كتب مدير “مركز بيروت للأخبار” مبارك بيضون
دلالات وأهمية الفيديوهات التي ينشرها حزب الله، في المواجهة المستمرة مع العدو الصهيوني منذ 8 أكتوبر الماضي، كجبهة إسناد للمقاومة ضد العدوان المتواصل على غزة، لا سيما فيديو «جبالنا خزائننا»، الذي كشف عن منشأة «عماد 4» وقدراتها العملانية، إضافة إلى الخسائر الكبيرة اللاحقة بدولة الكيان بعد عملية «طوفان الأقصى».
ومنشأة «عماد 4» توّج الرسائل التي توجهها المقاومة من لبنان إلى العدو الإسرائيلي بأنّ «ما لدينا ما لم تتمكّنوا من كشفه إلّا إذا نحن أردنا ذلك».
وهذه الفيديوهات أربكت العدو.
رغم كل هذه القدرات العسكرية، إلّا أنه لا حزب الله ولا محور الممانعة يريدان الذهاب إلى حرب إقليمية، وفقاً لتأكيد القادة الكبار في المقاومة مراراً وتكراراً، لكن لا ضرر من توجيه رسائل عن المقدرات العسكرية والقتالية ومدى العمق الذي تستطيع المقاومة الوصول إليه لو استمر العدوان والحصار على غزة، مع إمكانية الرد الموجع للعدو أيضاً.
حزب الله لو أراد الذهاب إلى حرب شاملة مباشرة كالتي يسعى إليها نتنياهو لما أظهر هذه الفيديوهات والمشاهد التي زادت من إرباك العدو، إضافة إلى أنها تبث الروح المعنوية وفي جمهور وبيئة المقاومة، رغم ما يتعرضون له من عدوان يقترفه الصهاينة داخل غزة وخارجها من أبشع أنواع المجازر بحق المدنيين العُزّل، إضافة إلى انتهاك لكل أنواع الحقوق الإنسان وتجاوز للمعايير الدولية، وعلى جبهات المقاوِمة التوسّع في إظهار ما تمتلك من قدرات، يحسب لها العدو ألف حساب، ويرتّب أولوياته، وكل ذلك مرتبط بالجبهة والميدان وفق ما أعلنت عنه المقاومة مرات عديدة.
جنوب لبنان للإسناد والدعم
للمقاومة مرتكزات أساسية، حيث صرّح بعض القادة المقاومين بأن كل ما نراه اليوم ليس سوى 15% من قدرة المقاومة وتستطيع جبهة «الإسناد» توجيه ضربات للعدو متى شاءت ، لكن هذه الجبهة وطالما العدو في حربه على غزة، سترتفع وتيرتها، وذلك بحسب التكتيك العسكري لقادة المقاومة، الذين يتعاملون مع العدو بشكل مركّز ودقيق يوجّهون من خلاله الصفعات ليتنبّه نتنياهو بأنه في حال تمادى أكثر سترتفع قوة الرد حتماً.
جبهة الجنوب اللبناني هي جبهة إسناد ودعم للجبهة الأساسية في غزة، وستستمر طالما العدوان مستمر على غزة، وما يمكن أن نراه بالعين المجرّدة هو تطوّر ضربات المقاومة يوماً بعد آخر بحسب متطلبات الميدان، انطلاقاً من أنّ «قوة الردع» اليوم تعمل بطريقة تكتيكية مختلفة، وعلى سبيل المثال يُعتبر نزوح المستوطنين عاملاً من العوامل الجبهوية التي تتمكن منه المقاومة وتشغل فعلاً بال قادة العدو الإسرائيلي.
أُبهرنا فخراً واعتزازاً
العدو الإسرائيلي يشبع مخيّلته بسيناريوهات مخيفة، فيما لو استمر في الحرب ولا يرى إلّا أن الآتي أعظم لو واصل عدوانه فستكون المقاومة بما لديها من قدرات وخاصة الشاحنات الصاروخية المتواجدة تحت الأرض، التي لا يعلم بها أحد حتى نحن كصحافيين ومحللين تفاجأنا بها وأبهرنا أيضاً كما أبهر العدو، ولكن نحن أُبهرنا بهذا الفخر والنصر والصمود للتصدي لهذا العدو الغاشم الذي أثبتت المقاومة بأنه جيش يُقهر ويترهُل شيئاً فشيئاً، بل ويتساقط في كل الموازين العسكرية والسياسية وحتى المدنية.
الإدارة الأميركية شريك
دور الإدارة الأميركية في العدوان المتواصل ومصير المفاوضات، فيه كذب ونفاق من جانب الإدارة الأميركية، التي ترسل أحد المفاوضين من جهة، وتلعب دور الداعم والشريك الأساسي بما يفعله الكيان الصهيوني في غزة، يُضاف إلى ذلك توقيع إدارة البيت الأبيض على حوالى 20 مليار دولار لحكومة الكيان لمواصلة الحرب، وهذا ما يُظهِر التناقض الأميركي، اليوم تعيشه الولايات الأميركية من حالة إرباك وتخبط ليس لأنها لا تستطيع، بل هي تستطيع فعل كل شيء، وأن ما تستطيع القيام به بتناقض أيضاً بين الإبقاء على إسرائيل بمحور ثابت ودولة مستمرة تستطيع الحفاظ عليها، وبين أن ترى واشنطن هذه الدولة التي دعمتها غارقة في رمال غزة دون تحقيق أي من أهدافها، لذلك فإنّ محور المقاومة في حرب أيضاً مع دولة أميركا الكبرى التي اختلفت اليوم بمعاييرها الدولية، ولم تعد دولة أحادية تستطيع أن تفعل ما تريده، خصوصاً ان لها مصالح حول العالم، بل هي تحاكي هذا العالم اليوم لتحافظ على مكانتها المستقبلية لأنها أصبحت في بعض الأمور على حافة الهاوية.