مؤشرات على مشروع لتطويع دول المنطقة لإسرائيل لا التطبيع معها فقط

هل لبنان بمنأى عنه برغم المعلومات الأميركية عن وقف المساعدات؟

مؤشرات على مشروع لتطويع دول المنطقة لإسرائيل لا التطبيع معها فقط

كتب غاصب المختار في “اللواء”:

بين ما جرى مؤخراً في جنوب لبنان وفي سوريا جنوباً وشمالاً وغرباً، وفي فلسطين واليمن، يبدو أن القرار الأميركي – الإسرائيلي بالتصعيد في المنطقة ما زال قائماً لفرض برنامج سياسي وعسكري خطير من ضمن المشروع الأوسع المُعدّ للمنطقة، والقائم على تطويع دولها لا الإكتفاء فقط بالتطبيع بينها وبين كيان الاحتلال الإسرائيلي، عبر إضعاف قدراتها وتغيير خرائطها وفرض سياسات معينة عليها تلبّي أهداف إسرائيل كاملة أمنياً وسياسياً واقتصادياً، بوجود رئيس أميركي يهتم بـ «البزنيس» فيبيع هنا ويشتري هناك، يشنّ حرباً على هذا البلد ويهادن بلداً آخر، وفقاً لما يعلنه دوما من أن همّه الأول وربما الأوحد إعادة قوة الاقتصاد الأميركي لتعود أميركا قوة عظمى مؤثرة عالمياً، ولا يهتم بمصائر الدول والشعوب.

وبغض النظر عمّا سيحمله المستقبل لسوريا وفلسطين واليمن من مشاريع أميركا وإسرائيل، فإنّ الإدارة الأميركية الجديدة – كما تفيد مصادر متابعة – لا تشجّع على توسيع نطاق التوتر والحروب في المنطقة، وإن كانت تضغط أحياناً برسائل نارية كما فعلت أمس الأول بالغارات العنيفة والواسعة على اليمن، في استعمال لسياسة «العصا والجزرة»، ولذلك أيضاً ما زالت ربما تكبح جماح إسرائيل لمنع توجيه ضربة عسكرية الى إيران، لأن قنوات التفاوض غير المباشرة قائمة مع طهران حول الملف النووي.

لكن ما يهمّ لبنان في هذه «المعمعة» الأميركية – الإسرائيلية هو إيجاد خط تفاوض غير مباشر تقني لا سياسي أو دبلوماسي كما ترغب واشنطن وتل أبيب وأعلنتا ذلك أكثر من مرة، بينما كان الجواب اللبناني لا تفاوض دبلوماسي ولا سياسي حول أمور لا تتعلق بمسائل تنفيذ آليات اتفاق وقف إطلاق النار، وان التفاوض العسكري – التقني يفترض أن يتناول فقط وكما أعلنت الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس المسائل العالقة الثلاث: الانسحاب من النقاط المحتلة ووقف التعديات الإسرائيلية، وتحرير الأسرى لدى الاحتلال الإسرائيلي، وتثبيت الحدود البرية وفق اتفاق الهدنة فقط لا غير، لأن لبنان التزم بما عليه حسب آليات اتفاق وقف اطلاق النار بينما لم تلتزم إسرائيل. أما البحث لاحقاً كما يتسرّب من المصادر الإعلامية الأميركية والإسرائيلية عن مفاوضات لها طابع دبلوماسي حول أمور سياسية و«تطبيعية»، فهو أمر تأكد رفض لبنان رسمياً له وانطوى البحث فيه.

وفي كل الأحوال ينتظر لبنان عودة اورتاغوس ورئيس لجنة الاشراف الخماسية اللواء الأميركي جاسبر جيفرز الى بيروت أو تل أبيب، وترقّب ما سيحملانه حول تشكيل اللجان الثلاث، وبخاصة اللجنة المعنية بترسيم الحدود، في ظل المعلومات الإسرائيلية عن نيّة إسرائيل عدم الانسحاب من النقاط المحتلة وتعليمات وزير الحرب يسرائيل كاتس للجيش «بالإستعداد للبقاء فيها أطول فترة ممكنة»، ولو كان من قبيل الضغط المسبق على لبنان للتنازل عن بعض النقاط المحتلة لمصلحة بقاء الاحتلال فيها، وهو أمر يرفضه لبنان الرسمي والشعبي.

لكن مصادر رسمية أكدت لـ «اللواء» ان لا موعد بعد لزيارة اورتاغوس الى بيروت وهي لمتحدد موعداً لزيارتها، وبالتالي لا موعد حتى الآن لإجتماع لجنة الاشراف ربما بإنتظار أن يكون قائد الجيش الجديد العماد رودولف هيكل قد أمسك ملفات الموضوع بتفاصيله وشكّل فريق عمله خلال أيام قليلة.

وبدا من المواقف الأميركية ان الضغط العسكري الإسرائيلي يتواكب مع ضغط سياسي أميركي، وآخر هذه المواقف توصية نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بيتر ماروكو للرئيس الأميركي، «بإلغاء المساعدات المخصصة للبنان تدريجياً»، ومشروع القانون الذي يعدّه نواب أميركيون جمهوريون لوقف المساعدات للبنان أو ربطها بشروط سياسية معروفة. فيما سبق وأعلن موفد الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، انه «متفائل بإنضمام السعودية إلى «الاتفاقات الإبراهيمية» لتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال ما يتيح لاحقاً انضمام سوريا ولبنان إليها.

وفي المحصلة تصبّ كل هذه الضغوط المرتبطة بجوهرها بالمشروع الأميركي – الإسرائيلي لتطويع لبنان من ضمن تطويع كل دول المنطقة تمهيداً للتطبيع، ومن الأرجح أن تكون الإدارة الأميركية التنفيذية لا التشريعية قد انتبهت الى ان مثل هذا المشروع قد يوتر الوضع اللبناني الداخلي بما لا يخدم أجندتها، التي تقول انها تهدف الى تحقيق استقرار لبنان، لكن ضمن شروط كثيرة ابرزها تقييد حركة حزب الله والمقاومة إن لم يكن ممكناً القضاء عليها نهائياً، وهو أيضاً أمر صعب في ظل التوازنات اللبنانية الداخلية الدقيقة والتي تعرفها أميركا كما تعرفها فرنسا أكثر.

Exit mobile version