كتب محمد بلوط في “الديار”:
المؤكد حتى الآن ان الجهود التي نشطت مؤخرا، لا سيما بعد اللقاء الثلاثي الذي عقد في عين التينة بين الرئيسين بري وميقاتي ورئيس «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط، تتركز على 3 محاور:
– العمل من اجل وقف العدوان الاسرائيلي، مع التأكيد على الالتزام بتطبيق القرار 1701.
– السعي الى تمتين الوحدة الوطنية والتضامن بين اللبنانيين، لمواجهة تداعيات هذا العدوان.
– انتخاب رئيس توافقي وفصل هذا الاستحقاق عن الحرب بصورة عامة.
ويبدو وفق مصادر سياسية موثوقة ان انطلاقة هذه الجهود رافقتها اجواء ايجابية نسبيا، لا سيما بعد الموقف الذي اعلنه بري، وتخليه عن فكرة الجلوس الى طاولة الحوار قبل جلسة الانتخاب، لكن مع التأكيد على التمسك بانتخاب رئيس توافقي كما عبر سابقا.
وتقول المصادر ان هذه الجهود التي تجسدت في اللقاءات التي اجراها ويجريها رئيس المجلس، وحراك الحزب «التقدمي الاشتراكي» باتجاه الاطراف المسيحية، وزيارة ميقاتي لبكركي، كل هذه الجهود لم تسفر حتى الآن عن نتائج ايجابية ملموسة في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، وان العقبة الاساسية تتمثل بموقف «القوات اللبنانية»، التي ترفض فكرة الرئيس التوافقي الذي يأتي بشبه اجماع يتجاوز ال86 صوتا، والتي تتريث في اعطاء جواب نهائي في شأن ما هو مطروح.
ووفقا للمعلومات من مصادر مطلعة، فان عين التينة ما زالت تعوّل على الاستمرار في هذه الجهود وتفعيلها، وتحرص ايضا على الا تتحدث عن اجواء سلبية، وهي تشدد على المضي في اللقاءات والاتصالات على المحاور كافة، لا سيما ان اطراف المعارضة باستثناء «القوات» كانت تجاوبت مع ما طرحه بري مؤخرا، وابدت موقفا ايجابيا ومرنا يبنى عليه.
لكن في الوقت نفسه، يرى مصدر نيابي مطلع ان مرحلة الدخول في الاسماء وحسم الخيارات ما زالت في بدايتها، وان البعض ذهب باكرا الى محاولة فرض خياراته، معتبرا ان الضربات التي تعرض لها حزب الله من قبل العدو «الاسرائيلي»، واستشهاد امينه العام السيد الشهيد حسن نصرالله شكلت انعطافا قويا، يمكن ان يغير في المعادلات السياسية الداخلية، ويؤثر في الاستحقاق الرئاسي وهوية الرئيس.
ويضيف المصدر ان هذا البعض يعتقد انه يمكن استثمار ما جرى في حسابات الاستحقاق الرئاسي، وفرض رئيس امر واقع او على الاقل تجاوز المواصفات التي كان حددها واكد عليها ثنائي «امل» وحزب الله وحلفاؤه.
ويلفت المصدر الى ان هؤلاء بالغوا كثيرا في التفسيرات والتقديرات والحسابات، الى حدود التصرف وكأن هناك فريقا اصبح رابحا وآخر خاسرا بعد اغتيال السيد نصرالله، لكنهم سرعان ما اكتشفوا ولمسوا بعد نجاح المقاومة في التصدي لمحاولات التقدم البري على الحدود، واحتفاظها بنسبة عالية من قوتها الصاروخية، ان البناء على ما حصل لمصلحة فريق على آخر هو في غير محله، وان محاولة فرض رئيس امر واقع هي مجرد اوهام.
ويقول المصدر النيابي ان موقف حزب الله لم يتزعزع لا في الميدان ولا في السياسة، وانه ملتزم بما رسمه الامين العام الشهيد نصرالله، اكان على مستوى تفاصيل خطة المواجهة والمعركة مع العدو، ام على صعيد التعاطي مع القضايا السياسية الداخلية.
ويضيف المصدر ان الحزب يتصرف وفق هذا الاطار، وهو لن يحيد عن الاطار والمواقف التي حددها الشهيد نصرالله، ومخطىء من يعتقد ان احدا يستطيع ان يفرض معادلة جديدة خارج اطار التوافق والرئيس التوافقي، الذي شدد عليه الامين العام للحزب في كل المناسبات والاوقات.
وفي هذا السياق ايضا ترى مصادر سياسية ان زيارة رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الى عين التينة امس، تحمل دلالات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- من السابق لاوانه الكلام على اسقاط ورقة سليمان فرنجية لمصلحة حصر الخيارات ببضعة اسماء مطروحة قيد التداول، وان الثنائي الشيعي وحلفاءه لم يتخلوا عن ترشيحه حتى الآن.
2- ان كل ما جرى في الايام الاخيرة بخصوص الاستحقاق الرئاسي والعمل لانتخاب رئيس توافقي، ما زال يدور في حلقة مفرغة، لا سيما في ظل رهانات مستمرة لدى البعض على نتائج الحرب مع العدو.
3- ان فكرة المجيء برئيس غير موثوق به من حزب الله ساقطة وغير قابلة للمرور او التطبيق.
4- ان الرئيس التوافقي يجب ان يملك مواصفات تطمئن الجميع، وان يقدم ضمانات للداخل قبل الخارج، ومن هذه الضمانات عدم طعن المقاومة.
ولعل خير تعبير على ما جرى ويجري مؤخرا، ما قاله وليد جنبلاط امس: ان لقاء عين التينة محاولة لرسم خريطة طريق لوقف العدوان، والتأكيد على استعداد لبنان الرسمي لتطبيق القرار 1701 وانتخاب رئيس للجمهورية، ولا نية لاستبعاد اي فريق.