كتبت بولا مراد في “الديار”:
يتصدر رئيس المجلس النيابي نبيه بري كما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع المشهد الرئاسي المتعثر منذ فترة. اذ تحول كل منهما الى رأس حربة في الصراع الذي يتخذ لا شك ابعادا اقليمية وحتى دولية. ففيما قرر حزب الله، اللاعب الاساسي في الملف الانكفاء عنه، نظرا لانشغالاته العسكرية جنوبي البلاد، مسلّما بذلك اللعبة ككل لبري، ارتأى جعجع ان يتصدر صفوف مواجهة “الثنائي الشيعي” وما دام بري هو الموكل من قبل “الثنائي” تحول الكباش مباشرة بين بري وجعجع.
ولطالما كان الرجلان على علاقة جيدة في السنوات الماضية رغم التموضعات السياسية المختلفة لكل منهما. لكن هذه العلاقة تدهورت بشكل غير مسبوق على خلفية الملف الرئاسي لتصل لحد اتهام “القوات” بري بالسطو على الرئاسة الاولى مقابل اتهام “أمل” حزب “القوات” برفض الحوار لعدم حماسته لانتخاب رئيس معولا على متغيرات كبرى تتناول التركيبة والنظام اللبناني.
ونجح بري الى حد كبير في تسويق وجهة النظر هذه امام سفراء “اللجنة الخماسية” من خلال ابلاغهم برفض جعجع الحوار بالصيغة والآلية التي يطرحها، لذلك حاول اكثر من سفير وموفد دولي طوال الفترة الماضية الاستفسار من جعجع حول سبب رفض الحوار الذي باتت “الخماسية” على قناعة ان لا مخرج للأزمة الرئاسية الا من خلاله. واستغرب جعجع كيف ان قسما كبيرا من المجتمع الدولي سقط بما يعتبره “فخا” نصبه له “الثنائي” لذلك كانت خارطة الطريق التي اطلقتها مؤخرا المعارضة موجهة بشكل اساسي الى هذا المجتمع، مع علمها انها لن تحقق اي خرق يذكر في جدار الازمة في ظل تمسك بري بحوار وفق شروطه.
وتعتبر مصادر مواكبة عن كثب للملف ان “بري كما جعجع باتا في اعلى الشجرة ومسألة انزالهما عنها لن يكون بالامر الميسر اقله في المرحلة الراهنة. فلا الاول بصدد السير بطروحات المعارضة او التنازل عن الحوار كمفتاح لابواب الهيئة العامة ولا الثاني بعد كل هذا التصعيد بالمواقف بصدد الظهور بموقع المتراجع او الراضخ لما يريده الثنائي الشيعي”.
وترى المصادر في حديث لـ “الديار” ان “جعجع وباقي قوى المعارضة اخطؤوا برفضهم للحوار بالصيغة التي يطرحها بري، وكان حريا بهم الانضمام الى التيار الوطني الحر بالموافقة عليه لان ذلك كان من شأنه ان يُحرج بري الذي كان سيكون مضطرا للوفاء بالتزاماته بالدعوة لجلسة انتخاب بدورات متعددة بعد 10 ايام على الحوار كحد اقصى”. وتضيف: “اكثر من اشارة وردت مؤخرا تؤكد ان “الثنائي” لن يجازف بجلسة لا يعرف نتيجتها مسبقا، لذلك خرج اكثر من نائب مقرب من بري ليربط الدعوة للجلسة بالتفاهم على اسم رئيس او اسمين او ٣. كذلك كان حديث النائب فيصل كرامي كفيل بكشف نيات “الثنائي” بقوله “لا نستطيع الذهاب الى مجلس النواب بنتائج فيها مفاجآت لنتفاجأ بمرشح تاريخه أسود او مجرم حرب او متطرف قاتل على الهوية”… ما يعني عمليا ان بري لن يدعو لجلسة يكون فيها احتمال ان تؤدي لانتخاب مرشح لا يوافق عليه “الثنائي الشيعي”.
بالمحصلة، ليس كباش وسجال “القوات”- “أمل” المباشر الا حفلة مزايدات لا تقدم او تؤخر بمصير الرئاسة اللبنانية المعلقة. فالملف ورغم كل ما يُصوّره البعض على انه مرتبط بقرار لبناني داخلي، هو وبما لا يقبل اي تشكيك بات مرتبطا بنتائج حرب غزة والتسوية الكبرى المنتظرة للمنطقة… وحتى ذلك الوقت “على الرئاسة السلام”!