الاخبار الرئيسيةمقالات

كتب عمر معربوني | مأزق الكيان المؤقت بعد معركة ثأر الأحرار؟

عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية

عندما نسأل سؤالاً بهذا الحجم من ضمن سياق ومسار مواجهة مفتوحة فنحن بالتأكيد أمام أجوبة ترتبط تكتيكياً بجولة من جولات القتال ، واستراتيجياً بمجمل ما وصلت اليه المواجهة المستمرة والمفتوحة منذ مائة عام عندما ظهرت العصابات الصهيونية في عشرينيات القرن العشرين ، وهذا يُلزمنا برسم خط بياني واقعي بعيداً عن العواطف والإرتجال لمراحل المواجهة وتطورها ومآلاتها .

ان رسم خط بياني يحتاج الى مجلدات كثيرة بالنظر الى استمرار المواجهة دون انقطاع بحيث يمكن اعتبارها من أطول مواجهات العصر الحديث .

واختصاراً  فإن الخط البياني للمواجهة يمكن اعتباره متحركا ومتسارعا وتحديداً منذ العام 2000 حيث بداية التهاوي الأول لجبروت الكيان المؤقت وسقوط المدماك الأول من هيبة جيشه الذي كان الشعار الملازم لمساره بأنّه الجيش الذي لا يُقهر .

منذ العام 2000 تاريخ اول انسحاب قسري  لجيش الكيان المؤقت من جنوب لبنان ونحن على بعد عشرة أيام من عيد التحرير الأول في ذكراه ال 23 ، ليتبع ذلك انكسار آخر عام 2005 عند انسحاب الجيش المتقهقر من قطاع غزة .

بعد هذين التاريخين تحولت المواجهة من نمط العمليات المعتاد لأي حركة تحرر ومقاومة الى جولات من القتال  من 2006 تاريخ اول جولة في لبنان  مروراً بجولات 2008 – 2009 – 2012 – 2014  وسيف القدس ووحدة الساحات وصولاً الى جولة ثأر الأحرار التي انتهت منذ يومين .

واستناداً الى نتائج هذه الجولات يمكن الجزم بأن الخط البياني لقوى المقاومة في صعود مستمر في حين ان الخط البياني للعدو في هبوط دائم .

ولتأكيد العنوان وتحديداً مصطلح ” المأزق ” من المهم الإشارة اليه من مصادر العدو وليس من مصادر المقاومة حيث استخدم الإعلام الصهيوني مصطلح ” المأزق ” و ” الورطة ” و ” القلق ” في اغلب المقالات والمداخلات وحتى في مقاربات واحاطات مراكز الأبحاث والدراسات .

وللتأكيد اكثر على مأزق العدو لا بدّ من التذكير بأن الجولات الأخيرة منذ ما بعد العام 2014 لم تتجاوز ال 11 يوماً والتي كانت الجولة الأولى التي بادرت فيها المقاومة الى اطلاق الشرارة وتلتها جولة وحدة الساحات التي لم تتجاوز 3 أيام ، في حين استمرت الجولة الأخيرة ثأر الأحرار 5 أيام .

وما بين جولتي وحدة الساحات وثأر الأحرار كنا امام تحول كبير وهو اطلاق صواريخ من جنوب لبنان والذي ردّ عليه جيش الكيان ردّا باهتاً في لبنان وفلسطين باستهدافه اراضٍ مفتوحة تحاشياً للدخول في مواجهة شاملة .

على المستوى الإستراتيجي تبدو خسارة العدو كبيرة هي كناية عن مؤشرات ترسم الخط البياني الأساسي المرتبط بدخول الكيان المؤقت مخاطر تهدد بزواله وهذا باعتراف قادة العدو انفسهم حيث انعدام عناصر الثبات في فلسطين المحتلة والتي أُستخدمت كعوامل اغراء لجذب اليهود للهجرة الى فلسطين والإستقرار فيها فأرض الميعاد لم تعد ارض الآمان والإستقرار والرفاهية حيث التصاعد الخطير لميزان الهجرة الى فلسطين ومنها وهو ما يمكن ايجازه بوصول رقم المهاجرين اليهود نهائياً من فلسطين المحتلة منذ العام 2007 حتى العام 2021 مليون ومائة الف يهودي وهو رقم ادّى الى خلل في كل قطاعات المجتمع الصهيوني على الصعيدين الاقتصادي والعسكري بشكل خاص .

إضافة الى عنصر الهجرة المعاكسة لليهود من فلسطين المحتلة تحطمت مقولة بن غوريون الذي راهن ببقاء الكيان على موت الكبار من الشعب الفلسطيني ونسيان الصغار ، وهو ما نشاهد ونتلمس عكسه تماماً حيث عماد قوة المقاومة باشكالها العسكرية في غزة والضفة والمدنية في المدن المحتلة عام 1948 هو من الشباب والشابات بين اعمار 15 و25 بشكل أساسي .

على المستوى المرتبط بجولة ثأر الأحرار فيمكن القول اننا امام خلاصات لدروس وعبر ستشكل مادة للدرس والتحليل والإستفادة للإستخدام في الجولات القادمة ومن هذه الدروس .

  • التأكيد ان المقاومة هي الفعل الوحيد الناجح لكسر إرادة العدو الذي لا يفهم الا لغة النار .
  • كل تحولات في تركيبة منظومة القرار الصهيونية حيث تتنامى سطوة الجماعات الدينية المتطرفة وهو ما سيزيد من حالة الإنقسام الداخلي ولكنه من جهة أخرى يؤكد ان اليهود من اقصى اليمين الى اقصى اليسار هم وحدة واحدة عند الشعور بالتهديد الوجودي وهذا ما يجب ان يؤكد عدم جدوى أي حوار او مشاركة معهم وهذا امر مطلوب من السلطة الفلسطينية ان تفهمه وتدركه .
  • رغم محاولات شق الصف الفلسطيني المقاوم فإن عمل غرفة العمليات المشتركة كان ردّا وكسراً لكل محاولات شق الصف عبر مقولة فرّق تسد باستهداف حركة الجهاد الإسلامي والإيحاء بان باقي الفصائل بمن فيهم حماس غير معنية بالعمليات المعادية .
  • ترسيخ قاعدة ان وقف اطلاق النار لم يعد بيد العدو وحده وان الوصول الى وقفٍ لإطلاق النار يقتضي من العدو تقديم تنازلات وتنفيذ شروط وهو ما ترسخ في قواعد الإشتباك منذ سيف القدس حتى انتهاء الجولة الأخيرة .

ختاماً : ما حصل هو جولة من جولات المواجهة ولن تطول المدّة حتى نكون امام جولة أخرى فالهدف الأساسي من الجولة الأخيرة بالنسبة لقيادة العدو لا يزال قائماً وهو ترميم صورتها وقدرة الردع لديها امام الجمهور الصهيوني وهو ما تفهمه قيادة المقاومة وتستعد له مستفيدة من دروس كل جولة .

زر الذهاب إلى الأعلى