كرامي: لا أُفاضِل بين فرنجية وأي إسـم… وميقاتي يدلّل جعجع
“الجمهورية”: عماد مرمل
دخلَ لاعب جديد الى حلبة توازنات مجلس النواب، يتمثّل في تكتل «التوافق الوطني» المكوّن من 5 نواب سنّة، والذي أعلن النائب فيصل كرامي عن ولادته قبل أيام. فأين سيَتموضَع هذا التكتل في المعركة الرئاسية بين سليمان فرنجية وجهاد أزعور؟
من المعروف انّ التكتل الجديد يضمّ، الى كرامي، كلّاً من النواب حسن مراد وعدنان طرابلسي وطه ناجي ومحمد يحيى. وتفيد المعلومات انّ هناك تنسيقاً مع نائبَين آخرين هما جهاد الصمد وحيدر ناصر، بحيث تصبح المعادلة هي: مجموعة الـ 5 + 2.
ولمّا كان المجلس الحالي مُبعثَر ويتوزّع على جزر متفرقة، فإنّ ولادة تكتل إضافي يمكن أن تشكل رقماً مؤثراً في «جدول الحساب» المجلسي.
ويؤكد كرامي لـ»الجمهورية» انّ هناك انفتاحاً على توسيع التكتل نحو الإطار الوطني الأشمل، لافتاً الى انّ ولادته تمّت على اساس هذه النواة تحديداً «لأنه لم يعد مُمكناً الانتظار أكثر فيما التحديات والملفات تتراكَم». ويشير الى انّ «طموحنا هو أن يصبح التكتل عابراً للطوائف والمناطق، ولكن ليس عَيباً حتى ذلك الحين ان يكون هو التكتل السني الأكبر، مع العلم انّ خطابه وطني بامتياز».
ويَستهجِن «كيف أنّ هناك أصواتاً في حزب الكتائب هاجَمتنا وصَنّفتنا مُبكراً»، متسائلاً: «إنتو مين؟ مَن أعطاكم حق تقييم الآخرين؟». ويضيف: «من الأفضل أن تنظروا الى أنفسكم في المرآة حتى تعرفوا حقيقة حجمكم».
ويلفت كرامي الى انّ نواب تكتل «التوافق الوطني» حصلوا خلال الانتخابات على نحو 50 ألف صوت بينما مجموع أصوات نواب الكتائب لا يتجاوز الـ 25 الفاً. وينفي ان تكون حركته المكثفة أخيراً مُندَرجة في سياق التمهيد لتولّيه رئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة، مشدداً على انه ليس بحاجة أصلاً إلى تحضيرٍ لِتَسلّم هذا المنصب، «ثم من السابق لأوانه الخوض في هذا الأمر وسط استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، إذ يجب انتخاب الرئيس أولاً، وتأتي بعد ذلك الاستحقاقات الأخرى. لكنّ التداول المُبكر في هوية رئيس الحكومة المقبل يعطي انطباعاً بأنّ هذا المركز شاغِر عملياً، على رغم انّ هناك من يشغله نظرياً».
ويوضح كرامي انّ التكتل الجديد لم يناقش بعد الملف الرئاسي في انتظار اجتماع قريب جداً، «ولكن أُرجّح أنني وزملائي في التكتل نلتقي على تأييد ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، خصوصاً اذا جرى تَخييرهم بين فرنجية وممثل صندوق النقد الدولي جهاد أزعور».
وضِمن هذا السياق، يشدد كرامي على انّ مرشحه المفضّل للرئاسة هو رئيس تيار «المردة». ويتابع: «إنه الحليف والصديق والأخ، ولا يمكن ان أُفاضِل بينه وبين أي اسم آخر».
وبينما يؤكّد أهمية الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، لا يرى انّ الجلسة، التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي في الرابع عشر من الشهر الحالي، ستُحقّق هذا الانجاز بسبب الانقسامات الحادة بين الكتل والقوى النيابية.
وهنا، يُبدي كرامي خشيته من تداعيات هذه الانقسامات والاصطفافات لأنّ «ما نفكّر به ليس فقط لحظة الانتخاب، وسلامة ودستوريّة اللعبة الديموقراطية، وإنما واجبنا ان نفكّر أيضاً بما بعد الانتخاب، أي بالسنوات الست التي سيمضيها الرئيس في سدة الحكم. كما انّ واجبنا أن نتساءَل ما اذا كان بلدنا يتحمّل في هذه المرحلة اعتماد قاعدة الغالب والمغلوب باسم الديموقراطية؟ ولنا أن نتخيّل في هذه الحال حجم ومدى العراقيل التي ستعوق مسيرة العهد، والأمل في انتظام الحياة السياسية والدستورية، خصوصاً لجهة تشكيل حكومة جديدة لا أستبعِد أن يعجز عن تشكيلها طوال هذه السنوات الست، وبذلك نُضيف الى أزماتنا الراهنة أزمة ممتدة خطيرة تهدد الدولة اللبنانية وجودياً وكيانياً».
ويتابع كرامي: «لذلك، أرى انّ التوافق العريض على اسم الرئيس هو شأن يَتّخِذ في هذه المرحلة بُعداً وطنياً، وهذا التوافق الذي أشدّد على انه لا يعني إطلاقاً تفاهمات وتسويات قائمة على المحاصصة وطريقة تَقاسم السلطة والمناصب والنفوذ، إنما السبيل الوحيد إليه هو الحوار الوطني الجامع الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري، والذي لا يستثني أحداً».
ويدعو كرامي «كل الكتل والقوى السياسية الى أن تسير في هذا الاتجاه، بحيث نتحاور بانفتاح وشفافية، ونحاول ان نُقنِع بعضنا البعض، وكلٌ مِنّا يمتلك الرؤية السياسية والحجة التي يعتبرها مُقنِعة للآخر. والمهم أن نخرج في النهاية بتوافقٍ يقوم على الاقناع من دون أي ضغط، ويتقاطَع كذلك مع الاجواء الاقليمية والدولية التي ستشكّل لنا مظلة آمنة للسير في خطط التعافي السياسي والمالي والاقتصادي، كما سيمثّل هذا التوافق مَناعة وطنية وقوة دَفع ينطلق منهما الرئيس العتيد في مهماته وتنطلق معه السلطات التنفيذية والتشريعية وسائر المؤسسات الدستورية».
وعن انفجار الخلاف بينه وبين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، يوضِح كرامي «انّ الجَمر كان تحت الرماد» في علاقته مع ميقاتي، وانّ تصرفات الاخير أدّت الى تَسعير هذا الجمر، «وليس خافياً انّ وزير داخليته سعى الى ضَربي وإسقاطي في الانتخابات النيابية».
ويعتبر كرامي أنّ ما أورده عن ميقاتي قبل أيام «ليس هجوماً لاذعاً بل تَوصيف للواقع»، مشيراً الى انّ رئيس حكومة تصريف الأعمال يُكثِر من الوعود ولا يَفي بها «والوعد اللي ما بيعجبَك خود غَيرو فوراً».
ويَلفت إلى أنّ وضع طرابلس مُزرٍ «وحين كنتُ أزور بعض المسؤولين لأبحث معهم في الحلول الممكنة لهذا الوضع كانوا يقولون لي: لماذا تأتي إلينا في حين أنكم في طرابلس تَستحوذون على أهم مراكز الدولة، «إذ انّ رئيس الحكومة مِن عِندكم، وكذلك وزير الداخلية ورئيس مجلس الإنماء والاعمار ورئيس الهيئة العليا للإغاثة، فلماذا لا تذهب إليهم؟». ويضيف: «هناك أناس برَقبتنا علينا خِدمتهم، وبالتالي أنا لا استطيع أن أتساهَل حيال الإهمال المُتمادي والمتعَمّد لطرابلس، بينما ميقاتي يتناغَم مع سمير جعجع ويُدَلّل بشري مثلاً بالمشاريع التي بلغت قيمتها نحو 34 مليون دولار، فيما حَي باب التبانة يعاني البؤس ويَفتقِر الى الحد الأدنى من الخدمات الاساسية».
ويعتبر كرامي انّ ميقاتي حاولَ عبثاً تَهميش ذكرى استشهاد الرئيس رشيد كرامي «وعندما دقّقنا في السبب تَبيّن أنه ما بَدو يزَعّل جعجع».
ويشير الى انه «على رغم الخصومة السياسية التي كانت موجودة بين الرئيس عمر كرامي والرئيس الشهيد رفيق الحريري، الّا انّ الحريري كان يأتي الى طرابلس في ذكرى استشهاد الرشيد ويقرأ الفاتحة على ضريحه ويمشي الى جانب عمر كرامي في مسيرة إحياء المناسبة، مُتجاوزاً كل التباينات والحساسيات».