لبنان يخوض “مقاومة ديبلوماسيّة” برفض الوصاية الدوليّة وتعديل القرار 1701الانتصارات التي حققها منذ 1982 حتى 2006 لن يتراجع عنها لمصلحة العدو الإسرائيلي
كتب كمال ذبيان
ما لم يتمكن منه العدو الاسرائيلي، وحليفته اميركا والدول التي تسير في سياستها في مجلس الامن الدولي، من وضع لبنان تحت الفصل السابع في القرار 1701، الذي اوقف العمليات العسكرية في 14 آب من العام 2006، بعد صمود لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، بوجه الحرب الاسرائيلية التي دامت 33 يوماً، فان واشنطن وبعد 17 عاماً، تسعى الى ان يتضمن قرار التجديد للقوات الدولية، الذي طلبه لبنان من الامم المتحدة، كما في كل عام، ان يتم تعديل بنوده، لجهة ابطال التنسيق والتعاون مع الجيش اللبناني، وان تقوم القوات الدولية، بالتحرك في مناطق عملياتها في جنوب نهر الليطاني، دون ابلاغ الجيش وبمفردها كما يجري عادة، وهو ما يحصل منذ القرارين 425 و426 الصادرين عن مجلس الامن الدولي في 26 آذار 1978، اثر اجتياح اسرائيلي لمناطق في الجنوب، حيث لم تساعد هذه القوات لبنان لتحرير ارضه من الاحتلال الاسرائيلي، بل حصل الغزو الصهيوني له في 5 حزيران 1982، امام مرأى قوات الامم المتحدة، ووصل الاحتلال الاسرائيلي بقواته الى العاصمة بيروت، واخرج منظمة التحرير الفلسطينية منها.
وفوجىء لبنان، بالتعديل الوارد في النص المقدم من الامانة العامة للامم المتحدة، بوضع لبنان تحت الفصل السابع، والسماح للقوات الدولية بالتحرك من دون عوائق، حيث تكشف مصادر ديبلوماسية، ان تغيير قواعد الاشتباك في الجنوب، بان تتحول القوات الدولية من حافظة للسلام والاستقرار في المنطقة، الى اشتباك مباشر بين هذه القوات واهالي المناطق، التي يدخلون اليها، كما مع المقاومة، التي تتحرك بالتنسيق مع الجيش، فتصبح عرضة للصدام مع القوات الدولية.
من هنا، فان لبنان سيعود الى “المقاومة الديبلوماسية” التي سبق ومارسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، عندما خاض مفاوضات مع ممثلي الامم المتحدة، اضافة الى سفراء الدول لا سيما تلك الممثلة في مجلس الامن، بالا يصدر مجلس الامن قراره تحت الفصل السابع، حيث نجح بري في هذه المقاومة، في وقت كانت المقاومة العسكرية تحقق انجازات على الارض، كاطلاق الصواريخ على اهداف عسكرية واستيطانية صهيونية، والصمود على الارض في وادي الحجير كما في سهل الخيام وقلعة الشقيف، حيث تبّدل التوازن الاستراتيجي لمصلحة المقاومة، التي لم تلق السلاح، في وقت كان وزراء في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، يصرون ان يصدر قرار مجلس الامن تحت الفصل السابع ويتضمن بنداً، بنزع سلاح المقاومة ومنع وجودها كجيش رديف، وتحقيق انتصار للعدو الاسرائيلي، الذي سقطت اهداف حربه، التي وضع لها فترة زمنية 72 ساعة، فامتدت الى 33 يوماً، كما لم يحقق العدو هدفه الاساسي، الا وهو تدمير البنية الصاروخية “لحزب الله”، الذي كان يطلق ما بين 100 و150 صاروخاً يومياً، فيضع المستوطنين في الملاجىء، بعد تعطيل لمرافق حيوية، فتشكل توازن الردع، الذي اوصل الى القرار 1701، دون الفصل السابع.
ونجح لبنان في ديبلوماسية المقاومة، وتوازن الردع، في ان يمنع توسيع عمل انتشار القوات الدولية، نحو الحدود اللبنانية ـ السورية، والانتشار على الحدود الشمالية والشرقية للبنان مع سوريا، وبذلك يقطع طريق الامداد بالسلاح الى المقاومة، التي لم ترضخ للشروط الاميركية ـ الاسرائيلية، ولبعض القوى السياسية والحزبية في الداخل اللبناني، الذين رأوا الفرصة متاحة، لنزع سلاح “حزب الله”، ووقف المقاومة في لبنان، والذهاب الى سلام مع العدو الاسرائيلي، الذي كان هدفه من الغزو الصهيوني للبنان في صيف 1982، ان يكون لبنان، الدولة الثانية التي توقّع الصلح مع الكيان الصهيوني، بعد ان فعل ذلك النظام المصري برئاسة انور السادات، لكن المقاومة الوطنية، كما “جبهة الخلاص الوطني”، اسقطا ما كان يريده العدو الاسرائيلي وعملاؤه في لبنان فكان سقوط اتفاق 17 ايار عام 1984، وتغيّرت المعادلة الداخلية، وانتهى حكم “حزب الكتائب”، بمحاصرة رئيس الجمهورية امين الجميل.
فهذه الانتصارات منذ عام 1982 وحتى عام 2006، لن يتخلى عنها من احرزها من قوى وطنية ومقاومة، بالتحالف مع سوريا، اذ عبّر لبنان الرسمي من خلال وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، عن رفض اي تعديل للقرار 1701، سواء بنقله الى الفصل السابع، او تحرك القوات الدولية من دون التنسيق مع الجيش، وابلغ بوحبيب ذلك الى سفراء الدول في مجلس الامن قبل سفره الى نيويورك، وهو ما ابلغه الى المندوبة الدائمة لاميركا في الامم المتحدة ليندا توماس غرينيفيلد، وحذرهم من ان هذا التعديل سيدخل لبنان، في معركة مع القوات الدولية، التي سينظر اليها كقوات احتلال، موجودة من خارج اطار الحكومة اللبنانية.
فلبنان يخوض معركة مصيرية في الامم المتحدة، حيث يكشف التعديل المقترح على القرار 1701، عن تصعيد اميركي ضد الشعب اللبناني، بوضعه تحت مظلة دولية، لا تقوده الى السلام، بل الى صدام مع القوات الدولية، ووقوع حرب اهلية، مع انقسام اللبنانيين حول دور هذه القوات.