لبنان يزحف إلى المختارة في ذكرى استشهاد كمال جنبلاط

لبنان يزحف إلى المختارة في ذكرى استشهاد كمال جنبلاط

كتبت الانباء الالكترونية

مشهد المختارة بالأمس في إحياء الذكرى الثامنة والأربعين لاستشهاد المعلم كمال جنبلاط كان مليئا بالعبر، كما بالمواقف والشهادات المحلية والدولية، وكذلك الرسائل التي حملتها كلمة الرئيس وليد جنبلاط أمام حشود ملأت طرقات المختارة وساحاتها وقصرها. فيما تعذر وصول الآف أخرى الى ساحة المختارة بسبب الزحمة الشديدة على مداخل البلدة في بُطمة والجدَيدَة. كما كانت هناك مشاركة دبلوماسية واسعة إلى جانب وزراء ونواب وشخصيات سياسية وحزبية ودينية وممثلين عن المرجعيات الروحية. كما شارك في إحياء الذكرى وفد من جبل العرب وآخر من جرمانا في سورية.

وقد اعطى المشهد المناسبة أبعادا مختلفة عما سبقها في السنوات السابقة من حيث الظروف السياسية والمتغيرات والتحولات التي شهدتها وتشهدها المنطقة، وهي تحولات كان حذر منها كمال جنبلاط منذ ستينيات القرن الماضي.

المناسبة بدات ببث كلمات عن المعلم كمال جنبلاط عبر شاشات توزعت في الساحات الخارجية، أبرزها لرئيس فرنسا السابق فرنسوا هولند رئيس الوزراء السابق ليونيل جوسبان ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف ورئيس الاشتراكية الدولية بيدرو سانشيز ومن فلسطين الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، والرئيس السابق ميشال سليمان.

جنبلاط

الرئيس وليد جنبلاط قال في كلمته “إذ أشرقت شمس الحرية على سوريا بعد غياب طويل، وإذ سقط نظام القهر والاستبداد بعد نحو أربعة وخمسين عاماً، وتحرّر الشعب السوري، وحيث أنَّ الحكم الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع اعتقل المسؤول عن جريمة اغتيال كمال جنبلاط في ذاك اليوم الأسود، ابراهيم الحويجة، أعلن باسمي وباسم عائلتي واسم الحزب ختم هذا التقليد، كون عدالة التاريخ أخذت مجراها في مكان ما ولو بعد حين.

وأعلن أن المختارة تتطلع والحزب إلى مرحلة جديدة من النضال والتحدي، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

– التمسك بالاشتراكية الأكثر إنسانية كما نادى بها الشهيد الكبير، حيث يثبت الحزب المبادىء على حساب القشور والشخصنة، الأمر الذي يتطلب ورشة فكرية تنظيمية استثنائية من أصحاب الشأن.

– التأكيد على يوم المصالحة التاريخي برعاية البطريرك مار نصر الله بطرس صفير في 3 آب 2001، واعتبار هذا الحدث منطلقاً للعلاقات اللبنانية – اللبنانية فوق الانقسامات السياسية، كما كانت حالة جبل لبنان من السلم والوئام أيام العصر الذهبي لسيدة القصر نظيرة جنبلاط.

– التمسك بالهوية العربية للبنان كما عرفها كبار الأدباء والمفكرين والساسة والوطنيين أيام عصر النهضة. هوية شوهتها أنظمة القمع والاستبداد والمخابرات.

– أهمية تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، ومتابعة ترسيم الحدود حفاظاً على السيادة اللبنانية وتطبيقاً للقرارات الدولية.

– إعادة إعمار الجنوب وباقي المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي من خلال وضع آلية موثوقة عربياً ودولياً.

– إعادة بناء العلاقات اللبنانية – السورية على قواعد جديدة بعيداً عن التجارب السابقة، وترسيم الحدود براً وبحراً.

– التمسك بالحقوق الفلسطينية المشروعة، وفي مقدمها حل الدولتين، والتأكيد على حق العودة واحترام القرارات الدولية، مع رفضنا المطلق لأي سلم أو تطبيع.

وتوجه جنبلاط إلى بني معروف في مئوية سلطان الأطرش ومئوية الثورة الوطنيّة السورية بالقول، حافظوا على هويتكم العربية. حافظوا على تاريخكم النضالي المشترك مع الوطنيين العرب والسوريين في مواجهة الاستعمار والانتداب.

حافظوا على موقفكم في مواجهة احتلال الأرض العربية في الجولان السوري.

وتابع، إلى بني معروف، حافظوا على تراثكم الإسلامي واحذروا من الاختراق الفكري الصهيوني الذي يريد تحويلكم إلى قومية، واحذروا من استخدام البعض منكم كإسفين لتقسيم سوريا وباقي المنطقة، تحت شعار تحالف الأقليات الذي عارضه كمال جنبلاط وقد استشهد رفضاً لهذا المشروع. مؤكدا أن الزيارات ذات الطابع الديني لا تلغي احتلال أرض فلسطين والجولان.

وأضاف، إلى بني معروف، حافظوا على إرثكم الفكري والنضالي والسياسي الذي أرساه كبارنا، وفي مقدمهم سلطان الأطرش وشكيب أرسلان وكمال جنبلاط.

وختم كلمته بشعار الذكرى: صبرنا، صمدنا، وانتصرنا”

تيمور جنبلاط

رئيس حزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط كتب على منصة “أكس”: “هو يوم الوفاء الكبير لشهيدنا الأكبر كمال جنبلاط، وللشهداء الذين قضوا بهذا اليوم الحزين منذ ٤٨ سنة، ولكل شهداء الوطن على مدى سنين الجرح اللبناني، عسى أن نختم معاً كل الجراح. مضيفا، كل التحية لكم يا أهل الوفاء، ولنعمل معاً لأجل كل ما نادى به كمال جنبلاط برؤيةٍ واعية مهما كانت التحديات”.

بري

وكانت شهادات من العديد من الشخصيات اللبنانية أبرزها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استحضر” تاريخًا طويلاً من النضال المشترك مع وليد بك جنبلاط في سبيل وحدة لبنان وانتمائه العربي والرفض للاحتلال الاسرائيلي والارتهان له. وهي علاقة تمتد من واقع الرفض لكل محتلّ، الذي مثله جبل عامل وجمعه مع الجبل الأشمّ مع سلطان باشا الأطرش وبقي مع وليد جنبلاط.

وتوجه إلى أبناء الجبل وأبناء طائفة الموحدين بالقول، “اليوم في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية، أنتم مدعوون، كما كنتم دائمًا أوفياء لتاريخكم،إلى تأكيد موقفكم الراسخ بالحفاظ على الانتماء العربي والإسلامي وحرصكم على أن تكونوا جزءاً لا يتجزأ من الدولة إن في سوريا أو في لبنان، والبقاء دوماً إلى جانب فلسطين وقضيتها العادلة، وعدم الوقوع في فخ مخططات العدو، وهو ما شكّل ضمانته على الدوام دور وموقع وليد بك جنبلاط المؤتمن على هذا الأرث الكبير.

سلام

رئيس الحكومة نواف سلام وصل الى المختارة بعيد انتهاء الإحتفال ووضع وعقيلته الزهر على ضريح المعلم كمال جنبلاط ورفيقيه، ثم عقد لقاء مع الرئيس وليد جنبلاط ورئيس الحزب تيمور جنبلاط في مكتبة القصر بحضور العائلة. وبعد اللقاء، قال سلام: “الرمزية واضحة. انتصار للتاريخ على الإستبداد، وتُبين أيضاً انه مهما طال الزمن العدالة آتية وأتت”، مضيفاً “هذا النهار نستلهم فيه كفاح كمال جنبلاط في وجه الطغاة ونضاله من أجل حرية لبنان واستقلاله وإصلاح نظامه السياسي ونصرته لشعب فلسطين”.

عون

رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حيّا ذكرى كمال جنبلاط. وقال “نستذكر اليوم رحيل كمال جنبلاط. زعيماً كبيراً في لبنان، ومناضلاً مؤمناً بحق فلسطين، ومفكراً مشعاً على المنطقة والعالم، وشهيداً في سبيل الحرية والتحرر من ذلك “السجن الكبير”.

ونستذكر معه، كما قال اليوم بالذات نجله الزعيم وليد جنبلاط، “الشهداء الأبرياء من أبناء المنطقة وخارجها، الذين سقطوا ظلماً وغدراً”، إثر تلك الجريمة البشعة. ونتعلم من تلك الدماء والأيام، أن لبنان، الدولة الجامعة، المنبثقة من إرادتنا الموحدة، هو حمايتنا الأكيدة الوحيدة”.

ومساء اتصل الرئيس هون بالرئيس وليد جنبلاط مستشهداً بمسيرة المعلم ومستذكراً القول الشهير: “الله يمهل ولا يهمل”.

مصادر متابعة اعتبرت أن الذكرى هذه السنة كانت مفصلية واستثنائية بكافة المقاييس. ولفتت في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى الشهادات والتعليقات من قيادات محلية وعربية ودولية التي استذكر أصحابها المعلم، بأنها جاءت على قدر المناسبة وفي التوقيت الصحيح.

المصادر وصفت الرئيس وليد جنبلاط برجل الدولة من الطراز الاول. فهو لا يحمل هم طائفته وحزبه فحسب، بل يحمل على منكبيه هم لبنان والمنطقة العربية في هذه التحولات المفصلية الإقليمية والدولية. ودعت المسؤولين والقوى السياسية كافة الى قراءة متأنية لخطاب جنبلاط والمواضيع التي لفت إليها والاستفادة منها. وهو ما يكسب المختارة هذه القوة والمناعة الكبيرتين في قلب الجبل كقلعة وطنية همها الأكبر حماية لبنان والدفاع عنه.

 

Exit mobile version