في ذكرى جريمة تفجير المرفأ.. من نحر ست الدنيا وسكانها سوف يعاقب
كتب نقيب المحامين السابق ناضر كسبار:
في ذلك اليوم المشؤوم، يوم الثلاثاء 4 آب 2020، نُحرت ست الدنيا، نُحرت بيروت أم الشرائع ومرضعة القوانين، نُحرت سيدة الحب والجمال والاناقة،نُحرت سيدة العطاء والتضحية والوفاء.
وعلى يد من،
على يد مجموعات إرهابية، ومجموعات من المستهترين والمستلشقين والمهملين.
فدُمرت عاصمة الشرق وسيدته، العاصمة التي لم تكن تنام قبل ان تسلم الليل للنهار.
فدمرت أبنيتها، ومكاتبها، ومؤسساتها ومراكزها التجارية والتربوية والاستشفائية والمهنية والحرفية. وقتل اهلها من اطفال وشباب وصبايا وعجزة. وعُطب الآلاف ممن فقدوا اعضاء من اجسادهم، وانا واحد منهم. والنتيجة ممنوع المطالبة بكشف الحقيقة، ومن يطالب بكشفها كأنه يرتكب جريمة. فمن يمكن ان يرفض تحقيق العدالة غير المجرم؟ جميعنا ننشد العدالة ولا شيء غير العدالة. ونرفض ان يُتهم اي بريء. ولكن لا ولن نقبل بأن يبرأ مجرم.
من هنا، فإننا نطالب جميع المسؤولين في لبنان والخارج بتقديم جميع التسهيلات من اجل تحقيق العدالة والوصول الى الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة. الحقيقة من اجل الضحايا والجرحى واهل الضحايا ومن اجل لبنان.
العدل اساس الملك، وحيثما وجدت العدالة وجد الوطن. لفتني مثل حول مدين رفض دفع الدين لدائنه قائلا له: الحساب يوم الحساب. فأجابه الدائن صدقني اليوم ارخص لك.
نعم…إن يوم الحساب على الارض ارخص بكثير من تصفيتها يوم القيامة امام ملك الملوك وجبار السماوات والارض.
وللفاعلين والمحرضين والمرتكبين والمهملين والمستلشقين نقول: مهما فعلتم، ومهما كابرتم، ومهما تمردتم، ومهما اخفيتم من ادلة، ومهما تهربتم. فإن العدالة السماوية سوف تطالكم. وسوف تكون اقسى عليكم من عدالة الارض. والكسندرا التي حرمتموها من الحياة ومن طفولتها اخبرت الله كل شيء، وبأدق التفاصيل.
منذ اليوم الاول لوقوع الإنفجاء كتبت كل من علم بوجود المواد وبمدى خطورتها مسؤول. وكنت اتمنى ان يسلك القضاء طريقاً واضحاً لمعرفة من الذي ادخل المواد ومن الذي فجرها. كما كنت اتمنى ان تبقى بعض الجمعيات المستفيدة بعيدة عن إستغلال تلقي الاموال من الخارج والداخل.
إن جريمة بهذا الحجم، بحجم الوطن، باتت وكأنها تحتاج لتعيين قاضٍ من هنا وقاضٍ من هناك؟.
وهل بات الشغل الشاغل لأهالي الضحايا وللجرحى وللمواطنين، وللموقوفين، ان يأتي الفرج بتشكيل مجلس قضاء اعلى او هيئة عامة لمحكمة التمييز او إعادة السماح للقاضي بوضع يده على الملف؟. وبدلاً من ان تأخذ العدالة مجراها بشكل سليم وعادي، ومن دون اي إنتقام او تشفي، بتنا نفرح لانه تم الإفراج عن الملف بعد تقديم الطلبات تلو الطلبات؟.
ولكن…لمن يعرقل التحقيق بأي وسيلة من الوسائل نقول: لن نهدأ ولن نستكين قبل ان نكتشف الحقيقة الصحيحة الكاملة. وإلى من أحزن عروس الشرق، وشعبها، نقول: سوف تبقى بيروت مهد الحضارات. وها هي تنهض من مآسيها مثل طائر الفينيق، وتعود الى وهجها. أما فرحتها فلن تكتمل إلا بعد كشف الحقيقة مهما طال الزمن.