عودة هوكشتاين الى بيروت مرهونة بالموافقة على مسوّدة “مُعدّلة” من اتفاقه المسرّب

عودة هوكشتاين الى بيروت مرهونة بالموافقة على مسوّدة "مُعدّلة" من اتفاقه المسرّب

كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:

تتزايد التكهّنات حول عودة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت هذا الأسبوع، لاستكمال مهمّته بشأن وقف إطلاق النار، لا سيما بعد الحديث عن أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب قد طلبا منه العودة الى الشرق الأوسط لإنجاز الاتفاق. إلّا أنّ أي موعد لم يتمّ تحديده حتى الساعة، مع كلّ من رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اللذين يفاوضان هوكشتاين باسم لبنان في ظلّ الشغور الرئاسي المستمرّ.

وتقول مصادر سياسية مطّلعة ان المفاوضات غير المباشرة بشأن وقف إطلاق النار في لبنان وصلت الى نقطة حرجة، مع رفض رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو المطالب اللبنانية، وإعلان برّي عن ذلك، رغم تفهّم هوكشتاين لموقف لبنان خلال زيارته الأخيرة التي حصلت في 27 تشرين الأول الفائت. وكان من المتوقّع أن يتمّ التوصّل الى اتفاق نهائي يضمن وقف إطلاق النار لفترة محدّدة، يتمّ خلالها التفاوض بشأن آلية تطبيق القرار 1701 من الجانبين، إلّا أنّ هذا الأمر لم يحصل بسبب التعنّت “الإسرائيلي”.

واليوم، بعد الإنتخابات الأميركية وفوز دونالد ترامب فيها، وكلامه على أنّه ينوي إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأنّه طلب من نتنياهو إنهاء الحرب قبل تسلّمه السلطة في 20 كانون الثاني المقبل، جرى تسريب مسودة اتفاق جديدة تحدّثت عن اقتراح هوكشتاين هدنة مؤقّتة تبدأ في 20 تشرين الثاني الجاري، وتنتهي يوم تسلّم ترامب الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، على “أن يتمّ خلال وقف إطلاق النار، إنسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني”، بحسب نصّ المسودة، كما على “عدم عودة الحزب إلى الحدود”، وأن “تكون سوريا مسؤولة عن منع نقل السلاح من أراضيها الى لبنان”. وذلك مقابل “انسحاب الجيش “الإسرائيلي” من الجنوب اللبناني إلى خطّ الحدود الدولية ضمن الاتفاق”، كما سيكون “لإسرائيل” حق العمل ضد أي انتهاك من لبنان والرد عليه مستقبلاً”، وهو ما رفضه الجانب اللبناني في وقت سابق. ويُعمل لتنفيذ هذا الاتفاق المحتمل أن تتلقّى “إسرائيل” ضمانات أميركية وروسية بمنع إعادة تسليح حزب الله، على أن يعمل “الجيش اللبناني على تدمير البنية التحتية المتبقية لحزب الله على الحدود”.

هذه المقترحات التي تضمّنتها المسودة الجديدة للاتفاق لن يوافق لبنان على بعض بنودها، وفق المصادر، لا سيما في ما يتعلّق بـ “أنسحاب الحزب الى شمال الليطاني، وإعطاء العدو حقّ العمل ضدّ أي انتهاك من لبنان والردّ عليه مستقبلاً”، وخصوصاً أنّه غالباً ما يُقدّم الحجج والذرائع ليقول انّ لبنان يعتدي عليه، وأنّه في موقف الدفاع عن النفس. وفي ما يتعلّق بسلاح حزب الله فيعتبره لبنان، شأناً داخلياً يتمّ حلّه عند بحث الاستراتيجية الدفاعية، بعد انتخاب رئيس الجمهورية. ما يعني أنّ مسودة هوكشتاين ستحتاج أيضاً الى بعض التعديلات، كونه يعلم موقف لبنان الذي ينصّ على “تطبيق القرار 1701 كاملاً من دون زيادة أو نقصان”.

إلّا أنّ الدولة اللبنانية، على ما أضافت المصادر، لم تتسلّم حتى الساعة أي نسخة عن هذه المسودة التي يجري التداول بها في وسائل الإعلام، كما لم تتبلّغ من هوكشتاين عن أي زيارة مرتقبة له الى لبنان. وعليه، فهي تنتظر ردّ الوسيط الأميركي الذي زار “تلّ أبيب” قبل أيّام من الإنتخابات الرئاسية الأميركية، ولم يعد منها الى بيروت لإبلاغ المسؤولين فيه بالردّ “الإسرائيلي”. وهنا، تلفت الى أنّ تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته، هو الذي يمنع وقوع أي إشتباكات أمنية في المستقبل، وهو الذي يُعطي الضمانات بعدم العودة الى الحرب بين الجانبين مجدّداً، ولا شيء سواه.

وتبرز تناقضات واضحة في ما أعلنه رئيس أركان الجيش “الإسرائيلي” هرتسي هاليفي عن المصادقة على توسيع العمليات البرية في جنوب لبنان، وبين ما يجري الحديث عنه عن “مسودة إتفاق جديد محتمل لوقف إطلاق النار في لبنان”، تشرحها المصادر على أنّنا نواجه عدوّاً مراوغاً لا يُظهر نياته، بل يقول الشيء ونقيضه في وقت واحد. لهذا فإنّ لبنان أبلغ هوكشتاين ما يقبل به وما يرفضه من مقترحات أميركية – “إسرائيلية”، ما يجعل هذا الأخير لن يعود الى لبنان قبل الاتفاق مع “إسرائيل” على مطالب لبنان، وإلّا فإنّ عودته لن تكون ذات أي فائدة.

وبناء على ما تقدّم، تؤكّد المصادر أنّ عودة هوكشتاين الى لبنان مرهونة بمدى قدرته على إقناع “الإسرائيلي” بالموافقة على المطالب اللبنانية، سيما أنّ البنود التعجيزية التي تقترحها هذه الأخيرة لا يمكن أن تقبل بها الدولة اللبنانية ولا بأي شكل من الأشكال. كما تحتاج مسودة هوكشتاين الجديدة التي جرى تسريبها الى وسائل الإعلام، والتي تجري مناقشتها أو وضعها مع “إسرائيل”، الى تعديلات تتوافق مع مطالب لبنان التي تحمي حقوقه وسيادته وعودة أهالي الجنوب الى بلداتهم وقراهم الحدودية. وعندئذٍ أي في حال حصول الاتفاق، سيكون على هوكشتاين القيام بزيارات عدّة لتنفيذ ما جرى التوافق عليه بين الجانبين. وإلّا فإنّ هوكشتاين لن يعود الى لبنان والمنطقة لا قبل 20 كانون الثاني المقبل ولا بعده، إذ سوف تنتهي مهامه، وسيتسلّمها وسيط أميركي جديدا، تُرجّح المعلومات أن يكون المسؤول عن الشؤون العربية في حملة ترامب، اللبناني- الأميركي مسعد بولس.

Exit mobile version