من ثماره تعرفونه..
قول حكيم جسّده نصاً وروحاً وعملاً رشيد يوسف بيضون من رجالات الاستقلال التارخيين
ممن وقعوا العلم اللبناني الأول.غرس الرشيد ثماره بالحب والاِيمان والعلم والمعرفة..رواها بماء الصبر والعناد فاستمرت نضرة فواحة،انتجت وما زالت تنتج اجيالا من علماء ومثقفين ومهنيين في مختلف المجالات.
كانت ثمرة الرشيد الأم،اَنشاء الكلية العاملية في العام ١٩٢٣ في بيروت،والتي يحتفل لبنان الرسمي والشعبي في الثالث والعشرين من حزيران الحالي بمئويتها الأولى،لتكر بعدها صروح علم وتربية من مدارس ومعاهد وكليات في جنوب لبنان وجبله وبقاعه.انجازات تعجز مجتمعات عن تحقيقها،خصوصا وأن اِنشاءها حصل في مراحل صعبة من تاريخ لبنان الحديث،وحين كانت الجامعتان الأميركية والفرنسية تتصدران المشهد العلمي والثقافي فب البلاد.لكن الرشيد،المؤمن والمتنوّر على ايدي بعض علماء جبل عامل ومثقفيه الكبار، الصابر والغيور على بلاده وأبنائها،والعروبي الصادق،اقدم ونجح حين لم يجرؤ غيره من الزعامات السياسية والقيادات الوطنية.
ليس ادنى شك ان لبنان الرسمي على مدى رؤسائه وحكوماته،تأخر كثيرا في تكريم الرشيد على مبادراته الفريدة واِنجازاته الكبيرة في مجالات العلم والتربية والسياسة،اِنما خير أن يأتي التكريم متأخرا من ألّا يأتي ابداً.والخير الأكبر أن تتعرف الأجيال الشابة على رجل عأملي التنشئة والتربية والثقافة،امضى حياته في العطاء بغير حساب،والتضحية بغير مكابرة ولا ضجيج اعلامي واعلاني..عمل بصمت حتى بعد دخوله المجال السياسي،مدعوما من شريحة كبرى من المواطنين،وقد شاركهم احلامهم وطموحاتهم،كما احزانهم وأفراحهم مما اهّله ليكون لسان حالهم تحت القبة البرلمانية مزوٍداً بصمير حي يعي واجباته الوطنية والانسانية بكفين نظيفين
ويخرج منها بالبياض نفسه.ذاع صيته في خلال مسيرته الوطنية والتضالية والعملية على انه اقرب القيادات الى الناس الفقراء والبسطاء.عفيف اللسان،طيّب القلب والمشر،شجاع مقدام،وصاحب مبادرات فريدة في نهجها واسلوبها،تستمر حتى اليوم،حديث من عرعرفوه عن قرب،او على لسان من سمعوا اخباره من ابائهم وأجدادهم.
ابمان الرشيد بالعلم،وبقوله تعالى في كتابه الكريم”اِقرأ باسم ربك الذي خلق…”جعله رسولا للمعرفة والاِستزادة منها،واعتبا ها وصية يجب العمل بمقتضاها وتمريرها جيلا بعد جيل،دوم اي تميز بين فقير وغني،او بين مذهب وأخر،ولا بين مختلف المناطق اللبنانية.
لم يكتف الرشيد بالقراءة..حوّل قراءاته الى انجازات ومبادرات.على سبيل المثال لا الحصر،لم يكن احد ليصدّق ان الرشيد ابن جبل عامل وعائلة بيضون الأصيلة في وطنيتها وغروبتها وعلمائها ومثقفيها،ان يقدم احد ابنائها المعروفين بالنبل والفروسية،على مبادرة استثنائية تستمر حتى اليوم مثالا في الجرأة والفرادة.
اقدم الرشيد بعد جولة مطوّلة في شوارع بيروت وأحيائها الشعبية على عملية”خطف” لم تشهد البلاد مثيلا لها-ولن تشهد اغلب الظن- خطف الأولاد الفقراء والمعدمين من باعة العلكة وأكياس الورق وماسحي الأحذية الى دارته،نظّفهم،كساهم وأطعمتهم،ثم طلب باِحضار ذويهم ليقول لهم بالحرف الواحد”هؤلاء اولادي وليسوا اولادكم”..وتعهّد لهم بتقدبم كل مساعدة مالية وتسهيلات تربوية ليلتحقوا بمدارسهم،تماما كما حال الأغنياء.
مبادرة مجنونة وحنونة في الوقت نفسه،تكشف ليس فقط عن ارتباط رسيد بيضون بناسه وبيئته،وخصوصا الفقراء منهم،انما عن رجل حكيم ادرك ان الجهل والفقر والتعصّب الأعمى مسالك تقود الى جرائم كبيرة وصغيرة،ما لم يتدارك المسؤولون تداعياتها وأخطارها الاجتماعبة والوطنبة.
وعلى مرور السنوات،تنوعت مبادرات الرشيد العلمية والتربوية والاجتماعبة،وحتى السياسية.يشهد عارفوه عن صولاته وجولاته الوطنية مما جعله من خارج الاصطفاف السياسي المعهود.كان فريدا وجريئا في مواقفه،امينا على وعوده وتعهداته، وها هو اليوم يحصد ثمرات اعماله الخيّرة،اجيالاً مسلحة بالعلم والثقافة والايمان.