ما هو ضرر الضجيج؟
يحيط بنا الضجيج من كل صوب ويتسرب الى آذاننا باعثا في أجسامنا التعب والانزعاج وتزداد الأصوات ويكثر معها هذا الضجيج القاتل المرعب حتى يؤدي بنا في بعض الاحيان الى انهيار عصبي.
وهذا العصر، عصر الآلة قد قتل الهدوء المريح الذي يشكل علاجاً فعالاً لعدد كبير من الامراض مثل فقر الدم. النور استانيا الارق… والتهاب المعدة. ويعتقد الاطباء والاحصائيون ان معظم أسباب التعب والارهاق والانفعال وعدم القابلية للعمل وصعوبة الانتباه ترجع الى الضجيج المنبعث من الاشياء العادية. اما الضجيج الصاخب المنبعث من معامل الصلب فهو قد يؤدي الى اصابات بالصمم يندر شفاؤها… او الى أمراض في الدم يصعب تشخيصها.
ويأتينا الضجيج من كل ناحية وصوب من كل الاختراعات التي يتزايد وجودها مع التقدم في الزمن. فنحن نسمع اصوات محركات السيارات والطائرات والمعامل والمصانع. وفي بلادنا هذه تزايد اصوات المولدات الكهربائية المزعجة ـ التي لا تهدأ كل النهار في البيوت ـ وعوامل أخرى. نعيشها حاليا في الحرب. والمتاجر الكبيرة منها والصغيرة وحتى المولدات الخاصة بتغذية احياء كاملة بالكهرباء فتؤثر كل هذه الاصوات في اعصابنا حتى نصاب “بالنرفزة” منها وبـ “التعصيب”، وثمة سؤال يتردد في اذهاننا مئات المرات: “كيف يمكننا ان نقضي نهاراً واحداً بدون ان نسمع فيه هذه الاصوات”. ولكن هناك مئات الاجوبة التي تمنعنا من الرد على هذا السؤال الا يحق للسائقين ان يسوقوا بسياراتهم او ليست الطائرات من وسائل النقل الضرورية في هذا العصر. وكيف تتوقف المعامل والمتاجر والمنازل عن استعمال المولدات الكهربائية في هذا البلد الذي لا تمده الدولة بالكهرباء سوى لبضع ساعات في النهار وهكذا نجد انه لا بد من تعرضنا المتواصل للهجوم الذي تشنه علينا الآلات وجميع وسائل الحضارة.
ولكن ما هو الضرر الحقيقي الذي يولده الضجيج؟
يولد الضجيج الارهاق الجسدي والفكري على السواء، لانه يتطلب منا مجهوداً جسدياً وعقلياً متواصلين فالآذان تتلقى موجات الصوت المختلفة وترسلها للدفاع حيث يقع احساس السمع ـ فاذا جمعت الجهد الفيزيولوجي الغريزي الذي تبذله لسماع شيء ما ـ كصوت شخص على التلفون او صوت المذيع في الراديو ـ لمجموعة الأصوات المتأتية عن الضجيج تزداد تدريجياً ـ بحيث تشكل خطراً على الصحة العامة، فالضجيج ينقص القدرة على العمل المنتج ـ ويزيد من معدل الحوادث والاصطدامات الى حد يشكل خطراً على آمن العامة وصحة المجموع كما يشكل عقبة في وجه التقدم في الاقتصاد الوطني فالناس الذين يتأثرون بالضجيج اكثر من غيرهم بشكل عام ـ وهم المفكرون ومحترفو الصناعات الدقيقة ـ بوجه عام، وينساب اليك الضجيج وانت جالس مطمئن البال في بيتك من الشارع فاليك بعض النصائح التي تساعدك على التغلب على الضجيج الخارجي ـ اختر لغرف النوم الامكنة البعيدة عن الضوضاء وبخاصة غرف الاطفال ـ السجاد عامل ممتاز من عوامل كبت الاصوات ـ ضع قطعاً من المطاط أو الجلد في ارجل الكراسي والمقاعد ـ فذلك يدفع عنك اذى الضجة التي تحدثها اثناء تحريكها ـ يوجد آلات في الاسواق الدهان المضاد لانعكاسات الصوت ـ الساعات التي تدق والمنبهات عدوة للنوم فاذا كنت تستيقظ للاصوات الخفيفة ـ عليك باستبعادها من غرفة نوم. والله يرضى المحبة والسلام لوطننا لبنان.
ماري الأشقر- الديار