لوحظ اندماج نوع من الطحالب الموجودة في المحيط مع بكتيريا مُثبتة للنيتروجين، في عملية تُعرف بالتكافل البدائي، وهي ظاهرة نادرة ساهمت سابقًا في تطور الحياة المعقدة على الأرض.
استخدم البحث تقنيات متقدمة مثل التصوير الطبقي بالأشعة السينية لتتبع عملية الاندماج، والتي أظهرت كيف يمكن للطحالب أن تحسن من قدرتها على البقاء والوظيفة بفضل البكتيريا.
يمكن أن يقدم البحث رؤى حول كيفية هندسة النباتات لتثبيت النيتروجين بشكل ذاتي، مما قد يقلل من الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية ويعزز من استدامة الإنتاج الغذائي.
في حدث استثنائي غير مسبوق منذ ظهور الحياة المعقدة على الأرض، رصد العلماء نوعين مختلفين من أشكال الحياة، وهما الطحالب المحيطية والبكتيريا المثبتة للنيتروجين، وهما يندمجان في كائن حي واحد فعّال. يمكن لهذا الاندماج النادر أن يفتح آفاقًا جديدة في فهم التطور البيولوجي وأن يؤثر بشكل كبير على الممارسات الزراعية المستقبلية.
تُعرف هذه الظاهرة بالتعايش الداخلي الأولي، وتحدث الآن للمرة الثالثة فقط في تاريخ الأرض. تشمل هذه الظاهرة دمج كائن حي لكائن آخر ضمن بنية خليته، ليصبح جزءًا من نظامه الداخلي. أدى الحدث الأول إلى تطور الميتوكوندريا، الضرورية لإنتاج الطاقة الخلوية في جميع أشكال الحياة المعقدة. أما الحالة الثانية، فقد أدت إلى ظهور البلاستيدات الخضراء، التي تلعب دورًا حيويًا في عملية التمثيل الضوئي بالنباتات.
سُجلت الحالة الأخيرة من قبل فريق دولي من الباحثين ينتمون إلى مؤسسات مرموقة مثل جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز (University of California, Santa Cruz) ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology)، بقيادة الباحث ما بعد الدكتوراه تايلر كويل (Tyler Quill). شاهد الفريق كيف تقوم الطحالب المحيطية بابتلاع البكتيريا المثبتة للنيتروجين، التي تُعدّ الآن جزءًا داخليًا منها. تقوم هذه البكتيريا بتثبيت النيتروجين، وهي عملية حيوية لم تكن الطحالب قادرة على إنجازها بمفردها، مما يعزز قدرتها على البقاء وكفاءتها الوظيفية.
أُجري البحث الموثق في مجلات “Science” و”Cell”، باستخدام التصوير المقطعي المتقدم بالأشعة السينية لمراقبة الطحالب خلال مراحل مختلفة من امتصاصها للبكتيريا. توفر الأفكار المستفادة من هذه الدراسة فهمًا أعمق للبيولوجيا التطورية وتقترح أيضًا طرقًا محتملة لهندسة قدرات مماثلة في نباتات المحاصيل. قد يفتح هذا الباب أمام عصر جديد في الزراعة حيث تكون المحاصيل قادرة على تثبيت النيتروجين بنفسها، مما يقلل الحاجة إلى الأسمدة الكيماوية ويؤدي بذلك إلى ثورة محتملة في إنتاج الغذاء.
لا يسلط هذا الاكتشاف الضوء على العمليات التطورية التي شكلت الحياة على الأرض فقط، بل يحمل أيضًا آفاقًا واعدة لتعزيز كفاءة المحاصيل واستدامتها. تملك القدرة على هندسة قدرات تثبيت النيتروجين في نباتات المحاصيل الإمكانية لتغيير الممارسات الزراعية جذريًا حول العالم، موفرة نهجًا زراعيًا أكثر ملاءمة للبيئة وأكثر كفاءة في استخدام الموارد. من المرجح أن يؤدي الاستكشاف المستمر لظاهرة التعايش الداخلي الأولي إلى تعميق رؤيتنا حول طبيعة الحياة واستراتيجيات التكيف الخاصة بها على كوكبنا.