلاق النار قد باءت بالفشل، وعادت إلى نقطة الصفر في ظل التعنت الإسرائيلي في الشروط التي تريدها مقابل وقف دائم لإطلاق النار، ويشير مصدر مراقب لحركة المفاوضات إلى أن مراحل المفاوضات واكبت مشاهد من الهمجية الإسرائيلية، إذ إن المرحلة الأولى من المفاوضات كانت قطرية مصرية وقد واكبت الحرب البرية عل شمال قطاع غزة، بينما المرحلة الثانية فكانت تحت المظلة الفرنسية برعاية الدول الخمسة والتي تزامنت مع الهجوم البري على وسط القطاع، بينما المرحلة الثالثة فقد توازنت مع احتمالية الهجوم البري على جنوب غزة، والهجوم على خط فيلادلفيا، لذلك كانت مصر الراعية لمفاوضات أوصلها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو إلى حائط مسدود.

الرؤية الإسرائيلية لوقف إطلاق النار في غزة ما هي إلا شروط تعجيزية تهدف إلى إخلاء القطاع من الفلسطينيين، إذ إن الشرط الرئيسي هو تطبيق سيناريو بيروت عام 1982، وإخراج حركة حماس، قيادة وعناصر، من القطاع، بينما إجراءات الهدنة تكون بصفقة التبادل ومن ثم يبقى الوضع العسكري كما هو عليه لحين أن تأتي اللحظة المناسبة التي يحددها الجيش الإسرائيلي. في المقابل، جاءت خارطة الطريق الفلسطينية على النقيض من الرؤية الإسرائيلية، إذ إنها تطالب بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، بالتوازي مع إدخال المساعدات ومراكز الإيواء إلى الشعب الغزاوي، قبيل البدء بعملية الإعمار، ومن ثم بدء المفاوضات لتحرير الأسرى والمعتقلين.

الموقف الأمريكي يأتي وتماهيا مع حركة الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ إن إنزال المساعدات التي تمت بعلم إسرائيلي والإشارة إلى إنشاء ميناء لنقل المساعدات إلى غزة ما هي إلا للاستهلاك الداخلي، لإسكات الأصوات المطالبة بوقف العدوان البربري على القطاع، كما أنها محاولة لتبيض صفحة الولايات المتحدة في الشارع الإسلامي والعربي.

وفي محاولة أمريكية لمنع تمدد نيران الحرب إلى الجبهة الشمالية مع لبنان، جاء آموس هوكشتاين إلى لبنان في محاولة لفصل الساحات، إذ يؤكد المصدر على أن الرئيس بري لم يعط هوكشتاين أي أجوبة عن تساؤلاته فيما يخص الجبهة مع لبنان، وطالبه بأن يلتزم الكيان الإسرائيلي بالقرارات الدولية وعلى رأسها 1701، إذ إن الطائرات الإسرائيلية تخرق الأجواء اللبنانية بشكل يومي وتنتهك السيادة السورية من الأجواء اللبنانية باستمرار، فضلا عن الخروقات البرية والبحرية.

ويلفت المصدر أن الهدف الرئيسي من زيارة هوكشتاين إلى بيروت هو “الكزدرة”، حيث لم يحمل أي أجندة حقيقية لوقف الحرب مع لبنان خاصة أنها جبهة أساسية تزعزع الردع الإسرائيلي فضلا عما لها من تداعيات على الداخل الإسرائيلي المفكك على نفسه، وفي لقاءاته مع الفريق الآخر قام هوكشتاين بالدفاع عن نفسه أمام تساؤولات الحاضرين عن سبب التواصل الأمريكي مع حزب الله بشكل غير مباشر، ليأتي الجواب أن الحل والربط في يد الحزب، وهو المؤثر الرئيسي على الميدان، وطالبهم بالضغط على الحزب بالتحريض عليه لوقف إطلاق النار، حيث تم إيصال رسالة بضرورة انسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني، وتطبيق القرار 1701، وإذا لم يلتزم الحزب بالقرار الدولي، فإن الحرب ستكون حتمية على لبنان، ولن تشبه حرب 2006، لأنها ستطال كل المفاصل الحيوية على كامل الجغرافيا اللبنانية، اي حرب دون هوادة.

إلى ذلك أصبحت الجبهة اليمنية من أقوى جبهات الضغط على الاحتلال، من خلال فرض الحصار البحري على البحر الأحمر، والهجوم على جميع السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم المرتبطة بدول العدوان على اليمن، وما سببه من حصار اقتصادي على العالم الاجمع ، بالتوازي مع ارتفاع أسعار التأمين على الشحنات التي ستمر في البحر الأحمر.

في المحصلة، يبدو أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لم تزل تتعنت في ظل الصمت العربي والإسلامي المريب، وبات العالم أجمع يعلم أن ما قبل السابع من تشرين ليس كما بعده، وبالتالي لم تعد مقولة الجيش الذي لا يقهر مناسبة لوصف الجيش الإسرائيلي، بل يمكن وصفه بالجيش الذي يملك أكبر ترسانة أسلحة في الشرق الأوسط، ولا يستطيع الانتصار على ثلة من المجاهدين في قطاع محاصر منذ ما يقارب الخمس عشرة عاما.

Exit mobile version