كيف نحمي أولادنا على الويب؟

 

كتب علي عواد في “الأخبار”:

بين فترة وأخرى، تكشف الحياة عن بشاعة ما كُنّا نتخيّل حدوثه. مثل الذي حصل الأربعاء الماضي، مع إلقاء القبض على شبكة من المنحرفين استغلوا شهرتهم على منصة «تيك توك» للإيقاع بالأطفال واستغلالهم جنسياً. وعلى الأثر، خرجت دعوات لحجب «تيك توك»، وهناك من دعا إلى عزل الأطفال عن التكنولوجيا، فماذا يفعل الأهل أمام واقع كهذا؟أصبحت منصات التواصل الاجتماعي جزءاً من الحياة الحديثة، خصوصاً بالنسبة إلى الأجيال الشابة. وصار تطبيق «تيك توك» الشكل الجديد للتلفزيون، وتوفر هذه المنصات فرصاً للتواصل والتعليم والتعبير عن الذات، لكنّها تحمل مخاطر، خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال والمراهقين، إذ إن نسبة كبيرة من المستخدمين، تعكس من خلال شكل علاقتها ونشرها المحتوى على الويب، أن لديها اعتقاداً بوجود فصل بين الحياة الرقمية والحياة الواقعية.

في هذا المشهد الرقمي المتطوّر باستمرار، المعرفة هي القوة ووسيلة الحماية. يستغل المنحرفون معرفة الأطفال والمراهقين بأهمية الدخول إلى العالم الرقمي وأن يحجزوا لأنفسهم مكاناً يُؤمّن لهم الشهرة والمال. الأولاد يعلمون أهمية هذا الأمر تماماً. وعلى الرغم من وعيهم لتلك الأفكار، إلّا أن خبرتهم المنعدمة في الحياة تجعلهم عرضة لعصابات تستغل سعيهم إلى الشهرة على منصة هنا أو هناك.

الحياة في العالم الرقمي وفي العالم الحقيقي هي نفسها، وما يحصل في العالم الرقمي له ارتدادات حقيقية، ولا يعود مهماً إن كان التطبيق هو «تيك توك» أو «سناب تشات» أو «إنستغرام» أو «يوتيوب«، ذلك أن المخاطر تطلّ من أي نافذة. وفي ظل غياب برامج توعية حقيقية، فإن المنع والحجب عن التكنولوجيا لا يعالجان أصل المشكلة، بل قد يتسبّبان بضرر. وينصح المتخصصون في العلاقات الأسرية أن تكون هناك محادثات صادقة مع الأولاد حول المخاطر عبر الإنترنت، وإعدادات الخصوصية، وكيفية التصرف حيال الغرباء مثلما يحدث الأمر في الواقع الحقيقي.

ومع انضمام الأطفال إلى منصات التواصل، يمكن للأهل وضع قواعد وحدود واضحة في ما يتعلق بوقت الاستخدام ونوع المحتوى الذي يشاركونه والتفاعلات عبر الإنترنت. فعلى سبيل المثال، لا ننشر محتوى يدل على مكان المنزل أو لوحة أرقام السيارة ولا عنوان المدرسة أو أسماء معارفنا. علماً أنه بمقدور الأهل مراقبة نشاط أولادهم على منصات التواصل بانتظام باستخدام التطبيقات التي تتبع السلوك عبر الإنترنت وتقيّد الوصول إلى مواقع أو ميزات معينة. كذلك تتيح إعدادات الخصوصية الحدّ من تعرّضهم للغرباء والمحتالين المحتملين.

«الأخبار» أثارت الموضوع مع تالا الزين، وهي خبيرة في مجال الأمن السيبراني، وصاحبة منصة مختصة بتوعية الأهل والأولاد على كيفية السير في العالم الرقمي. تقول الزين إن الإنترنت «يمثل نبض الحياة في العصر الحديث، ولا يمكن حرمان الأولاد من تلك التكنولوجيا، بل على العكس، يجب تدريبهم في سنّ مبكرة على تفادي الوقوع في أمور التنمّر وانتحال الشخصية وغيرهما من جرائم المعلوماتية». وتضيف: «إن المجرمين المنحرفين ليسوا دائماً بتلك الأهمية وبتلك المعرفة بأدوات العالم الرقمي، ولا يستطيعون ابتزاز الأولاد إلّا بعد أن يكونوا قد حصلوا على محتوى معيّن منهم، بالتالي، على الأهل توعية الأولاد بالتحدث إليهم بمجرد إحساسهم بحصول ابتزاز، وتوعيتهم لإعدادات التبليغ والحماية التي تؤمّنها تلك المنصات».

وأشارت الزين إلى أن «تلك الأمور لا تحصل فقط عبر منصات التواصل، بل أيضاً من خلال خاصية التشات والتواصل التي تأتي ضمن ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، حيث يمكن للاعبين التحدث مع بعضهم، وهناك متحرشون جنسيون منتشرون في تلك الألعاب ينتحلون صفات أولاد». وأكّدت الزين أن «توجيه الأولاد لا يكون بالإكراه بل بالثقة. ومثلما يدرّب الأهل أولادهم على كيفية التصرف مع الغرباء في العالم الحقيقي، عليهم تدريبهم على كيفية التنقل في العالم الرقمي»

Exit mobile version