فرصة لبلورة الحلول ومناقشة التوجه شرقا
جاءت في توقيتها منهجيا وموضوعيا مبادرة فخامة الرئيس الى الدعوة للحوار الوطني فالانهيار الحاصل أكبر من اعتباره شأنا عارضا يمكن التعامل معه ضمن آليات تسيير مهام الحكومة المعتادة والروتينية كسلطة تنفيذية وهو يرتب مسؤوليات ويستتبع تدابير وخطوات تتخطى حدود التسيير العادي لشؤون الحكم والناس.
إن توافرت الإرادة والإدراك الوطني الاستشرافي ثمة فرص جدية تتخطى احتواء الكارثة إلى مرحلة جديدة واعدة من الاستقرار والنمو بعد الانهيار وفي كل حال تستدعي الظروف حشد طاقات وجهود وطنية عابرة للخنادق السياسية.
قعر الانهيار الكبير يمكن تخطيه إلى التعافي والنهوض من جديد اذا توافر شرطان هما البرنامج والإرادة الوطنية بتعبئة طاقات الشرائح الاجتماعية والقوى السياسية الوطنية في مواكبة مسار تنفيذ البرنامج الإنقاذي.
يفترض بلورة الخطوط العامة والبنود التفصيلية خلال مشورة وطنية واسعة بحيث تتشكل بعد التفاهم على البرنامج جبهة تلم شمل الطيف الوطني لتكون هيئة أركان قيادية تسير بالبلد إلى الأمام فتخرجه من الهوة السحيقة إلى مرحلة جديدة من النمو والانتعاش والبناء ويفترض بلورة قوام الجبهة في حاصل الحوار من سائر القوى والجهات والشخصيات التي تبدي استعدادا وحزما في العمل لتنفيذ البرنامج الإنقاذي.
يميل الواقع السياسي للاستغراق في البحث حول المعالجات المالية والنقدية التي تدور في دوامة الوصفات المكررة والمجربة بينما تحن في وضع غير عادي وقد حل الانهيار بسبب أزمة نضوب خطيرة ودمار موارد الثروة الحقيقية.
يستحيل اخراج البلد من الدوامة الاستنزافية المتمادية دون خطة عاجلة لإحياء الموار وتعديل الاتجاهات العليا للسياسات الاقتصادية والمالية واعادة النظر جذريا بالشراكات الاقتصادية والمالية المبنية على التبعية للغرب والارتهان للهيمنة الأميركية الغربية المالية والمصرفية والاقتصادية ومن هذه المسألة تنطلق عملية الإنقاذ الممكنة.
عبثا يدمن بعض الواقع السياسي التعلق بوصفات ثبت عقمها وقصورها امام كارثة كالتي تغرق لبنان وهذا الإدمان هو نتاج تشوهات وارتهانات تكوينية ومصلحية لابد من عزلها في المسعى الإنقاذي الجدي الذي يتطلب برنامجا جذريا لإعادة البناء الوطني اقتصاديا وسياسيا.
من خارج الدوامة والوصفات المعلوكة تلوح الفرص الواعدة للنهوض من الهوة الخطيرة عبر خطوات جدية في طريق التوجه شرقا وباستعجال الحوار الجدي والعملي حول العروض الصينية والروسية والإيرانية وملحقاتها التنفيذية ومستلزماتها لوضعها على السكة التنفيذية واطلاق مسار جديد من النمو والانتعاش والتطور .
لابد من إدارة الظهر كليا للتشويش والتشويه ولمحاولات العرقلة ويكفي التأخير لأشهر افتضح خلالها الخداع والكذب بانكشاف مشاريع اخترعت لتخدير الرأي العام اللبناني وعرقلة السير نحو الشراكات الشرقية الواعدة.
نقترح في اطار هذا التوجه نقاشا عاما منظما ومفتوحا مع الناس عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية لتبديد الأوهام ومكافحة التشويه والتشويش اللذين يحركهما أخطبوط التبعية والعمالة والسمسرة الذي يخشى على مصالحه ووجوده وقد استحق اقتلاعه لإنقاذ الوطن والشعب.