ما حقيقة أنّ “حماس” سبقت “حزب الله”في الهجوم على إسرائيل؟
رضوان عقيل
مضى شهر على عملية “#طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة “#حماس” ولا تزال المنطقة تعيش فصول ما خلفته في غلاف مستوطنات غزة والتي شكلت أكثر من ضربة قاسية لإسرائيل التي باشرت على الفور استهداف غزة مع تلبية سريعة لمجيء أكثر من فرقاطة أميركية وغربية الى المتوسط في خطوة غير مفاجئة عند تعرّض تل أبيب لمثل هذا الكابوس الذي تعيشه ولم تخرج منه بعد.
وإن كانت مسارعة “حزب الله” في اليوم التالي لهجوم “حماس” وإعلان استعداده للمواجهة أمراً يدخل في السياق الطبيعي للعلاقة التي تربط الطرفين في محور يشكلان عموده الفقري العسكري، فإن أسئلة عدة لم تتم الإجابة عنها في الغرف الضيقة عند هذا الفريق من نوع الذي لا يتقبّله كثيرون من جمهور الحزب في لبنان في الداخل والخارج: هل يُعقل أن السيد حسن #نصرالله استيقظ على خبر هذا “الطوفان” ولم يكن يدري به؟
ويقول أرفع المسؤولين في الحزب فضلاً عن أقرانهم في “حماس” إنهم لم يكونوا على علم بتوقيت هذا الهجوم وتفكيك شيفرات أجهزة التنصّت والمراقبة على طول خط المستوطنات وهو الأحدث عالمياً في التكنولوجيا العسكرية. ويرفض كثيرون من أمنيين وغيرهم مقولة أن نصرالله لم يكن على علم بالعملية. ويبقى أخطر الأسئلة حساسية الذي لا يغيب عن أذهان عقول عدة في هذا المحور: هل سارعت “حماس” الى “سرقة” فكرة الحزب بالهجوم على إسرائيل، ولا سيما أن الثاني يمتلك قدرات عسكرية أكثر منها في المواجهة وإن كانا يتشاركان في هدف عرقلة المشروع الإسرائيلي وتهديده؟ وكثر الحديث في الأشهر الأخيرة عن إمكان تلويح الحزب بدخول مقاتليه الى المستوطنات في وقت يمارس فيه سياسة دفاعية اليوم مع توقع تدحرج الأمور بعد استهداف إسرائيل المدنيين حيث يبدو أنها تتحرّش بالجنوبيين لجرّ الحزب الى الحرب.
ويعزو مرجع سرعة “حماس” وبناء ترسانتها العسكرية وشقها الإنفاق في غزة الى جملة من التحضيرات التي لم تبصر النور إلا بعد سنوات من الاستعدادات التي كانت تحت أنظار الحرس الثوري الإيراني والحلقة المعنيّة لدى الحزب في هذه المهمة. وفي تأكيد لذلك أنه قبل أشهر قليلة من اغتيال اللواء قاسم سليماني واجتماعه مع العسكريين المعنيين في المحور من أجنحة لبنان وفلسطين والعراق قوله إنه “حان الوقت ليخرج فريقنا من الدفاع الى الهجوم على إسرائيل”. لم يمر هذا المعطى مرور الكرام عند “حماس”، ولا سيما المكلفين بأمور العسكر وجمع السلاح والتحضيرات للمعركة المنتظرة. ويتردد كلام هنا عن أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عندما حضر الى بيروت عقب العملية أسهم في ترطيب تشنجات بين “حماس” والحزب وإن لم يخرج الطرفان عن ثبات مشروع حلفهما. وفي معرض الرد على كل هذه الاستفسارات حيال ما أقدمت عليه “حماس” لم ينفك الحزب يؤكّد أنه خرج من منطق الدفاع الذي طبّقه في تموز 2006 وبعد تطوير قدراته أصبح بإمكان مجموعاته العسكرية ولا سيما “وحدة الرضوان” دخول المقاومين الى المستوطنات في شمال إسرائيل التي أخذت في حساباتها جيداً نجاح الحزب في حال إقدامه على مثل هذه الخطوة لأنه في حال تحقيقها ستكبّد تل أبيب وجيشها أكثر مما حققته كتائب “القسام”.
وبالعودة الى عملية “حماس” التي لم تعرف الحلقة الحاكمة في إسرائيل وكل من لا يلتقي معها الخروج بعد من وقع ضربات، أخذت الدوائر المعنية بالتوقف عند مسألة ما إن كان في مقدور “حزب الله” تنفيذ مثل هذه العملية وتنفيذ هجوم في المستقبل على المستوطنات على طول مساحة 107 كيلومترات من رأس الناقورة الى تخوم مزارع شبعا المحتلة مع التوقف عند تمكن الحزب من تعطيل الجزء الأكبر من أبراج المراقبة والتجسّس الإسرائيلية التي تلقت ضربات مباشرة دفعت الإسرائيلي الى استعمال المزيد من المسيّرات للتعويض عن خسائر كل هذه “العيون”.
لم يُعرف الى اليوم كيف تمكنت “حماس” في عمليتها من تعطيل أجهزة المراقبة على طول المساحة الممتدة على مستوطنات غزة وهل تلقت مساعدة في هذا الخصوص من إيران وكيف لم تخبر الأخيرة الحزب بهذه العملية علماً بأن الأميركيين والإسرائيليين لم يقولوا إن طهران تقف وراء هذا الفعل لكنهم يعترفون بأن الأخيرة شكلت الحجر الأساس في تزويد “القسام” بالصواريخ والمسيّرات والخدمات التي لم تقتصر على تأمين المال.
في هذا الوقت تبقى كل الأنظار نحو “حزب الله” وكيف سيتعاطى مع طبيعة هذه المواجهة وخصوصاً مع التفلت من ” قواعد الاشتباك” حيث كان أخطرها استهداف إسرائيل للمدنيين في الجنوب، تلك النقطة التي سيركز عليها نصرالله الى غيرها من المواضيع في إطلالته السبت المقبل. ولا يخفي قياديون في “حماس” أنهم لم يتلقوا بارتياح كامل خطابه الأول حيث كان بعضهم يتوقع أن يرمي بثقله العسكري أكثر في وجه إسرائيل. ولا يختلف هؤلاء عما قاله خالد مشعل في هذا الخصوص حيث يتناسى هؤلاء طبيعة لبنان وظروفه علماً بأن نصرالله لم يحسم في مضمون كلامه عدم توجّه الأمور الى حرب كبرى مع الإسرائيليين وصولاً الى الاميركيين الذين حضروا الى المنطقة لنجدة تل أبيب في وقت ينفي فيه الحزب و”حماس” أي تباين بينهما، مع ملاحظة أن ثمة من لم يتقبّل لدى الجمهور الشيعي بعض التصريحات من كوادر “حمساوية” وهم يتساءلون أنه رغم كل ما يتعرض له أبناء البلدات الحدودية في الجنوب الى تقديم الحزب كل هذا العدد من “الشهداء على طريق القدس” مع الإشارة الى أن معنيين في هذا المحور من سياسيين وضباط في الميدان يقولون بلسان واحد إنه لا مهرب من تلاقي أركانه حيث يسهم في توجيه كل هذه الضربات لإسرائيل ومن يدعمها رغم كل هذه التضحيات.