قرر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الخميس، الشروع بدمج جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) بما يزعم أنها جهود رامية لمحاربة الجريمة في المجتمع العربي، وذلك عبر تشكيل فريق مشترك بين الشاباك والشرطة، تمهيدا لانخراط الشاباك في عمليات “مكافحة الجريمة”.
جاء ذلك في أعقاب مداولات أجريت الخميس، في مقر الشاباك، بمشاركة بن غفير ورئيس الشاباك، رونين بار، والمفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، ونائبي المستشار القضائي للحكومة، غيل ليمون وعميت مراري، بحسب ما جاء في بيان صدر عن وزارة الأمن القومي.
وكشفت القناة 12 الإسرائيلية أن بن غفير طالب خلال الاجتماع الذي عقد بمبادرته وبالتنسيق مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بالموافقة على إصدار أوامر اعتقال إدارية بذريعة ملاحقة المجرمين في عصابات الإجرام في المجتمع العربي، ووفقا لتقرير القناة فإن طلب بن عفير قوبل بالرفض.
وذكر البيان أن المجتمعين بحثوا “في التغيير الذي حدث خلال العام الماضي في توسيع انخراط الجهاز في هامش التماس بين الجنائي والأمني”. وأكد أنه “تم الاتفاق على تشكيل فريق عمل مشترك من الشرطة والشاباك، ترافقه وزارة القضاء، بهدف فحص كيفية مساعدة الشاباك للشرطة في حربها على المنظمات الإجرامية، وكذلك تبادل المعلومات وأساليب العمل والأدوات”.
وأضاف البيان أنه “ترى الشرطة والشاباك أهمية قصوى في زيادة الحوكمة في إسرائيل، كعنصر مركزي للأمن القومي لصالح الحفاظ على أمن الدولة والجمهور مع الحفاظ على الأدوات المصممة لمحاربة الإرهاب”، علما بأن الشاباك معني بالأساس بإحباط ومنع أي نشاط “غير قانوني” يهدف إلى الإضرار بأمن الدولة أو نظام الحكم أو مؤسساته.
متى يبدأ تدخل الشاباك في “محاربة الجريمة”؟
وأوضحت القناة 12 أن الفريق المشترك بين الشاباك والشرطة سيعمل في المرحلة الأولى على “فحص الأساليب العملياتية لقوات الأمن والإجراءات والأدوات التي سيستخدمها الشاباك لصالح الشرطة”، وذكرت أن الفريق سيعمل على تقدم استنتاجاته للجهات المعنية “في غضون أسابيع قليلة”، على أن يبدأ الشاباك في التعاون مع الشرطة لمكافحة الإجرام، “في المستقبل القريب”.
وينص الاتفاق الائتلافي بين رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وحزب “عوتسما يهوديت” بقيادة بن غفير، على إنشاء وحدة تابعة للشاباك لـ”مساعدة الشرطة في مكافحة الجرائم الجنائية في المجتمع العربي” داخل إسرائيل، بالتعاون بين مكتب رئيس الحكومة ووزارة الأمن القومي التي يقودها بن غفير.
كما تم الاتفاق بين الطرفين على أن “تصدر الحكومة تعليمات للشاباك لمساعدة الشرطة الإسرائيلية في محاربة الجريمة القومية والمنظمات الإجرامية”، وأن نخصص الحكومة ميزانية لإنشاء وحدة مخصصة في الشاباك لهذا الغرض.
قيادات في الشاباك تحذر من الإضرار بالمدنيين
وتعارض قيادات في جهاز الشاباك، بشدة، انخراط الجهاز في الحيّز المدني والمشاركة في عمليات الشرطة لـ”محاربة الجريمة” المنظمة، بحسب ما جاء في تقرير أوردته صحيفة “هآرتس”، مساء الخميس، عبر موقعها الإلكتروني. وحذّرت هذه القيادات، في محادثات مغلقة، من أن استخدام وسائل وقدرات الشاباك في المجال الجنائي، “مخالف للقانون وقد يتسبب في أضرار جسيمة للمدنيين”.
ولفتت الصحيفة إلى تصاعد ضلوع الشاباك في محاربة “الجرائم التي تشمل أبعادا قومية”، على حد تعبرها، مشيرة إلى أن الشاباك يشارك بالفعل في التحقيقات الجنائية ويساعد الشرطة في تحديد مطلوبين للتحقيق والتحقيق في جرائم الاتجار بالأسلحة.
وفيما يطالب بن غفير الشاباك، بأخذ دور أكبر في الأنشطة ضد “المنظمات الإجرامية”، مع التركيز على المجتمع العربي، نقلت “هآرتس” عن مصادرها أن مسؤولين رفيعي المستوى في الشاباك يرون أن “القانون الحالي لا يسمح للشاباك بالتدخل في تحقيقات القتل التي ليس لها بعد قومي”، ويشددون على أن قدرات الشاباك وصلاحياته معدة لمهمة “محاربة الإرهاب”.
ويشدد المسؤولون في الجهاز على أن “القانون لا يميز بين الجريمة في المجتمع العربي والجريمة في المجتمع اليهودي، الأمر الذي سيجبر الجهاز على الانخراط في محاربة جميع جوانب الجريمة في البلاد”. وأشار التقرير إلى أنه خلال ولاية رونين بار على رأس جهاز الشاباك، بات ممثل عن الجهاز يشارك بانتظام في المناقشات التي يعقدها رئيس قسم التحقيق والاستخبارات في الشرطة.
وأشار التقرير إلى أن الشاباك شارك في التحقيقات المتعلقة بسرقة ذخيرة من قاعدة تابعة للجيش الإسرائيلي في النقب، ومنع المشتبه بهم من لقاء محاميهم، على الرغم عدم ارتباط عملية السرقة هذه بأي بعد قومي؛ وزعم الشاباك أن “آلاف الأعيرة النارية (الرصاص المسروقة) قد يصل إلى عناصر إرهابية أو تباع لفلسطينيين في الضفة الغربية”، رغم عدم وجود أي مؤشر أو دليل على ذلك.
استئناف العملية التشريعية لتعزيز سيطرة بن غفير، على الشرطة
وأفادت القناة 12 أن حزب “عوتسما يهوديت” يعتزم استئناف العملية التشريعية التي تضمن لبن غفير السيطرة التامة على جهاز الشرطة، خلال الأيام الماضية، علما بأن الائتلاف الحكومي كان قد امتنع عن المضي قدما بهذا التشريع تحسبا من إقدام المحكمة الإسرائيلية العليا على إلغائه.
وكان الائتلاف الحكومي قد سن تشريع يضمن لبن عفير أن يوجه سياسة الشرطة وتحديد سياسة تحقيقات الشرطة، وهو عازم على إتمام التشريع بما يضمن له إخضاع المفتش العام للشرطة لوزير الأمن القومي والحكومة وتمكين الوزير بتوجيه سياسة بخصوص استمرار متابعة ملفات تحقيق.
ويوم الجمعة الماضي، طالب بن غفير نتنياهو، بإشراك جهاز الشاباك في محاربة الجريمة في أنحاء البلاد، وذلك في أعقاب مقتل علي الجاروشي (50 عاما)، في حي الجواريش في مدينة الرملة. وقال بن غفير إنه “أطلب من رئيس الحكومة أن يطبق خلال فترة قصيرة نص البند في الاتفاق الائتلافي بين (حزبي) عوتسما يهوديت والليكود، الذي يسمح بتفعيل الشاباك في محاربة العائلات الإجرامية”.
وأضاف أنه “بعد الاطلاع على عمل الشرطة والتقدير العميق لمفتشها العام وأفراد الشرطة الذين يضحون بأنفسهم، يجب إدخال الشاباك إلى العمل بصورة مكثفة”. وتابع أن “هذا الأمر سيتم إلى جانب أنشطة الشرطة”.
وبحسبه، فإنه “لا مفر من تفعيل الشاباك في ظاهرة تحولت إلى كارثة في الدولة. بمقدور الشاباك أن يوفر المزيد من المعلومات المخابراتية النوعية واستخدام صلاحيات تحقيق خاصة ليست ممنوحة للشرطة”.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ذكر تقرير إسرائيلي أن الشاباك كان يعمل على تشكيل فريق لفحص مدى انخراط الجهاز في مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، ونوعية الجرائم الجنائية التي يسمح للشاباك معالجتها بموجب القانون، بالإضافة إلى التداخل بين عمل الشاباك والشرطة في هذا الإطار.
ووفقا لـ”قانون الشاباك” فإن الجهاز مخول بالعمل ضد الأنشطة التي “تهدد أمن الدولة وقواعد النظام الديمقراطي ومؤسساته، بما في ذلك التهديدات الإرهابية، والتخريبية والتجسسية وإفشاء أسرار الدولة، وحماية وتعزيز مصالح الدولة الحيوية الأخرى المتعلقة بالأمن القومي”.
وكان المستشار القضائي السابق للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، قد أكد أن التعامل مع مخالفات جنائية وبضمنها الجريمة والسلاح غير القانوني في المجتمع العربي ليس ضمن الصلاحيات التي يمنحها القانون للشاباك.
وكان التقرير الذي أوردته صحيفة “هآرتس” قد أكد أن الفريق الخاص داخل الشاباك سيعمل في البداية بالتعاون مع “الشرطة لفحص الأفضلية النسبية للشاباك في مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، وكيفية توحيد قدرات الجهازين لتفعيل الجهاز الاستخباراتي في الحيز المدني”.
وذكر التقرير أن مسؤولين في الشرطة طالبوا بامتلاك قدرات الشاباك وصلاحياته حتى لا يشارك الجهاز في محاربة الجريمة في البلدات العربية، واستبعدت الصحيفة السماح للشرطة بالحصول على هذه القدرات، لتجنب “توتر غير ضروري بين الجهازين والتأكيد على أن عملهما سيكون مشتركًا”، بحسب الصحيفة.
وسيعمل جهاز الشاباك على وضع خطط لإمكانية انخراط الشاباك ضد الجريمة في المجتمع العربي”، بما في ذلك خطة لـ”تحديد الحالات التي يتمكن للشاباك المشاركة فيها بعمليات مكافحة الجريمة، والقوات التي ستكون تحت تصرفه والقدرات المطلوبة من الجهاز في هذا الصدد”، بحسب “هآرتس”.