قراءات مختلفة تحدد الوضوح والغموض

مبارك بيضون

كتب مبارك بيضون

لم تزل آلة القتل الصهيونية تمارس عنجهيتها دون بصيرة من أمرها، مستهدفة الأطفال والنساء في محاولات بائسة لإطالة أمد الحرب، لعل الحظ العاثر لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو يسعفه بإيجاد هدف عسكري يريحه أمام الرأي العام الإسرائيلي الناقم على حرب باتت وجودية في نظر قيادات الجيش الإسرائيلي.

هذه القيادات التي استمعت يوم أمس الى خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وقرأت ما بين سطوره، وأدركت جيدًا أن رياح الشمال ستهب عاجلًا أم آجلًا لتزيل ما تبقى من كيان غرق في طوفان الأقصى.

حمل خطاب السيد نصرالله في طياته توصيفًا دقيقًا لما جرى في حرب السابع من أكتوبر، فكان الوضوح والغموض في آن، الوضوح بمظلومية الشعب الفلسطيني وأحقية قضيته، وظلم العدو وعنجهيته، أما الغموض الذي لم يتلقفه العدو هو في ما هي استراتيجية حزب الله في المرحلة القادمة، وما هي ردة الفعل التي سيقدم عليها في حال استمرار المجازر؟ وهل هزيمة حماس ستبقي حدود فلسطين الشمالية ضمن حرب الاستنزاف؟

وعلى ما يبدو أن أولى خطوات التصعيد ستكون بنوعية العمليات التي ستقوم بها المقاومة على الحدود الجنوبية من ناحية حجم القوة التدميرية والتي ظهرت اليوم في استهداف موقع قصف بعض المواقع المعادية على الحدود، إذ إن كسر قواعد الاشتباك لن يشمل المساحة الممتدة من الناقورة الى مزارع شبعًا بطول 105 كلم. وأن فكرة توسع الإعتداءات الى الداخل اللبناني، سيكون الرد عليها بعملية برية او استهداف صاروخي للمستوطنات التي لم تخل من سكانها بعد.

وفي الوقائع، فشل الجيش الإسرائيلي من تقسيم قطاع غزة، والوصول الى البحر بفضل الصمود الأسطوري لحركات المقاومة، لتكون الخطوة الأولى تهجير السكان من الجزء الشمالي إلى الجنوب، ومن ثم الانقضاض على الجزء الجنوبي لتهجير سكان القطاع إلى سيناء. وفي حال فشل هذا الطرح الجنوني، طرحت حلول أخرى كتطبيق نموذج بيروت، عندما خرج قادة منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت عقب اجتياح 1982، وفي ظل صمت عربي مطبق.

ويشير مصدر مراقب الى أن الدول العربية أغلقت آذانها و أفواهها و غضت بصرها عن ما يجري في غزة كرمى للولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بالرغم من التحركات الشعبية، إذ إن بعض الدول العربي تراهن على هزيمة حماس كونها حركة اسلامية بات من المعروف أنها مدعومة من طهران، وهذا ما يغيظ هذه الدول بالرغم من أشواط المفاوضات التي جرت بينهم، إذ إن توقيت العملية سيحرج عواصم عربية من ويخرجهم من ركوب موجة التطبيع مع عدو غارق في دماء الفلسطينيين، لذلك تتمنى بعض الدول العربية اختفاء حماس من المشهد لكونها المعارض الرئيسي لأي عملية تسوية في المنطقة.

المفاجئ في نظر الإسرائيلي هو الحركة العسكرية التي خرجت من نطاق الحصار في الضفة الغربية، والتي باتت تشكل عاملًا مساعدًا لصمود المقاومة في قطاع غزة، ولعلًها تعيد الإسرائيلي الى رشده المفقود بحيث يتخوف من انفلات الجبهة الداخلية، لتلاقي جبهات خارجية ممتدة من بيروت وصنعاء ودمشق وبغداد.

ويبقى الحل السحري لإنزال تل أبيب عن الشجرة، بقبول وقف إطلاق نار من جهة واحدة لأسباب إنسانية، وذلك كما دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، مرارًا تكرارًا، وذلك لامتصاص الغضب الخارجي الذي بات يشكل ضغطًا على تل أبيب، كما لرأب الصدع الداخلي عقب افتضاح نقاط الضعف في الجيش الذي لا يقهر.

Exit mobile version