لغم الورقة الأميركيّة… السيطرة على الأجواء
كتب ميشال نصر في “الديار”:
بين تهديدات “افيخاي” التدميرية ورصاص التدابير الاحترازية، سلك الرد اللبناني طريقه الى واشنطن، بعدما مهد للخطوة اعلاميا، ليقرأ الجواب في الموجات المتتالية من الهجمات الجوية، في الداخل، والتوغلات البرية على الحدود الجنوبية، مع انتقال ثقل المعارك الى الخط البحري، الذي يعتبر مفتاح خط الدفاع الثاني لحزب الله، من المنظور الاسرائيلي.
وفيما تستمر الاتصالات مع “حشر” الجانب اللبناني، فرنسا على خط المباحثات في الصالونات، وكذلك في الحلول الميدانية، تؤكد الاوساط الديبلوماسية ان موجات التفاؤل الاصطناعية تراجعت الى حدودها الدنيا، في ظل “رفض” الجانب اللبناني لنقاط اساسية في التسوية، لا يمكن تمريرها اميركيا واسرائيليا، في ظل القرار المتخذ، والذي تصر ادارة ترامب على تعزيزه.
اوساط ديبلوماسية متابعة كشفت عن بند خطر تضمنته الورقة الاميركية، هو اللغم الاكبر، وهو محض سيادي، يتمثل بقرار دولي بانشاء “يونيفيل جوية” او ما يشبهها، لتتولى المراقبة الجوية على غرار “اليونيفيل البحرية”، حيث ستتولى تلك المهمة دول اطلسية، وبالتحديد بريطانيا واميركا والمانيا، اذ ان الدول التي تملك تلك الامكانات محدودة، ما يعني عمليا الاستعاضة عن وجود الطيران الاسراءيلي في الاجواء بطيران “حليف”، بينت تجربة الحرب الاخيرة مدى خطورته، خصوصا ان قواعد انطلاق تلك الطائرات ستكون خارج الاراضي اللبنانية، حيث تم الاتفاق على اعتماد القاعدة البريطانية في قبرص.
وتتابع الاوساط انه خلال المناقشات التي جرت في واشنطن بين المسؤولين العسكريين الاميركيين والاسرائيليين، اتفق على ان هذه النقطة هي من الامور الحيوية والاستراتيجية في اي اتفاق، لان الرقابة الجوية اساس لوقف التهريب واعادة بناء قدرات حزب الله، معتبرة، ان هذه النقطة تشكل عاملا اضافيا لعملية فرض اللجنة التي حكي عنها لمراقبة التنفيذ.
واشارت الاوساط الى ان رئيس مجلس النواب اقترح حلا فيما خص تشكيل اللجنة واطرافها، على قاعدة “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم” يقضي باستنساخ تركيبة اللجنة التي انشات عام 1996 للاشراف على تطبيق الاتفاق الذي انجزه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وانهى حرب عناقيد الغضب، والتي كانت تضم ممثلين عن، لبنان واسرائيل وفرنسا واميركا وسوريا، طارحا استبدال دمشق بالامم المتحدة، وبداية اعتقادها بان “الاقتراح لن يمشي”، فلا واشنطن ولا تل ابيب في صدد القبول بتلك التسوية.
واعتبرت الاوساط ان الاخطر من الورقة التي وصلت الى بيروت، هو التفاهمات الثنائية الجانبية التي ابرمت بين واشنطن وتل ابيب، والتي شكلت الاساس لقبول اسرائيل بالتسوية، والتي صاغها فريق الرئيس دونالد ترامب العسكري والامني، المعني الاول بتنفيذها، والتي تحفظ للدولة العبرية “حرية العمل فوق وعلى الاراضي اللبنانية”، ضمن شروط واضحة ومحددة بدقة، استندت الى البنود التالية الواردة في الورقة:
– إقرار الطرفين بأهمية قرار الأمم المتحدة رقم 1701
-اعطاء الطرفين حق الدفاع عن النفس إذا لزم الأمر
-انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان خلال 7 أيام، على ان ينتشر مكانها الجيش اللبناني تحت اشراف اميركي – دولي
-التزام لبنان بنزع سلاح أي مجموعة عسكرية غير رسمية في الجنوب خلال 60 يوما من توقيع الاتفاق
-إشراف الحكومة اللبنانية على تفكيك منشآت إنتاج الأسلحة غير المعترف بها
وختمت الاوساط، بأن “المقترح” الاميركي – الاسرائيلي الحالي، هو اقصى ما يمكن ادخاله من تعديلات على اتفاق الاطار الاول الذي قدمته تل ابيب، وبعد اخذ الوسيط الدولي اموس هوكشتاين بالملاحظات التي سمعها في عين التينة خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، وعليه، فان عدم السير به اليوم، سيبقيه على الطاولة للمرحلة المقبلة، باعتباره السقف الذي فرضته واشنطن بما يتلاءم مع مصالح امنها القومي في المنطقة، ومعركة “تحجيم” النفوذ الايراني فيها، استعدادا للذهاب الى طاولة المفاوضات النووية، بتوازنات قوى جديدة.