كلمة وزير العمل الدكتور مصطفى بيرم كلمة خلال مؤتمر العمل العربي:
إنّ مجرد اجتماعنا اليوم، ومجرد الحفاظ على أن نلتقي هو أمر مهم للأمة العربية ولشعوبها، فكيف لو كانت هناك مخرجات مهمة جداً ومفيدة لاجتماعنا تنعكس على أرض الواقع وتلبي متطلبات شعوبنا التي تتطلع إلى أي اجتماع على أن يكون مثمراً.
عندما نجتمع في العراق هناك دلالة مهمة جداً لما تشكله أرض العراق من حضارة ضاربة في عمق التاريخ من بداية الحضارة الإنسانية والتجمُّع الحضري الإنساني، وأيضاً لما للعراق من دور إقليمي وعربي، ولا ننسى طبعاً أنّ العراق اليوم يقدم الشهداء دعماً لغزة العزة التي تتعرض لحرب إبادة.
نحن باجتماعنا هنا لسنا منفصلين عن الواقع ولسنا بعيدين عن الأوجاع التي تتعرض لها شعوب أمتنا، وعندما ينظر مواطن عربي إلى مسؤولين عرب، وزراء وقادة، يجتمعون ولا يتحسّسون الوجع يشعر بالانفصال عنهم، بل يشعر بأنهم في ناحية أخرى من العالم. نجتمع هنا وآلة القتل الصهيونية مستمرة في غزة. فهل أصبح الضحايا أرقاماً وهل أصبحنا فقط نعدّ الأرقام في غزة؟ ولا ننسى أيضاً الاعتداءات الصهيونية المستمرة على جنوب لبنان حيث تهجّر أكثر من مئة ألف مواطن لبناني جنوبي من بيوتهم، ودُمِّرت آلاف الوحدات السكنية، كما طال التدمير 3 آلاف منشاة للعمال في جنوب لبنان.
صحيح أننا في لبنان نردّ الصاع صاعين وهجرنا المستوطنين الصهاينة من الشمال الفلسطيني، وهذه سابقة تحصل لأول مرة منذ 75 عاماً، أن نرى المستوطنين يتركون المستوطنات هرباً من صواريخ المقاومة في لبنان. هذا التوازن وهذا الردع يجعلنا محترمين في العالم، فعندما تكون ضعيفاً وتتعرض لاعتداء أو ظلم ما، فكل ما قد تحصل عليه من العالم هو القليل من الشفقة لأنّ الناس في داخلهم لا يحترمون الضعفاء لذلك آلينا أن ندافع عن أنفسنا وعن حقنا ووجودنا. نحن كعرب، جميعنا، لم نعتد على أحد ولم نحتل دولة أحد ولم نمارس تهجيراً وتطهيراً عرقياً تجاه أحد وكنا آمنين في بلادنا.
نحن لسنا في معركة ضدّ اليهود، نحن في معركة ضدّ صهيونية مجرمة قاتلة وقحة. في السابق، كنا نسمع عن الإبادات بعد حصولها، لكننا وللمرة الأولى في التاريخ الإنساني نشاهدها مباشرة على الهواء. هذا يعني أن الصهاينة لا يأبهون لكلّ ضمائر العالم ولا بحقوق الإنسان ولا بكلّ ما سمي بقرارات الشرعية الدولية التي لم تطبق إلا علينا، بينما عندما تصل إليهم فإنها تسقط جميعها.
ما يجري هو رسالة لنا جميعاً، رسالة مفادها أننا إن لم ندافع عن أنفسنا لن يدافع عنا أحد ولن يسأل عنا أحد.
أنا لا أقول ذلك بحماسة منفصلة عن الواقع، فمنذ تركت بيتي والطيران الإسرائيلي لا يغادر سماءنا مترافقاً مع أصوات القصف. كنت أقف على شرفة منزلي وأسمع صوت الغارات الإسرائيلية على الجنوب. ولأنّ مقاومينا أبطال ولأن رايتنا التي أنفقت مئات الميارات لإزالتها باتت ترفع اليوم في الجامعات الأميركية، وهذا استثناء في التاريخ، فكلّ ذلك يؤكد لنا أن الرايات التي تدافع عن الحق والحرية والنضال تصبح أيقونة في كل العالم.
مقاومونا الأبطال في جنوب لبنان يقصفون المواقع العسكرية الصهيونية المقامة على أرضنا المحتلة، لكنّ الصهاينة ولأنهم جبناء يقصفون منازل المدنيين، وقد دمّروا آلاف الوحدات السكنية في جنوب لبنان، لكن مقاومتنا ترد لهم الصاع صاعين.
لقد نصرنا غزة، على مدار سبعة أشهر، ليس بالكلام، على أهمية الكلام، لكننا نصرناها بالدماء والأرواح وبالشهداء وببيوتنا المدمرة. نحن لا نريد شيئاً لأننا نحترم إنسانيتناـ
يقول الله في كتابه العزيز: “مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ”. غزة فضحت العالم وأسقطت كلّ حقوق الإنسان التي كان الغرب يتبجح بها علينا وينظّر. يتحدثون عن حقوق المرأة والطفل، فماذا فعلوا ليوقفوا التنكيل بالنساء والأطفال وذبحهم بالآلاف في غزة؟ ما الذي قاموا به حيال ما تمّ كشفه من مقابر جماعية بجانب المستشفيات؟
نحن لا يجب أن نسكت، ولا يمكننا أن نسكت حيال ما يجري، فنحن لسنا أرقاماً يتم عرضها لضحايانا، لكلّ إنسان فينا كرامته وعزته وعنفوانه.
لذلك أقول لكم اجتماعنا اليوم مرصود من شعوبنا ومهم لها، لا تنقصنا الموارد البشرية والمادية بل ينقصنا حسن الاستفادة منها ويجب علينا، كأمة عربية، أن تكون لنا الهيبة والاقتدار والكرامة والعزة والتعاون على مستوى العمال وعلى مستوى الاقتصاد وعلى مستوى التجارة.
المجد لأمتنا وشهدائنا والنصر القادم بإذن الله