فاطمة شكر
حسمت المعركة الإنتخابية قبل إجرائها، نحنُ أمام بقاء فريق ٨ آذار في المجلس النيابي ولكن بشكلٍ أقوى، حتى مع إختلاف المزاج الشعبي، وكل من راهن على سحق هذا الحلف تبددت وذهبت أحلامه مع الريح، أما من أراد أن يقلّصَ دور المقاومةِ فحتماً فشل في ذلك.
وأمام إعادة تشكيل موازين القوى، وإقتراب موعد الإنتخابات اللبنانية تعيشُ الدولة وباء الإنهيار السياسي والإقتصادي والمعيشي دون حلول، لا تغيير ولا إصلاح حتى هذه الساعة سوى بعض الإجراءات البسيطة والخجولة التي يقوم بها بعضُ الوزراء. أفول «تيار المستقبل» وقراره الإنكفاء وعدم خوض الإنتخابات جعل قوى أساسية تشتدُ قوةً، وجعلَ من أخرى تتخبطُ بسبب هذا الإنسحاب والتحالفات الإنتخابية.
يقولُ مصدرٌ خاص، إن السياسة التي اعتمدتها السعودية وأميركا وعملية الإضطهاد التي مارستها المملكة على لبنان، جعلت من القوى المقابلة تشكلُ درعاً حصيناً قوياً الغاية منه كسر القرارات التي تتخذ بحق لبنان بشكلٍ عشوائي، ويتابع المصدر أن القوى السنية التي قررت أن لا تقترع سببت الكثير من القلق للسعودية التي عاد سفيرها الى لبنان على عجالة بعد أن فشلت مملكته «بمحاسبة» اللبنانيين، في حين يرى المصدر أنه لم يكن ضرورياً تكبير عودة السفير وليد البخاري الى لبنان والطنطة التي قامت بها بعض القوى السياسية، ويرى المصدر ذاته أن عودة السفير جاءت بسبب التغيرات التي تشهدها المنطقة والتطورات الإقليمية، إضافةً الى أن لبنان لم يكن سلبياً تجاه أي دولةٍ عربية، وتابع إن العلاقات مع الدول العربية ضرورية ومفيدة لكن ضمن أطر واضحة لا يتمُ فيها فرضُ القرارات على لبنان، وان العودة الخليجية ستنعكسُ حتماً على الشارع السني، خصوصاً أن السعودية وباقي دول الخليج عرفت ودرست الوضع الداخلي اللبناني وهي لن تسعى الى تكبير الصراعات.
وبالتزامن مع العودة الخليجية، بدأت البوصلة الإنتخابية تتحرك وتتوجه مع اللقاء الذي جمع رئيس «تيار المردة» الوزير سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل برعاية الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، لبحث الملف الأهم والأساس وهو شكل التعاون بعد الإستحقاق الإنتخابي القادم في النصف من شهر أيار.
جلسة الإفطار التي دعا اليها السيد حسن نصرالله الوزيرين المتخاصمين، أنجزت بشكلٍ أساسي مصالحةً بين فرنجية وباسيل بعد نزاع حاد بينهما أدى الى زعزعة حلف حزب الله وأصدقائه، من خلال الحملات الإعلامية والتراشق الكلامي بين الطرفين، لا بل وتبادل الإتهامات، واللقاء هذا الذي كسر الجليد من المتوقع أن يعيدُ العلاقات السياسية بين بنشعي والبياضة بحسب الأجواء .
وفي المعلومات، فإن اللقاء تطرق الى مفاوضات فيينا بين إيران – وأميركا، والمفاوضات الإيرانية – السعودية مروراً بالشأن السياسي والوضع المعيشي، إضافةً الى تشديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على ضرورة التعاون، مشدداً على أن التعاون سيشكلُ فوزاً استراتيجياً لهذا الفريق الواحد، خصوصاً أن الحزب سيبقى صمام أمانٍ للفريق السياسي الذي ينتمي إليه، إضافةً الى الذهاب الى الإنتخابات النيابية بشكلٍ أسهل دون نشوبِ خلافات حتى ولو إعلامية.
اللقاء المفصلي الذي أزعج الكثيرين في لبنان، جعل من رهانات القوى السياسية على الخارج رهاناتٍ خاطئة، خاصةً أنه لا إمكانية لتغيير موازين القوى في لبنان، وقوى ٨ آذار المتمثلة بالمقاومة وحلفائها لم تسعَ يوماً الى فرض حكمها، رغم فوزها في الإنتخابات عام ٢٠١٨ والتجارب أثبتت ذلك، لأن هذه القوى تنتهجُ الميثاقية من كل الطوائف وهذه الطريقة أكثر فعاليةً وتعطي المقاومة وحلفائها كل الشرعية.
الظروف الناضجة سترسمُ مشهداً جديداً، وما التحركات الداخلية والتطورات الإقليمية إلا دليلٌ واضحٌ على إعادة إنتاج حركةٍ داخليةٍ ودوليةٍ جديدة، فأي لبنان ننتظرُ في المرحلة المقبلة؟