غالانت يهدّد بتوسيع الحرب ضد لبنان ونتنياهو يحاول تغطية الفشل في غزة
كتبت وفاء بيضون في “اللواء”:
مرة جديدة تتقدم تهديدات قادة الكيان الإسرائيلي على مجمل المواقف داخل «إسرائيل»، تارة بالتوعّد بإنهاء ما تسمّيه التهديد القائم لحزب الله على الحدود الشمالية الفلسطينية مع لبنان، وطوراً بضرورة إعادة سكان المستوطنات الإسرائيلية إلى المغتصبات الفلسطينية عبر توسيع الأعمال العسكرية بهدف إضعاف بنية المقاومة المنتشرة جنوب نهر الليطاني.
ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي أكد أن توسيع أهداف الحرب على جبهة الشمال أمر بديهي، فيما وزير الحرب الإسرائيلي «يوآف غالانت» قال: علينا توسيع أهداف الحرب بعد عرضه ما سمّاه الخطة العسكرية على رئيس الوزرا،ء والمصادقة عليها من قبل ما يسمّى بـ«المجلس الوزاري الأمني» أو «الكابينت الحربي»، مؤكداً في الوقت نفسه أن المهمة في الشمال الفلسطيني لم تنتهِ بعد، لتشمل تمكين السكان من العودة إلى مناطقهم في شمال «إسرائيل» والذين تم إجلاؤهم بسبب هجمات حزب الله؛ مؤكداً أن مهمة الجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية واضحة.
هكذا تبلورت مواقف قادة العدو الإسرائيلي وسط ارتباك وحذر شديدين من أن أي مغامرة غير محسوبة، وخاصة إذا ما تجاوزت قواعد الاشتباك، لن تكون حاملة لنتائج مرضية للجانب الإسرائيلي، فربما تذهب الأمور إلى أبعد من ذلك، وصولاً إلى نقطة قد يندم عليها نتنياهو، حسب رأي العديد من المحللين والخبراء الاستراتيجيين. وفي عرض للتحولات العسكرية وتطورات الحرب في غزة وانسحابها إلى الضفة الغربية، تقول المصادر المطّلعة: إن حجم الارتباك داخل المؤسسة السياسية، معطوفة على تداعي المؤسسة العسكرية، وقيام العديد من الضباط والجنود بتقديم استقالات جماعية، يدلّ على أن نتنياهو وفريق حربه يحاولون الهروب نحو إنجازات داخل فلسطين وخارج القطاع، في وقت هناك من يدفع بقادة القرار الحربي داخل الكيان لخوض مغامرة جنوب لبنان بغية حرف الأنظار، المتمثلة بحجم الضغط الداخلي لا سيما عوائل الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، وذر نتيناهو الرماد في عيون الرأي العام الإسرائيلي هرباً من نتائج فشله العسكري التي لم تتمكن آلة حربه من حسم أهداف الحرب على غزة بعد حوالي أحد عشر شهراً.
تتابع المصادر، يفوت على مجلس حرب نتيناهو أن حسابات بيدر غزة لن تكون مشابهة لغلة بيدر جنوب لبنان، ولا سيما أن ما يدور في بقعة جغرافية في المساحة التي تجري فيها المواجهات داخل القطاع، تختلف عما ينتظر الجيش الإسرائيلي من أنفاق ومنشآت تحمل اسم «عماد مغنية»، وربما يكون رقم «4» هو رقم من أعداد مضروبة بعشرة في التحصينات التي بنتها المقاومة في لبنان على مدى سنوات، وخاصة بعد عدوان العام 2006.
وفي الوقائع تقول الأوساط الاستراتيجية؛ مع فارق العدد الكمي لمقاتلي الفصائل الفلسطينية في القطاع وأيضاً قدرة التسليح ومساحات المناورة، والتي أكدت أن المقاومة الفلسطينية أبلت البلاء الحسن في الأداء العسكري مكبّدة «إسرائيل» الخسائر البشرية والمادية، غير أن ما ينتظر العدو في جنوب لبنان مغاير بشكل كبير، فحزب الله منذ خوضه الحرب تحت عنوان الإسناد والدعم، لم يفصح عما لديه من مفاجآت قد تضع الكيان الإسرائيلي ومعه العالم، أمام حقائق تاريخية ستصنعها النتائج العملية على الأرض إذا ما وسّع العدو من رقعة اعتداءاته.
وبين التهديد والرد بالرد، ترى مصادر مطّلعة أن ما تحمله تهديدات «إسرائيل» هو عملية استجلاب واستجداء عبر القنوات الدبلوماسية التي زارت بيروت للضغط على المقاومة للقبول بتنفيذ القرار 1701 على الطريقة الإسرائيلية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى إن ما تحمله تهديدات قادة الكيان لا تصب إلّا في خانة المربكين، فهم لم يتمكنوا خلال أحد عشر شهراً من القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس في إطار جغرافي بحجم غزة، فكيف لذلك أن يتحقق في تضاريس لبنانية اختبرها الإسرائيلي في حروبه السابقة، وأيقن نتائجها المدمية والثقيلة عليه.
نعم، ثمة مخاطر تلوح في أفق المشهد العسكري، والصحيح أنه لم يعد أمام نتيناهو إلّا لعب كل أوراقه على قاعدة الـ«Sold»، ولكن ثمة حقيقة بات يعرفها القاصي والداني، وهي أن قدرات المقاومة في لبنان قد تضع كيان «إسرائيل» في موضع لا يحسد عليه إذا ما احتسبنا ما لدى حزب الله من قوة صاروخية تدميرية. هذا بالإضافة إلى عديد المقاتلين المدربين على اجتياح الجليل، هذا عدا عن مخزون المفاجآت الجوية والبحرية التي ما زالت تؤرق «إسرائيل» والدول الداعمة له، بالإضافة إلى جرّ المنطقة لحرب إقليمية في ظروف سياسية قد تحرج الأميركي عشية الانتخابات الرئاسية، ما يطرح الأسئلة التالية: «هل يستعرض نتنياهو القوة من أجل إخفاء الضعف الحقيقي وتآكل جيشه بين جبهات القتال المفتوحة؟ وهل يُستدل من وراء هذا التصعيد في المواقف رغبة «إسرائيل» في لملمة المشهد السياسي على قاعدة اعطوني نصراً مزيفاً وخذوا قليلاً من القتل والدمار؟».
وبالنتيجة، تجمع المصادر المواكبة أن خطر الحرب الشاملة ليس بعيداً عن نوايا «إسرائيل» وأجندة نتنياهو رغم ما يعتري المنطقة من قلق التوسيع واشتراك جبهات محور المقاومة فيها، ولا سيما أن الرد الإيراني واليمني ما زال قائماً، والتأكيد عليه يتكرر من قبل طهران وصنعاء، فهل سنكون أمام تجسيد لمقولة: اشتدّي أزمة فانفرجي؟!