كتب كمال ذبيان في صحيفة “الديار”:
تلتقي في بيصور – قضاء عاليه فعاليات من طائفة المسلمين الموحدين الدروز في الجبل، لرعاية مصالحة ورفع رايتها يبن عائلتين من آل ملاعب وقع خلاف فردي بين اشخاص من البلدة قبل سنوات، وادى الى وقوع قتيل ينتمي الى الحزب “التقدمي الاشتراكي”. الحادث لم يكن له اسباب سياسية او حزبية، بل هو حادث “ابن ساعته” كما يقال في “العامية”، ونتيجة شجار تطور الى اطلاق النار.
تمكن العقلاء من آل ملاعب ومن اهالي بيصور ومسؤولين في “الاشتراكي” من انهاء ذيول الحادث وختم تداعياته، وتقرر عقد مصالحة بين من وقع بينهم الحادث الاليم، وقرّ الرأي على دعوة رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط ليشهد على المصالحة، وشملت الدعوة ايضا رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” طلال ارسلان والوزير السابق صالح الغريب، اضافة الى الحزب “السوري القومي الاجتماعي” الذي يرأسه الدكتور ربيع بنات ووجهت الدعوة اليه، كون بيصور تتوزع سياسيا بين ثلاث قوى سياسية وحزبية.
وسيشارك ايضا شيخا العقل في الطائفة الدرزية سامي ابي المنى ونصر الدين الغريب، وحشد من المشايخ وفعاليات ومواطنين من الجبل، حيث ترتدي هذه المناسبة التصالحية ابعادا وطنية وسياسية بمشاركة جنبلاط وارسلان فيها في هذا الظرف الصعب، الذي تعيشه المنطقة اثر الحرب “الاسرائيلية” التدميرية على غزة وتداعياتها على لبنان، الذي ساند فيه حزب الله حركة حماس، وبات الجنوب منذ تسعة اشهر جبهة عسكرية مفتوحة ومرتبطة بوقف الحرب على غزة كي تتوقف فيها الاعمال العسكرية، حيث لن تغيب عن لقاء بيصور التطورات في غزة والجنوب والانتخابات الرئاسية، اضافة الى التجنيد الالزامي المفروض على ابناء طائفة الموحدين الدروز في فلسطين المحتلة والمرفوض من المعروفيين”.
وسيكون المتكلمان في لقاء “المصالحة الملاعبية” جنبلاط وارسلان، وفق ما كشفت مصادر عديدة ومطلعة على التحضير للقاء، الذي لم يحصل منذ فترة لا سيما بعد عملية طوفان الاقصى التي نفذتها كتائب القسام في حركة حماس، اذ كان الموقف الدرزي موحدا بالنسبة لفلسطين، التي يعتبرها المسلمون الموحدون الدروز قضيتهم، وان شذ بعض المرتزقة عن الخط القومي والعربي، تقول المصادر التي تكشف عن ان موقف سياسي موحد سيصدر عن قادة الطائفة الدرزية، وبالتأكيد على ان الجبل موحد سياسيا ووطنيا، وان الدروز يجتمعمون على القضية الفلسطينية، بالرغم من تنوعهم السياسي والحزبي.
فلقاء بيصور سيكون عنوانه مصالحة عائلية، لكن مضمونه السياسي والوطني والقومي سيكون له انعكاسات ايجايبة على الوحدة في الجبل والاستقرار فيه، ويجري العمل على اقفال ملفي حادثتي الشويفات وقبرشمون، وهما تتجهان الى الحل قضائيا، وسبق ل “الاشتراكي” ان اسقط الحق الشخصي في حادثة الشويفات، وتعمل لجنة مؤلفة من قاضيي المذهب الدرزي نزيه ابو ابراهيم وغاندي مكارم والمشايخ مروان فياض وماجد سري الدين وسليمان عبد الخالق، لايجاد حل لانهاء ذيول حادثة قبر شمون، التي اذا توصلت اللجنة الى حل وتم اسقاط الحقوق الشخصية للضحايا، فان مصالحة متوقعة ان تجرى في مقام السيد عبدالله التنوخي في عبيه.
هل سينعكس لقاء بيصور وما سيصدر عنه من مواقف على قضايا سياسية، وما له علاقة بالمجلس المذهبي الدرزي، مع الدعوة الى انتخاب مجلس آخر الشهر المقبل ومشاركة كل القوى الدرزية فيه، بعد مقاطعة انتخابات سابقة للمجلس بدأت منذ عام 2005 وادت الى وجود شيخي عقل للطائفة الدرزية؟
هذا السؤال لا يمكن الجواب عنه في الوقت الحاضر، تقول المصادر، ولا بد من الانتظار الى ما سيؤدي اليه لقاء بيصور الذي ما زال محصورا بمعالجة عائلية، لكن تطور الاوضاع هو ما سيفرض نفسه. وسبق حصول لقاءات بين جنبلاط وارسلان ولم يتم التوصل الى حل بشأن المجلس المذهبي كما الانتخابات النيابية، وهذه مواضيع تبقى مرتبطة بظروفها. وسبق ان حصل توافق على قانون المجلس المذهبي كما على شيخ عقل، وعين الشيخ سليمان ابو دياب (ابو علي) وتم نزع الشرعية عن شيخ العقل الراحل بهجت غيث، الذي ربح الطعن الذي قدمه الى المجلس الدستوري وبقي شيخا للعقل.
ففي هذا الوقت الخطر الذي يمر به لبنان، والذي يعاني من ازمات على مختلف الصعد منذ عقود، وكان آخرها الشغور الرئاسي، فان لقاء بيصور قد يؤسس لوحدة قرار داخل الطائفة الدرزية يساهم في مبادرة وطنية، تنقذ لبنان من الانهيار الكامل وهي من مؤسسيه.