مع استمرار تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والنقدية في لبنان، التي تترافق مع أزمة الطاقة القديمة المتجدّدة، تتزايد الحاجة في لبنان لاستخراج النفط والغاز الموجود في أعماق البحر، ما لذلك من تأثير إيجابي على النهوض الإقتصادي وسداد الدين العام الذي يقارب ما نسبته 180% من الناتج الإجمالي المحلي، وهو السبب الذي جعل لبنان يتصدّر المركز الرابع بعد اليابان والسودان واليونان على لائحة البلدان الأكثر مديونية في العالم.
يأتي ذلك مع وصول عاموس هايشنكاين، الوسيط الأمريكي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الإسرائيلي الى بيروت، الذي جال على القيادات اللبنانية، ونقل لهم استعداد واشنطن لإعفاء كل من الأردن ومصر من تبعات قانون قيصر والبدء بتوصيل الكهرباء الأردنية والغاز المصري إلى لبنان، بالتوازي مع تخلي الأخير عن الخط 29 كجزء من صفقة كاملة.
رئيس مجلس النواب، نبيه بري، أكّد للوسيط الأمريكي رفضه لأي صناديق مشتركة مع الكيان الإسرائيلي، باعتباره شكلاً من أشكال التطبيع المرفوض من قبل اللبنانيين، بغضّ النظر عن خطوط الترسيم وتقاسم عائدات النفط ضمن صناديق دولية مشتركة، كما أبلغه رفض العودة إلى خط هوف الذي تمّ وضعه في المنتصف، أي بين الخط 1 الإسرائيلي والخط 23 اللبناني، والذي يعطي لبنان نسبة 59% من المساحة المتنازع عليها، ويضمن للكيان الإسرائيلي 41% من المساحة.
ويبدو أن مطالب الوفد اللبناني المفاوض بتعديل المرسوم 6433 المتعلق بترسيم الحدود البحرية واعتماد النقطة 29 بدلاً من النقطة 23 لم يلقَ آذاناً صاغية عند المسؤولين، الذين رضخوا لمطالب الوسيط الأمريكي بعدما اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “النقطة 23 هي حدودنا وان تعديل المرسوم لم يعد واردًا في ظل المعطيات الجديدة”.
الجدير بالذكر أن المفاوض الإسرائيلي يؤكد ان حدود كيانه تبدأ من النقطة رقم 1، مما يعني أن المساحة المتنازع عليها تساوي 860 كلم مربع، أما في حال اعتماد النقطة 29 فسيضاف إلى المساحة المتنازع عليها حوالي 1430 كلم مربع مما يجعل المجموع الكلي 2290 كلم مربع.
هذا ويعود أصل الخلاف إلى التفاوض مع قبرص في العام 2008، الذي كرس النقطة 1 كنقطة غير نهائية للحدود، وقتها تمّت المصادقة على الخرائط في البرلمان القبرصي، بينما رفض لبنان نهائياً هذا الترسيم مستحدثاً النقطة 23، ومن ثم تمّ الترسيم بين الكيان الإسرائيلي والقبارصة دون اطلاع الجانب اللبناني على مسار التفاوض الذي لم يلحظ استحداث لبنان للنقطة 23.