كتب مبارك بيضون
لم يكن اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت الا محاولة تل أبيب لتسجيل النقاط في حربها المستعرة على غزة، خاصة مع عملية التعمية التي قامت بها حماس في بداية الحرب عبر تصفية معظم العملاء عقب كشفها لهم بعد اقتحام الفريق 17 من وحدة النخب في القسام لقاعدة “يركون- 8200” في غلاف غزة، فلم تفلح إسرائيل باغتيال أي من قادة المقاومة في غزة، بل على عكس أصبح ضباطها فرائس سهلة أمام مقاتلي المقاومة.
هذا الاغتيال لم يكن سوى لتسجيل نصر على المقاومة، في وقت لم يعد لدى إسرائيل أي هدف في غزة عقب تحويلها إلى منطقة منكوبة بفعل مئات الأطنان من القنابل غير الموجهة، والتي ألقيت على المدنيين في القطاع المحاصر، بالتوازي مع تصاعد حدة العمليات في الجبهة الشمالية مع حزب الله، والذي أدى الى إفراغ المستوطنات الشمالية من سكانها، إضافة الى إغلاق حركة أنصار الله البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية والتي أدت الى تعطل ميناء إيلات والذي أصبح البديل عن موانئ الاحتلال على البحر المتوسط.
وفي الإطار عينه جاءت عملية اغتيال كل من رئيس أركان القوات الايرانية في سوريا الجنرال رضي الموسوي، وذلك بهدف تخفيف الضغط عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية عبر جر إيران لتدخل سريع مما يستدعي قيام حرب اقليمية تحمي نتنياهو من تداعيات الأزمة الداخلية الاسرائيلية والتي ستطيح بحزب الليكود في أي انتخابات جديدة، على عكس اغتيال آمر اللواء 12 في الحشد الشعبي أبو تقوى الذي جاء لحفظ ماء وجه واشنطن بعد قيام المقاومة الاسلامية في العراق بشن أكثر من 100 عملية ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا.
وفي محاولة لعدم زج حزب الله في حرب مفتوحة معهم، سارع رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي إلى التأكيد من على الجبهة الشمالية على أن العملية ضد العاروري لا تستهدف حزب الله، وذلك للتأكيد على أن اسرائيل غير معنية بفتح الجبهة الشمالية، خاصة مع احتدام الخلافات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والإدارة الأمريكية، التي حركت حاملة الطائرات جيرالد فورد من على شواطئ فلسطين المحتلة لإعادة تموضعها. في رسالة واضحة الى تل أبيب بأن هذه الحرب لابد أن تضع أوزارها، خاصة مع انتهاء المهلة المعطاة لحكومة نتنياهو لإنهاء الحرب.
الحرب على غزة أخذت حيزًا واسعًا من خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أكد على أن الرد على إغتيال العاروري حتمي، وهذا ما أعلنت عنه المقاومة الاسلامية صباح اليوم من استهداف لقاعدة ميرون الجوية، في إطار ردها الأولي على عملية اغتيال العاروري، لتؤكد من جديد أن المقاومة لن تمرر الإغتيالات على الأراضي اللبنانية مرور الكرام.
استهداف قاعدة ميرون يعد استكمالًا لعمليات حزب الله على الحدود مع فلسطين المحتلة والتي تجاوزت الـ 670 عملية منذ الثامن أكتوبر، والتي ركزت على استهداف البنية التحتية الاستخباراتية على الحدود، من أبراج مراقبة وكاميرات واجهزة تنصت، ليكون الإسرائيلي في حالة عمى في حال فكر بشن أي عملية موسعة على لبنان.
الاستهداف أكد على أن المقاومة في لبنان ليست مردوعة، وليست في إطار تأجيل الردود، بل ستأتي بشكل مباشر لتأكيد على أن الإسرائيلي هو من يعيش حالة الضعف والارتباك بعدما تسرب عن خلافات داخل مجلس الحرب بين كل من نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
في المحصلة يبدو أن لجوء إسرائيل للاغتيالات ما هو إلا لإيهام المستوطنين بتسجيل نصر على المقاومة، اضافة الى ما يصدر من أرقام تقارب الحقيقة حول أعداد الجرحى والمعوقين، في إطار تهيئة الرأي العام الاسرائيلي لوقف إطلاق النار.