في الشجاعيّة: هنا مجزرة الدبابات

في الشجاعيّة: هنا مجزرة الدبابات

كتب يوسف فارس في “الأخبار”:

رغم فشله مرة أخرى في القضاء على المقاومة هناك، انسحب جيش الاحتلال من حيّ الشجاعية في شرق مدينة غزة، بعد عملية استمرت قرابة أسبوعين، وبدأها إثر توفر معلومات استخبارية لديه تفيد بأن حركة «حماس» أعادت بناء نفسها في الحي عسكرياً ومالياً. وتزامنت آخر الضربات التي تلقّاها العدو في الشجاعية، مع انسحابه من الحي مساء أول أمس، في وسط شارع بغداد، حيث أعلنت المقاومة أنها فجّرت أربع آليات إسرائيلية.لا مشاهد استثنائية في الحي الذي دخلته «الأخبار»، إذ دمّر جيش العدو المئات من المنازل في شارع النزاز ومنطقة قنديل وشارع بغداد ومحيط مقبرة التوانسي، وحوّل المناطق المكتظة بالبيوت المتلاصقة التي كانت تؤوي نحو 100 ألف مواطن، إلى مساحات فارغة تظهر فيها الرمال الصفراء البكر. أما شوارع الشجاعية، فكانت مسرحاً للعشرات من عمليات الإعدام الميداني، حيث انتشل الأهالي عدداً من جثامين الشهداء المدنيين، الذين بدا أن أكثرهم تعرّضوا للقتل قنصاً أثناء محاولتهم الخروج من منازلهم.

هكذا، يحاول العدو، بتدمير أكبر قدر من الكتلة العمرانية الصالحة للسكن، التعويض عن فشله في مواجهة المقاومة، التي وجّهت إليه العشرات من الضربات الموجعة. وبناءً عليه، يمكن فهم حجم الدمار الذي طاول مربّعات سكنية بأكملها تعرّضت للنسف. ويقول أبو محمد، أحد سكان الحي، الذي التقته «الأخبار» وهو في طريق عودته من هناك: «والله لا أعرف أين كان منزلي. منطقة قنديل مدمرة تماماً، شارع نظير لم يبق فيه منزل سالماً. الهدف هو التدمير فقط، تدمير كل شيء».
ضربات المقاومة لاحقت العدوّ في الشجاعية أثناء انسحابه

وانتشرت في شوارع الحي قطع لآليات إسرائيلية تم تدميرها، وأجزاء كبيرة من ناقلات جند متفحمة، وناقلات جند كاملة بدا أنها تعرضت للاستهداف والإعطاب، ثم قُصفت بواسطة الطائرات الحربية بعدما فشل العدو في سحبها، بالقرب من شارع بغداد. وظهرت إحدى الناقلات وقد تجمّع حولها العشرات من الشبان، الذي التقط بعضهم الصور التذكارية معها، فيما كتب أحدهم على جدرانها: «لعيون آدم…» وأسماء أقربائه الشهداء. ويقول أحد هؤلاء الشبان، لـ«الأخبار»، إن «الشجاعية دائماً تعلّم على وجه جيش العدو. الشباب لم يرحموا جنوده. 11 يوماً وهم يلاحقونهم من زقاق إلى آخر. والعدو اعترف بأنه واجه في الشجاعية مقاومة لم يواجه مثلها في دخوله السابق إلى الحي». أما أم أحمد، وهي والدة أحد الشهداء، فقالت، لـ«الأخبار»، في ما يشبه الاحتفال: «أجمل مشهد رأيته في الشجاعية بقايا الدبابات المدمّرة. أينما ذهبت تعثر على بقايا آليات، وآليات كاملة محترقة ومدمّرة. منذ يوم استشهاد ابني ونفسي مكسورة. اليوم برد قلبي قليلاً، الله يحيي المقاومة ويحميها».

وكانت المقاومة قد نفذت، خلال 11 يوماً من التوغّل البري في الحي، العشرات من الكمائن النوعية، وقرابة 70 مهمة قتالية، إلى جانب عشرات عمليات إطلاق الصواريخ والقذائف على تحشدات جيش العدو.

Exit mobile version