لبنان نقطة في بحر تحوُّلات ترامب.. سلام يخوض معركة صعبة في توليد حكومة تصمد بوجه العواصف العاتية!

لبنان نقطة في بحر تحوُّلات ترامب.. سلام يخوض معركة صعبة في توليد حكومة تصمد بوجه العواصف العاتية!

كتبت جريدة “اللواء”:

لم يكتمل أسبوعان على تنصيب دونالد ترامب، رئيساً من الحزب الجمهوري للولايات المتحدة الأميركية، حتى أظهر الرجل العائد إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية، حجم مشروعه الكبير والخطير، لإعادة بسط الهيمنة العظمى على العالم، ووضع خطط، مدروسة أو غير مدروسة لمقاربة الأزمات المشتعلة حول العالم في الاقتصاد، والسياسة، والمشكلات الأتنية والقومية والنزاعية من آسيا البعيدة، موطن الجنس الأصفر في الصين وتايوان، واليابان إلى خليج المكسيك، وجارته القريبة كندا، فضلاً عن أوروبا الغربية، شريكته في «الدول الثماني» ومجموعة العشرين.

عاد ترامب من بوابة «صفقة العصر» إلى معزوفة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن ومصر، وتوطينهم حيث هم في لبنان، والأردن وسوريا ومصر ودول الخليج، وصولاً الى نقل بعضهم الى أندونيسيا وألبانيا، التركية في ما كان يعرف بـ «أوروبا الشرقية» في أزمنة الاتحاد السوفياتي، (الذي تهاوى الى الاتحاد الروسي وكفى).

بدأ ترامب في الحرب الجمركية ضد الدول المخاصمة له والحليفة (الصين- كندا) بفرض رسوم جمركية اضافية على البضائع المستوردة منها، ليشعل حرباً اقتصادية وتجارية، من نوع سابق على اتفاقية منظمة التجارة الدولية.. (الغات)..

التفت الرئيس الناجي من أكثر من محاولة لاغتياله إلى الشرق الأوسط ولبنان، فبدأ بدراسة سحب جنوده المتواجدين في سوريا لأسباب متعددة، منها نصرة قسد الكردية (أو قوات سوريا الديمقراطية) ثم إيلاء الوضع اللبناني أهمية خاصة بـ «تصفية الحساب» مع حزب الله، في الميدان السياسي، بعدما تمكنت آلة الحرب الاسرائيلية من تسديد ضربات موجعة للمقاومة الاسلامية في لبنان (حزب الله)، سواءٌ بالاغتيالات أو الاحتلالات، أو تدمير ما تمكنت الآلة العسكرية الضخمة من تدميره من منصات ومخازن أسلحة.. إلخ..

أوكل ترامب إلى مستشاره اللبناني الأصل مسعود بولس وضع خطوط المسموح به، والممنوع في ما خصَّ موقع حزب الله في النظام اللبناني، بعد حرب المساندة التي تحولت إلى حرب طويلة انتهت بوقف اطلاق النار في 28 ت2 الماضي.

وعلى طريق التوجه الأميركي الجديد، تتحدث مورغن أورتاغوس التي عينها ترامب، بدل آموس هوكشتاين، والذي يتحدث عنه للبنانيون كأنه واحد منهم، والتي أخَّرت وصولها إلى بيروت. وإجراء اتصالات مع المسؤولين في لبنان، تتحدث عن ضرورة اقصاء حزب الله عن الحكومة الجديدة، بصورة مباشرة، وبلا مواربة، من زاوية التلويح بوقف الدعم العسكري وغير العسكري للبنان، وعدم تسهيل خروجه من محنته، التي تبدأ من طرد الاحتلال الاسرائيلي من أراضيه.. فضلاً عن مساعيها لإعادة الأسرى السبعة الذين سلَّم حزب الله لائحة بأسمائهم للدولة اللبنانية، التي ستطرح اسماءهم على جدول اعمال اجتماع لجنة مراقبة وقف اطلاق النار في الناقورة خلال 72 ساعة، كما تردَّد..

من المتفق عليه، في مختلف الدوائر الدبلوماسية العربية والدولية والاقليمية أن لبنان على خط ترتيبات ما بعد وقف النار في لبنان وغزة، وتصفية الحساب المؤذي لمحور «الممانعة» بزعامة إيران.

والترتيبات، لا تعني فقط ربط البلد بالمحور «المنتصر» (في إشارة إلى إبعاد إيران، وليس اعتبار اسرائيل ضمن هذا المحور).
وهذا يعني، ليس افتتاح أكبر سفارة للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط، مقرها عوكر (حيث مبنى السفارة الحالية) بل بإبعاد حزب الله عن موقع التأثير في السياسات اللبنانية، سواءٌ في ما يتعلق بالسياسة الخارجية أو بناء التوازنات الداخلية..

وعلى خط الفيالق الحاصلة في المنطقة، والعالم، حيث وصفت زمرة «الامبرياليين الماليين» في الولايات المتحدة والعالم الغربي، الصناعي وما بعد الصناعي، ووسط هيمنة جامحة للذكاء الاصطناعي على مقدرات الصناعة والطاقة وادارة عمليات التحكم، بغطاء ايديولوجي يجمع بين أفكار التحالف البروتستنتي- اليهودي حول العالم، والذي يعتبر الجنس الأصفر، والاسلام السياسي، في مقدمة خصومه، وحتى أعدائه، تجري المحاولات القائمة الآن لتأليف حكومة جديدة، بإدارة خارج التجربة السياسية التي تحكمت بالبلاد والعباد منذ ما بعد العام 1992.. ولا حاجة بعد للكلام عن تجاوزات وموبقات وفساد، لفَّ تلك المرحلة.. والتي بقيت ضمن المادة90 من الدستور تسمى «بالمرحلة الانتقالية».

وفي الفقرة أ- تُمثَّل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة، عند هذه النقطة يدور موضوع الأخذ والرد في عملية التأليف، وتثير المسألة في عمومية الفقرة اشكاليات تتعلق بالجهات التي تمثل الطوائف، هل هي المجالس الملية والمذهبية، مثل بكركي، والمجلس الاسلامي الشرعي الاعلى، والمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، والمجلس المذهبي للموحدين الدروز، والبطاركة والموارنة لدى الطوائف المسيحية الأخرى، ومنهم الأرمن، أم الأحزاب الممثلة لهذه الطوائف، أم الكتل النابية، لا سيما الكبيرة منها..

وتطرح إشكالية «التمثيل العادل» مسألة أخرى متعلقة بالحقائب، التي صُنِّفت بين سيادية وغير سيادية (السيادية 4 وزارات)، وهي المالية، الدفاع، الخارجية والداخلية) وهي موزعة على الموارنة والارثوذكس مسيحياً، وعلى السنّة والشيعة إسلامياً.
بين متطلبات الدستور الطائفي، ومتطلبات الأجواء الدولية والعربية في مرحلة ما بعد حرب «طوفان الأقصى» ونتائجها، بما في ذلك التحوُّل الكبير في سوريا، وما يترتب عليه من صراعات وانعكاسات في عموم الشرق الأدنى، يخوض الرئيس المكلف معركة صعبة لتوليد حكومة قادرة على الصمود في وجه العواصف العاتية، بدعم معلن، وبتفاهم معلن مع رئيس الجمهورية..

Exit mobile version