لماذا نصح ديبلوماسي عربي بعدم حرق المراحل؟.. رهان لدى خصوم حزب الله على خارطة ترامب!

"القوات" تخشى تهريبة بري- باسيل الرئاسيّة

لماذا نصح ديبلوماسي عربي بعدم حرق المراحل؟.. رهان لدى خصوم حزب الله على خارطة ترامب!

كتب ابراهيم ناصر الدين في “الديار”:

وحده كيان الاحتلال “البلطجي” اختار عدم انتظار مفاجآت الساحة السورية، واطلق اكبر حملة جوية لتدمير الاسلحة الاستراتيجية السورية، واحتل المنطقة العازلة، والآن انضم الى اللاعبين الكثر العابثين بالساحة السورية، لتشكيل النظام الجديد. فالثابتة الوحيدة هي انهيار النظام السوري، اما كل ما عداها فمجرد حالة من انعدام اليقين لدى الجميع، بسبب كثرة الطباخين، وكذلك موقع سوريا الاستراتيجي في منطقة تعرضت للتو الى زلزال كبير، ولا تزال الارتدادات في اولها، وعلى الجميع الاستعداد لهزات ارتدادية قد تغير المشهد برمته.

وفي لمحة مختصرة عما يدور في العقل الاستراتيجي “الاسرائيلي”، مسألتان تخصان لبنان، سلطت عليهما الضوء القناة الـ 12 “الاسرائيلية” التي نشرت مقالا لرئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق، الجنرال في الاحتياط عاموس يادلين، والباحث الجنرال في الاحتياط أودي أفينتال، تحدثا فيه عن المخاطر، وكذلك الفرص السانحة امام “اسرائيل” للاستفادة من الوقائع السورية.

فالجنرالان “الاسرائيليان” ، يعتقدان بوجود فرصة الآن للتأثير في الوضع اللبناني، من خلال التوسع في التدخل العسكري، واستغلال الاتفاق المبهم برأيهم مع حزب الله، لتطبيق اتفاق وقف النار، بما يجعل يد الجيش “الاسرائيلي” هي العليا، وفرض معطيات جديدة على الارض. وكذلك لم يخف المقال اهتمام الجنرالين بالاصوات المرتفعة على الساحة اللبنانية التي بدأت تطالب بنزع سلاح حزب الله.

ووفقا للتقديرات في “اسرائيل”، لا تحتاج “اسرائيل” في هذه المرحلة سوى لخضة داخلية يمكن الاستثمار فيها لاضعاف الحزب، بالارتكاز على ما يسمونه هشاشة اللحمة الوطنية اللبنانية، لكنهم لم يخفوا حجم المفاجأة ازاء سرعة تلقف بعض اللبنانيين للحدث السوري، ومحاولة استثماره في اضعاف حزب الله، معتبرين ان الاستعجال قد يكون في غير مكانه لانه سيكون مشوشا ودون ارضية صلبة، حتى لو كان مدعوما من الاميركيين، باعتبار ان خصوم حزب الله غير مؤهلين للعب هذا الدور، فضلا عن ان واشنطن ليست حاسمة بعد في قرارها لجهة الدخول في مواجهة مفتوحة داخليا، لاجبار الحزب على تسليم سلاحه.

وفي هذا السياق، كان المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين واضحا،عندما اشار في حديثه الاخير الى “اننا لم نهزم حزب الله”، وهو اقرار بقوة الحزب داخليا، ما اثار اكثر من علامة استفهام لدى خصوم الحزب ،الذين ينتظرون قدوم الادارة الجديدة لبلورة صيغة واضحة تكون خارطة طريق، لما يعتبرونه هجوما مضادا على حزب الله، سيتعزز زخمه مع دخول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الابيض.

وهو امر لفتت اليه شخصية سياسية بارزة امام زوارها، محذرة من انعدام مسؤولية البعض في الداخل اللبناني، وسطحية نظرتهم للتطورات التي انعكست احتفالات مبالغ بها ورهانات تصل الى حد التوهم والخيال اللاعلمي. وتحذر تلك الاوساط من هذه الاستراتيجة “المتهورة”، وترى فيها انتحارا جماعيا لن يؤدي الا الى الخراب، ولهذا ثمة محاولات حثيثة يبذلها رئيس مجلس النوب نبيه بري لانجاز الاستحقاق الرئاسي في الـ 9 من الشهر المقبل، لتحصين الوضع الداخلي والانطلاق في بحث معمق حيال طبيعة المرحلة المقبلة، وبناء الدولة بعيدا عن مشاعر البعض المتولدة من غريزة التشفي، باعتبار ان ثمة “غالب ومغلوب” لا يمكن ترجمتها على ارض الواقع لبنانيا.

لكن المقلق راهنا هو ميل ادارة ترامب لتأجيل الاستحقاق الرئاسي الى وقت لاحق، لمنع ما تسميه “تهريبة” يعدها بري مع “التيار الوطني الحر”، لتمرير انتخاب السفير جورج خوري، وهو امر تلقفته “القوات اللبنانية” التي فتحت قنوات اتصال موازية مع مستشار ترامب مسعد بولس، الذي التقى جبران باسيل في باريس، في اطار السباق المسيحي نحو “استرضاء” الساكن الجديد في البيت الابيض. وهنا تحذر تلك الاوساط من رهانات خاطئة قد تؤدي الى نتائج كارثية، بعد ان باتت “معراب” مقتنعة بضرورة عدم الاستعجال بانتخاب رئيس بانتظار “خارطة طريق” ترامب.

ولعل من المفيد التذكير، بانه في صلب “خارطة” الرئيس المنتظر ظروف أكثر ملائمة للتطبيع العربي مع “اسرائيل”. فهل هناك من يريد ملاقاته في لبنان؟ فهو سيحاول ابتزاز قادة الدول العربية، باعتبار ان الأحداث الدراماتيكية في سوريا قد تُلهم “الإخوان المسلمين” داخل دولهم ما يهدد أنظمتهم، وفي ظل هذه الظروف، تزداد قدرة “إسرائيل” على توسيع تحالفاتها الإقليمية باتجاه السعودية، بهدف الدفع بنظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، والمدخل الطبيعي له اضعاف إيران، اما بضرب برنامجها النووي، او اثارة حراك داخلي يدخل البلاد في حالة اضطراب وفوضى.

لكن من يراهن على اضعاف حزب الله متأكد من مآلات الوضع السوري؟ وهل يعرف ما يرسم حقيقة لسوريا الجديدة؟ هناك سيناريو متفائل، يتمثل في نجاح المعارضة في استقرار الدولة، مع الحفاظ على استمرار وجود الحكم الذاتي الطائفي داخل حدودها. وحتى الآن يستخدم ابو محمد الجولاني “الدهاء السياسي ” الذي مكنه من السيطرة على الدولة من دون مقاومة تُذكر، وجنب البلاد “حمام دم” بفعل غياب الاعمال الوحشية التي قام بها تنظيم “داعش” في السابق. لكن بعض الاعمال الانتقامية، ومحاولة الدخول الى مقام السيدة زينب بالامس اثار “نقزة” مبررة تثير علامات استفهام.!

وتبقى المخاوف من السيناريو الليبي، الذي يتمثل في فقدان الجولاني السيطرة على تحالف “المتمردين”، وهو ما يؤدي إلى تفكُّكه، فتبدأ الفصائل والطوائف المتعددة في سوريا بفرض قوانينها الخاصة، وتشن حملات انتقام دموية، وتتصارع في ما بينها، وصولا الى التقسيم..

وماذا اذا قرر المسلحون إقامة دولة إسلامية في سوريا تستند إلى الشريعة؟ على غرار “طالبان” في أفغانستان، أو بشكل أقل تطرفاً، استناداً إلى أيديولوجيا حركة “الإخوان المسلمين”. وكان لافتا امس الاول وجود علم “هيئة تحرير الشام” الى جانب العلم السوري في مجلس الوزراء . في ظل هذا السيناريو، من المحتمل أن تدعم تركيا النظام الجديد، وهو ما قد يشكل تهديداً للأردن، ومصر ويزيد من التحديات الداخلية في دول الخليج، ولن يبقى لبنان بعيدا عن المخاطر.

ازاء هذه السيناريوهات، نصح ديبلوماسي عربي فاعل اصدقاء له من اصحاب “الرؤوس الحامية” في لبنان، بضرورة التروي وعدم الاندفاع نحو اي مغامرة غير مضمونة، وانتظار انقشاع الصورة في سوريا والمنطقة، كي لا يدفع لبنان ثمنا يمكن تجنبه بالاسراع في اتمام الاستحقاقات وتأجيل النقاشات الحساسة الى وقت لاحق. فهل يتعظ هؤلاء؟

Exit mobile version