كتب نقيب المحامين السابق ناضر كسبار:
غريب امر اللبناني الذي يتعامل مع ما يصيبه من حوادث وكوارث وعدوان بقلة اهتمام، وبشيء من التغاضي حتى لا نستعمل كلمات اخرى.
ففي ظل هذا العداون الواسع وما يرافقه من مجازر لم يسبق لها مثيل في تاريخ لبنان، حيث تقصف مناطق ومدن وبلدات بشكل يومي بمئات الصواريخ الثقيلة وغير الثقيلة، وتهدم بيوت على رؤوس قاطنيها، وتباد عائلات عن بكرة ابيها، وتقصف مناطق متعددة، ويقتل يومياً العشرات ويقع المئات كجرحى. وينزح اكثر من مليون مواطن، ومنهم من سُويت منازلهم بالارض، ويعيشون في ظروف صعبة جداً، ويُشل عمل اللبنانيين الذين يعيشون حالة يأس وترقب. ومع ذلك نسمع اصواتا تقول بأن الوضع عادي. وبعضهم يقول “بكرا اذا صار في حرب”. وهي عبارة يرددها الكثيرون الكثيرون. فإذا لم يكن ما يحصل في لبنان يشكل اكثر من حرب وعدوان ومجازر، فكيف يفسر الفلاسفة الذين يطلون يومياً على شاشات التلفزيون ما يحصل؟. هل هو تمرين ما قبل الحرب؟. وهل يجب ان يحصل اشتباك بالكلاشينكوف وأل رب ج بين الآحياء حتى يُسمى ما يحصل بالحرب؟. مناطق وقرى لم تشهد رصاصة واحدة خلال الحرب، مثل ايطو مثلاً، تشهد عدواناً ويذهب ضحيته العشرات، وعائلات تباد. وفي البقاع يعددون القرى التي يطالها القصف وهي بالعشرات ويستشهد المئات وكذلك الجنوب والضاحية، ووصل العدوان الى وسط بيروت. فما هو مفهوم الحرب لدى هذا البعض؟. ومتى نشهد تعاضداً غير مشوب بأي شائبة، على الاقل من الناحية الانسانية والاجتماعية. ولا يعتبر البعض ان الوضع عادي وقسم من الوطن جريح ومشلول ومنكوب ويلملم اشلاء محبيه ومواطنيه.
كنا صغاراً وكان احد رفاقنا يحمل شمسية، والشتاء يهطل. قلنا له إفتح الشمسية.
فأجاب: لوقت الحشرة. فأجبناه وهل هناك حشرة اكثر من هذه الحشرة؟.
أتمنى ان تصل هذه الرسالة الى من لا يزال يعتبر بأن الوضع عادي، ليتصرفوا على اساس ان لبنان في حالة حرب وعدوان.