مجلس الوزراء يقرّ الموازنة: خلافات ترجئ التعيينات

مجلس الوزراء يقرّ الموازنة: خلافات ترجئ التعيينات

كتبت جريدة “الأخبار”:
لم يأخذ الحديث عن التعيينات داخل جلسة مجلس الوزراء أمس مداه، حيث اتفق الوزراء على ضرورة التسريع في الاتفاق على آليّة التعيينات في المراكز الشاغرة، والتوجّه لإقرار التعيينات الإداريّة وتشكيل الهيئات الناظمة والتعيينات فيها أوّلاً بالتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية، «على اعتبار أن آلياتها واضحة، من دون أن يُحسم أمر تمريرها في الجلسة المقبلة التي ستكون الخميس المقبل»، على حد تعبير عدد من الوزراء.

«تسوية التعيينات» في جانبها السياسي لم تنضج بعد، فيما يتحدّث البعض عن بروز مؤشّرات خلاف بين رئيسي الجمهوريّة جوزيف عون والحكومة نواف سلام، إذ يرفض الأخير تدخّل القصر الجمهوري في عدد من التعيينات في المراكز المخصّصة للطائفة السنيّة. ويعتقد متابعون بأنّ عون يُحاول أن يكون «خط دفاع» لصدّ «هجمة» سلام على الحصّة السنيّة، وتحديداً الانقضاض على مواقع تيّار «المستقبل» ومحاولة سلام الاستئثار بهذه التعيينات.

خلاف عون – سلام، لن يكون يتيماً في «كباش التعيينات»، وإنّما يتوقّع أنّ يتمدّد إلى الحصّة الشيعيّة، إذ تستغرب مصادر حزب الله وحركة أمل عدم التواصل معهما في ما يتعلّق بالتعيينات في المواقع الشيعيّة، وهو ما يُفضي إلى شعور بوجود قرار بربط جميع التعيينات بيدي رئيسي الجمهوريّة والحكومة واستبعاد الأطراف الحزبيّة الأُخرى.

هذا الاستبعاد يبدو أنّه ينطبق أيضاً على رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، الذي، بحسب معلومات «الأخبار» تلقّى قبل فترة اتصالاً من عون يُعلمه فيه بسفره إلى السعوديّة ثم مصر على أن يضعه في أجواء الزيارتين، على أن يكون محور الجلسة المرتقبة قريباً ملفّات داخليّة.

لم يتم التواصل مع «الثنائي» في ما يتعلّق بالتعيينات في المواقع الشيعيّة

وباستثناء النقاش المستفيض حول بندَي الموازنة والتعويضات، كادت الجلسة أن تكون «أقل من عادية». وكان لافتاً تمسّك العدد الأكبر من الوزراء بـ«توصيات» رئيس الجمهوريّة، بعدم تسريب محاضر الجلسة فتمنّعوا عن الردّ على أسئلة «الأخبار»، فيما أشار بعضهم إلى أنّ «الأجواء كانت إيجابية والنقاشات كانت تقنيّة بحتاً».

وبما خصّ الموازنة، «كان النقاش حول بعض البنود، وبينما كان هناك إجماع على وجود أرقام غير واقعيّة في مشروع الموازنة من دون أن تكون هناك قدرة على العمل على مشروع موازنة جديد بسبب ضيق الوقت أو الإبقاء على الصرف بسلف الخزينة، اتفق الوزراء على إقرار الموازنة بمرسوم كي لا يتم التأخير أو الترقيع، على أن يعمل وزير المالية ياسين جابر على إعداد مشروع قانون خلال أسبوع لإعادة النظر في بعض الرسوم التي شملتها الموازنة لتدارك عدد من الآثار السلبيّة على الاقتصاد، على أن يتم البدء بإعداد موازنة عام 2026 بمعايير دقيقة وشفّافة».

أمّا في موضوع مشروع قانون منح المتضررين من الحرب الإسرائيلية على لبنان بعض الإعفاءات على الضرائب والرسوم وتعليق المهل الضريبية، فقد نال البند أيضاً جدلاً كبيراً، خصوصاً أنّ المعنيين لم يخلصوا إلى الجهة المعنية التي ستقوم بهذا المسح، وتحدّثوا عن «دراسة تقييم الأضرار التي ينفّذها البنك الدولي ومنظمة الفاو والمجلس الوطني للبحوث العلمية والتي ستصدر قريباً.

وتمّ التباحث في آلية العمل الميدانية والجهات التي ستقوم بها لتأكيد بعض النتائج». وتركّز النقاش في هذه النقطة على المعايير، بعدما طرح عدد من الوزراء أسئلة عن كيفيّة اختيار المستفيدين من هذا القانون، ليخلص الجدل إلى اتّباع معايير أساسيّة للمتضررين على أُسس صحيحة تحفظ الشفافيّة، وأوّلها التخمين والكشف على المتضررين مادياً مباشرةً إن كان الضرر يطاول الشقق السكنيّة أو المحالّ التجاريّة.

«قصر منصور»
في المقابل، نال نقل مقر مجلس الوزراء إلى «قصر منصور» في المتحف الكثير من الأخذ والردّ. وتمسّك رئيس الحكومة وبعض الوزراء بضرورة فصل مقر مجلس الوزراء عن مقر رئاستي الجمهوريّة والحكومة، بناءً على المادة 65 من الدستور التي تنص على أنّه «يجتمع مجلس الوزراء دورياً في مقر خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر»، متسلّحين بأنّ «قصر منصور» شهد العديد من جلسات الحكومة وجلسات مجلس النوّاب خلال الحرب الأهليّة وخلال حرب تمّوز، بعدما استملكته الدّولة.

لكنّ وزراء أشاروا إلى أن منطقة المتحف ستواجه أزمة مرورية كبيرة خلال انعقاد الجلسات، وهو ما يؤثّر على قطاعات حيوية بينها وجود أكثر من مدرسة، ما أدّى في نهاية النقاش إلى عدم حسم هذا الأمر، بحسب الحاضرين، الذين أشاروا إلى أنّ القرار بعقد الجلسات في المتحف لم يُتّخذ، وإنّما يُمكن وصفه بـ«التوجّه أو التمنيات».

وكان عون قد استهلّ الجلسة بكلام سياسي مشيراً إلى «استعداد سعودي لمساعدة لبنان فور القيام بالإصلاحات اللازمة». وقد شدّد عون خلال اللقاء، على «أنّ الإصلاحات هي مطلب لبناني قبل أن تكون مطلباً خارجياً ونحن ننوي القيام بها نظراً إلى حاجة لبنان إليها، ولكنّ مساعدتكم للبنان مهمة أيضاً». وذكّر أنّه تمنّى على ولي العهد السعودي، الأمير محمّد بن سلمان، «رفع الحظر عن سفر السعوديين إلى لبنان، وتسهيل تصدير المنتجات اللبنانية إلى المملكة، والطلبان حالياً قيد الدرس».

وتحدّث عون عن «زيارة ثانية مرتقبة إلى السعودية بعد عيد الفطر، سيشارك فيها عدد من الوزراء لتوقيع اتفاقيات بين البلدين، وهو ما سيعطي دفعاً إضافياً للبنان».

وشدّد على أنّ «مجلس الوزراء يملك مرجعية القرار، وليس الأحزاب ولا الطوائف»، وقال: «نحن هنا لاتخاذ القرارات وليس للتعطيل، ونحن تحت أنظار الجميع في هذا السياق».

بدوره، دعا سلام إلى «تنفيذ ما لم يُنفّذ في اتفاق الطائف، وما نُفّذ على نحو غير سليم. وطلب إلى الوزراء التعاون والتنسيق لوضع جدول زمني واضح في الموضوعات المطلوبة في وزاراتهم وفقاً للحاجات والأولويات».

وأقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون معجلٍ يرمي إلى تمديد سن التقاعد للدبلوماسيين، كما وافق على استمرار عدد معين من السفراء من خارج الملاك في السلك الخارجي في وزارة الخارجية مؤقتاً، اعتباراً من 9 آذار، وعلى تعيين 36 ضابط اختصاص في مختلف المجالات لصالح المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، إضافةً إلى أمور أخرى إدارية منتظمة، ومن ذلك أيضاً الموافقة على معظم التوصيات الصادرة عن اللجنة الوطنية للقانون الدولي للإنسان حول الانتهاكات الإسرائيلية، وترك بند لمزيد من النقاش.

Exit mobile version