كتب “حسين عز الدين”
في ظل الاستعصاء السياسي الذي يخيم على المشهد في لبنان نتيجة انعدام التوافق والرؤى المشتركة بين القوى السياسية، حول مجموعة من الاستحقاقات الدستورية وعلى رأسها هرم الدولة المتمثل برئاسة الجمهورية. لم يعد خافياً على أحد بأن حالة التباعد هذه والانقسام العمودي، باتت تلقي بظلالها على مجموعة من المشهديات اليومية بدءاً من الاقتصاد المتداعي، والانهيار المالي وانعدام انتظام المؤسسات وكأننا اصبحنا في حارة “كل مين ايدو إلو”.
من هنا ترى بعض المصادر أن عملية الانفراج أو بزوغ فجر لهذه الأزمة، يبدو بعيداً على خلفية انعدام التقاطع الدولي وخاصة في تعثر الوصول الى حل للملف النووي الايراني مع الدول “الخمسة زائد واحد” واتساع مساحة الجفاء السعودي – الايراني وعدم بلورة آلية حل في المشهد السوري. كل ذلك بات يعكس تداعياته على الداخل اللبناني الذي لم يؤمّن أي توافق رغم الدعواات المتكررات للحوار للخروج من عنق الزجاجة.
فما يجري اليوم في مجلس النواب لا يعدو كونه مسرحية جديدة تدفع بها بعض الجهات الخارجية عبر مشغليهم في الداخل، ظناً منهم بأن ذلك يمثل ضغطاً على السلطة، فيما الحقيقة هو ذر للرماد في عيون الرأي العام لأن ما يجري اليوم من تجاوز للعديد من مواد الدستور لا يمكن فصله عن الكيدية السياسية التي تنتهجها بعض الاطراف النافذة من أجل تحقيق مكاسب اضافية أو تحسين شروط استمرارها في العمل السياسي ليس لشيء إنما لغاية في نفس يعقوب.
فما قام به بعض النواب تحت قبة البرلمان، هم يعلمون مسبقاً بأن هذا السبيل لم يفضِ الى حل مرتجى لطالما بني هذا البلد على التوافق والتحاصص واقتسام المغانم والمناصب وما الى ذلك!
من هنا بات ما ينقص اللبنانيين هو مؤتمر تأسيسي يعمل على نسف كل الركائز التي أدت الى هذا الخلل في أعمدة الدولة، بعيدا عن الاشارات التي لم تعد بريئة بالوحي للذهاب نحو فيدرالية او إدارات محلية. كفى لبنان استعراضاً في سوق عكاظ نواب الامة، وليتحمل الجميع مسؤولية هذا التداعي الذي لم يطح بشعب فحسب، بل بوطن برمته.