اعتبر المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ أحمد قبلان، خلال خطبة العيد من على منبر مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة بعد تأديته لصلاة العيد، أن أهل الجنوب تحمّلوا المذابح الإسرائيلية وموجات الإرهاب الإسرائيلي منذ العام 1948، وأنه لم يتحمّل عنهم غيرُهم حتى الدولة اللبنانية.
ورأى قبلان أن اليوم البلد والمنطقة في مخاض أخطر من الماضي وسط مشروع أميركي يعمل على صهينة المنطقة عبر التطبيع، وضرب ميزان الدول وإمكاناتها للإجهاز على المنطقة كلها، وأن لبنان ضمن هذا المشروع الخطير بقلب العاصفة، معتبرا أن أي خطأ بالتقديرات سينتهي بالبلد كمستعمرة اسرائيلية، ومشددا على أن هذا ما لا يريد البعض أن يفهمه، وهذا ما لا يمكننا التنازل عنه، لأن القضية قضية بلد وإنسان، وعقيدة وطنية وأخلاقية، لا يمكن تجاوزها على الإطلاق.
وقال خلال خطبته: “إن التنكّر لمن استعاد لبنان وما زال يقود جهود التضحيات السيادية أمرٌ غير مقبول أبداً، والتهديد بالكانتونات ومنع أيِّ حلول سياسية وسيادية، والإصرار على مربعات طائفية ذات صلاحيات مالية وإدارية واسعة أمرٌ خطير، لأنه النسخةُ الناعمة للتقسيم، ولبنان كالذرّة إذا انقسم انفجر”.
واضاف: “للتذكير والعبرة أقول: البلد لولا انتفاضة 6 شباط لم يبقَ منه إلا مستعمرة صهيونية، وتاريخ 6 شباط ولادة وجودية للبنان، ولذلك، ولمن يهمه الأمر، أقول: البلد شراكة ميثاقية، وموضوع رئاسة الجمهورية يمرّ بهذه الميثاقية التكوينية، ونبيه بري اليوم أكبر ضرورة دستورية وسيادية، وهو يقوم بأهم وظيفة وطنية فضلاً عن منعه البعض من أن يأخذ لبنان نحو فتنة لا سابق لها على الإطلاق”.
وحذّر قبلان من الشحن الطائفي لانه ألدُّ أعداء لبنان، ومن أخذ البلد نحو فتنة شوارع وطوائف وإدبارة اتهامات وحقد أمرٌ دونه كوارث، ولا بد هنا من أن نشكر الجيش اللبناني لأنه حمى البلد من فتنة كاد البعض يُشعل نارَها، ومع ذلك الوقت ينفد والبلد ما زال مصلوباً على خشبة القطيعة السياسية التي يمارسها البعض على قاعدة “إما نحن أو الخراب”.
وقال: “نحن لن نقبل بأي تسوية رئاسية تتعارض مع الملحمة الوطنية التي تقودها المقاومة على الجبهة الجنوبية، وأي خطأ في هذا المجال سيضع البلد في قعر القعر، لأن خرائط البعض خطيرة، ولعبة الشوارع تضعنا بكفّ عفريت، وهنا علينا جميعاً (كمؤسسات عامة، عسكرية، أمنية وقضائية) بالأمن الاستباقي، وذلك كأكبر ضرورة لحفظ لبنان، ودون الأمن الاستباقي سنكون أمام كوارث وجودية.
وتابع: “للحكومة نذكّرها بوظيفتها، لأنه بدّ من حلٍ للملفات الأساسية كالفوضى والفلتان والتسيّب الأمني والتقصير القضائي ومالية البلديات والاستشفاء والنزوح غير اللبناني واليد العاملة غير اللبنانية، فلا بدّ من حسم هذه الملفات بشكل ضروري وأساسي، لأن استقرار البلد يدور مدارها، ولا شيء أسوأ على هذا البلد من نفوذ واشنطن وأوروبا على حساب المصلحة الوطنية، ولا شيء أقدس في هذا البلد من الشراكة الإسلامية المسيحية، وسنحمي هذه الشراكة بأشفار العيون”.
وشدد على أنه “لن نفرّط بمصالح لبنان والمنطقة، وأن نتنياهو ومجلس حربه يرتكبون أسوأ حماقة. وقال: “لسنا ممن ينهزم، وتاريخنا من تاريخ الامام الحسين (ع)، وما تقوم به المقاومة على الجبهة مذلٌ جداً للصهاينة، والمطلوب من شركاء الداخل ملاقاة الثنائي الوطني بتسوية رئاسية تليق بتضحيات أعظم مقاومة سيادية على الاطلاق، ولا تقسيم، ولا مركزيات طائفية، ولا تمزيق مالي وإداري للبلد، ولا نسف لمشروع الدولة، ودفاعنا عن الدولة والشراكة الوطنية ليس له حدود، والشراكة الإسلامية المسيحية ضمان وطني للبنان، ولا قيام للبنان إلا بالتوافق والشراكة، وعلى الفريق المعارض أن يقرأ بعيون التضحيات السيادية على الجبهة الجنوبية، وبقاء لبنان من بقاء وحدته الوطنية، ومقاومته وجيشه وعائلته الإسلامية المسيحية”.