غزة تحوّلت الى “فيتنام” القرن 21 … وعلى نتائجها الحلّ السياسي
الكاتب: كمال ذبيان
تدخل غزة شهرها الرابع مع العدوان الاسرائيلي التدميري عليها، وهي لم ترفع “الراية البيضاء”، كما خطط رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزراؤه من الاحزاب الدينية المتطرفة والمؤسسة العسكرية، التي اصيبت بنكسة في 7 تشرين الاول الماضي، في عملية طوفان الاقصى التي نفذتها كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، اذ سقطت نظرية الجيش الاقوى في المنطقة والرابع في العالم، ليغرق في ارض غزة، التي باتت “فيتنام” الجديدة في القرن الحادي والعشرين، والتي تلقن المحتل دروسا في “حرب العصابات”، وقتال الانفاق، والمواجهة المباشرة مع جيش الاحتلال الاسرائيلي.
فغزة، كما بيروت في عام 1982 التي اخرجت الاحتلال الاسرائيلي من اول عاصمة عربية، فانها ستدحر الغزو البري لها للمرة الثانية، بعد انسحابه من غلافها في زمن ارييل شارون، الذي لاقى هزيمة فانية بعد خروجه من بيروت ثم من مناطق لبنانية محتلة اخرى، حيث انتهى التوقيت الاميركي للحكومة “الاسرائيلية”، لتحقيق اهداف حربها على غزة. فانسحاب البارجة الاميركية “جيرالد فورد” من البحر المتوسط، هو رسالة سلبية تلقاها العدو الاسرائيلي، وفق ما قرأ مصدر عسكري في هذا التحول بالموقف الاميركي، الذي لا بد سينعكس على مسار الحرب الصهيونية على غزة لجهة توقفها، والتوجه نحو الحل السياسي، بعد فشل نتنياهو في اقتلاع حماس من القطاع، وهي من ضمن التركيبة المجتمعية للشعب الفلسطيني، والتي سلكت كتنظيم سياسي – عسكري خيار المقاومة، بعد ان فشلت “التسوية السلمية” وتحقيق الدولتين، اضافة الى ان حماس حققت تمثيلاً في الانتخابات التشريعية عام 2006، واوصلت مندوبين عنها الى المجلس التشريعي الفلسطيني، وهذا ما اوقع الخلاف مع حركة “فتح” وحصل صدام عسكري بينهما، ادى الى سيطرة حماس على القطاع، وانقسم الفلسطينيون بين حكومتين في غزة برئاسة حماس، وفي الضفة الغربية تقودها السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس (ابو مازن).
هذا الانقسام الفلسطيني، ترك اثارا سلبية على المسألة الفلسطينية، والذي نتج من عدم التوافق على برنامج موحد، كما على من يمثل الشعب الفلسطيني، ومن هو المفاوض باسمه، وهل التفاوض اعاد الحقوق للفلسطينيين؟
اسئلة مطروحة بين ابناء الشعب الفلسطيني، حيث لم تنجح مؤتمرات الحوار والمصالحة، في الوصول بين الفصائل الى الحد الادنى من وحدة القرار الوطني الفلسطيني، فانعقدت اجتماعات في كثير من العواصم، لا سيما في القاهرة وعمان والدوحة والرياض والجزائر، دون التوصل الى اتفاق، سوى ما حصل في الجزائر في تشرين الاول من العام 2022، حيث وصل 14 فصيلا فلسطينيا الى اتفاق على الآتي:
1- اجراء اتنخابات تشريعية ورئاسية بعد عام.
2- وضع حد للانشقاق.
3- منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
4- العمل على انشاء دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق الشرعية الدولية.
هذا الاتفاق لم يوضع موضع التنفيذ، وان الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كانت مقررة في عام 2021، ارجأها الرئيس الفلسطيني وقد احياها اتفاق الجزائر، ثم اجتماع العلمين في مصر، الذي قاطعته فصائل فلسطينية الصيف الماضي، وشكلت لجنة متابعة لاستكمال الحوار، ودعا عباس الى اجتماع في القاهرة، فلم يتم التجاوب معه، لان الانقسام السياسي عميق بين نهجين، يقول قيادي فلسطيني، اذ كل طرف يرى حل القضية الفلسطينية من منظار مختلف، اذ ما زالت السلطة متمسكة بحل “اتفاق اوسلو”، في حين لا تنظر اليه فصائل اخرى، لا سيما حماس و “الجهاد الاسلامي” بايجابية، وان من قضى عليه هو نتنياهو بعد ترؤسه حكومة في العام 1997، وقبل ذلك قتل اسحق رابين عام 1995 كاحد الموقعين عليه مع العدو الاسرائيلي، وبذلك يكون “اوسلو” سقط “اسرائيليا” ولم تبحث منظمة التحرير عن بديل له، سوى انه اعطاها سلطة على نحو 17% من الضفة، وترك “الاسرائيلي” الامن “شراكة” مع السلطة.
من هنا، فالى اين ما بعد حرب غزة، التي يحاول نتنياهو مع وزير الحرب يواف غالانت اطالتها، لتحقيق اهدافه، بعد ان اعلن ان القطاع ستشكل له دائرة مدنية، ويبقى الامن اسرائيليا، ولا يمانع العدو الاسرائيلي، ان تعود السلطة الفلسطينية الى غزة، بعد رفض دول عربية واجنبية ان تكون غزة بادارة عربية او دولية او مشتركة، او ان يعود لادارة مصر، وهو السؤال الذي يطرح على الفصائل الفلسطينية: ماذا بعد الحرب، او اليوم الثاني لوقفها، حيث الحوارمعطل بين القوى الفلسطينية، يقول القيادي الذي يكشف عن رفض فلسطيني جامع، لعودة السلطة عبر البوابة الاسرائيلية، وان وقف الحرب مشروط فلسطينيا، وتحديداً فصائل المقاومة في غزة، بالانسحاب الاسرائيلي الشامل من القطاع، بعد ان فشلت اهداف الحرب التي بات الكيان الصهيوني، يشعر بخسائرها البشرية والعسكرية والاقتصادية والمالية، وان نتنياهو لا يمكنه ان يكمل لا بالحرب ولا رئيسا للحكومة، وهو معرض للمحاكمة السياسية والقضائية.
لذلك، فان الفلسطينيين هم ايضا امام الدعوة للحوار والمصالحة وتقديم المشروع الوطني الفلسطيني، وان حلول ما قبل حرب غزة ليس ما بعدها، وعلى نتائجها يكون الحوار والقرار
المصدر: الديار