كتب البير خوري
في خلال يومين تحوّلت أنظار اللبنانيين من جلسة الأربعاء الرئاسية الفاشلة الى لقاء قمة يجمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، اعتباراً من أن ملف انتخاب فخامة رئيس جديد للبنان،لا بدّ،ونظراً الى ما وصلت اليه التعقيدات الداخلية، أن يمرّ عبر “الفيلتراج”الدولي والعربي، وخصوصاّ السعودي والفرنسي بعدما فشلت كل المساعي الداخلية في إيصال “الفخامة الى بعبدا، نظراّ للاِختلافات المستحكمة بين أكبر ثلاث تكتلات مسيحية” القوات والتيار والكتائب، في مقابل الثنائي الشيعي أمل وحزب الله.
يبدو أن”الفخامة”اللبنانية منقسمة الى عدة “فخامات”يستحيل على أيّ من التحالفات القائمة،الظرفية منها والثابتة، أن تتوافق على رئيس حيادي كما يصرّ الجميع عليه، في حين أن ما تكشّف عن الجلسة الرئاسية الأخيرة حقيقة راسخة لا شكّ فيها، أن كل الأطراف تعاند وتكابر وتتبادل الاِتهامات”عالطالع والنازل”خارج البرلمان كما في داخله، وبما يضع”الفخامة”في مواجهة “افخاخ” لا تمتلك القوى الداخلية القدرة السياسية على تفكيكها،لا اليوم ولا غداً، تدفع الشارع اللبناني عموما، والشعبي خصوصاً الى التساؤل:
اولاً: هل يدرك أصحاب الدولة والمعالي والسعادة ورؤساء الأحزاب،أيّ مصير ينتظر لبنان وأبنائه اِن لم يتفقوا على تأجيل خلافاتهم واختلافاتهم حتى اِنقاذ”الفخامة”
الرئاسية من افخاخها المعقدة؟
ثانياً:هل الحوار المفتوح بين القوى الداخلية المتصارعة يمكن أن يؤدي الى انتخاب”فخامة”
واحدة ،أم أن الصراحة والوضوح يشرعان الأبواب الى اعادة النظر بكيان لبنان،وبالتالي إلى أي وطن يطمحون إليه، وما النظام المثالي الذي أنقذ البلاد من انقسام قياداتها أفقيا وعموديا،،وبما يؤسس لما هو أبعد من صراعات سياسية الى تفجيرات أمنية تهدد السلم الأهلي؟
صحيح أن القيادات الأمنية والعسكرية تطمئن المواطنين الى جاهزيتها الكاملة لمواجهة كل الاِحتمالات والمفاجأت، لكن ما تعرّض له لبنان من تجارب دموية سابقة وما رافقها من اغتيالات، أثبتت أن الوعود مهما صدقت النيات،تبقى عرضة للاِهتزازات، طالما أن المواطنة اسيرة الطوائف والمذاهب والأوضاع الاقتصادية و المعيشية المتدهورة،فضلا عن تداعيات ارتفاع سعر الدولار الصاروخي المصحوب ب”كارتيلات”الفساد من الرأس الى القاعدة،واِمعانها في تأزيم الخلافات السياسية بما يتلاءم مع مصالحها وأطماعها وطموحاتها الشخصية.
ثالثاً:هل يشكّل سلاح حزب الله فعلا تحديا للسلاح الشرعي والوطني،ام انه حماية واجبة الوجود للوطن، أثبت فعاليته في معارك عدة حتى بات يهدد عمق اسرائيل، بعد تخاذل غالبية الدول العربية عن القيام بمهمة قومية لتبقى فلسطين القضية المقدسة في الوجدان العربي؟
رابعاً:هل أصبحت”الفخامة الرئاسية”علة علل لبنان،والسبب المباشر أقله في ظاهرة انقسام القوى الداخلية في حين تبقى”دولتا”رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة في منأى عن فخاخ ديمقراطية مزيفة،وبحيث يمكن حل إشكالات السلطتين التشريعية والحكومية ب”الترقيع”حيناً والتفاهمات الظرفية احياناً وبما يحفظ بقايا حمهورية من الاِنحلال الكامل؟
وخامساً اخيراً:هل
الاِتكاء على مساعدات الخارج إقليميا وعربيا ودوليا، يؤكد عقب كل جلسة رئاسية أن لبنان جمهورية مضى بها قطار العمر.شاخت وعجّزت فبات من واجب المجتمع الدولي ومؤسساته نقل هذه الجمهورية إلى غرفة العناية المركّزة وبالتالي تقديم كل مساعدة ممكنة وعلى كل المستويات لعلّ وعسى تتعافى ولو جزئيا ليعاد تأسيسها وفق نظام جديد ودستور واضح،من خلال قيادات وطنية شابة فوق الطوائف والمذاهب والمصالح الشخصية…
يبقى السؤال:هل ينجح لقاء ماكرون وبن سلمان،ومن يشاركهما لقاء القمة إخراج لبنان من عنق الزجاجة والأفخاخ المتربصة به؟
الرهان قائم والفوضى جاهزة..وبين هذا وتلك يستمر لبنان رهن كل الاِحتمالات والمفاجأت.