«عودة» بهاء الحريري: «الاعتدال» لمواجهة الإسلام السياسي السنّي؟

«عودة» بهاء الحريري: «الاعتدال» لمواجهة الإسلام السياسي السنّي؟

كتبت لينا فخر الدين في “الأخبار”:

أنهى بهاء رفيق الحريري أسبوعه الأوّل في لبنان، في محاولة جديدة لـ«الانقضاض» على الزعامة الحريريّة، مستغلاً فرصة «اعتكاف» شقيقه الأصغر الذي لطالما شعر بهاء بأنه حجر عثرة في طريقه لوراثة التركة السياسية للرئيس رفيق الحريري.لكن ابتعاد الشقيق الأصغر، على ما يبدو، لن يغيّر في واقع حال الابن البكر شيئاً. صحيح أنه لا يزال من المبكر تقييم حصيلة آخر محاولات الوراثة، إلا أن الصحيح أيضاً أن غياب الـ«كاريزما» وعدم بسط يد المساعدات وافتقاده للمرجعية الإقليمية، و«الاحتضان المحلي»، كما بدا من عدم «تجرُّئِه» على طلب مواعيد من المرجعيات السياسيّة والدينيّة، كلها تجعل مهمة بهاء الحريري شديدة الصعوبة. ويُضاف إليها عدم إيمان «الجمهور السني» بأن هذه المحاولة ستختلف عن سابقاتها عندما ترك «مناصريه» خلفه وقفل عائداً إلى موناكو، خصوصاً أنّه، في اللقاءات التي عقدها، لم يوح بما يؤكد نيته العودة والاستقرار في لبنان، ولم يعطِ وعوداً واضحة، مكتفياً بالعموميات.

«أضرار طبيعيّة»
مسؤولو تيار المستقبل الذين استنفروا قبل الزيارة يؤكدون أن أي «خربطة» حقيقيّة لم تنتج عن لقاءات الشقيق الأكبر التي خلت من شخصيات فاعلة على الأرض. لكنهم لا ينكرون بأن «أضراراً طبيعيّة» سيخلّفها بهاء داخل التيّار الأزرق، مع الجهد الاستثنائي الذي يبذله فريق عمله لـ«لمّ» الجمهور حوله مستغلاً قلّة الخدمات والابتعاد عن السّلطة، إذ إن هذا الفريق ليس غريباً عن المستقبل، ويعرف بدقة نقاط ضعفه، وخصوصاً المنسّق السابق لقطاع النقابات العمالية والزراعية في التيار نجيب أبو مرعي الذي لطالما كان محسوباً على سعد الحريري مباشرةً. لذلك، تمكّن من توجيه «ضربات خفيفة» إلى مرجعيته السابقة، كإقناعه بعض مناصري «التيار» وأصحاب الجمعيات الصغيرة بلقاء بهاء في بيروت، فيما أخفق في توجيه «ضربات تحت الحزام»، مع اعتذار الفاعليات الرئيسية في العاصمة والمناطق عن عدم تلبية الدّعوات.
يعتقد متابعون أنّ لقاءات الحريري غير معزولة عن دعم غربي في وجه «الإسلام السياسي»

مع انتهاء الزيارة، يفترض أن يقيّم بهاء الحريري حصيلتها النهائيّة، ليقرّر بعدها العودة للاستقرار في بيروت والبدء بنشاطه السياسي الرسمي أو يرفع الراية البيضاء. غير أن متابعين عن قرب للرجل يذهبون في «التفكير المؤامراتي» أبعد من ذلك. ففي ظل الإصرار السعودي على إبقاء سعد الحريري «معلّقاً»، يجري البحث عمن «يلمّ» الشارع السني ويمنع «انزلاقه» بعيداً في استعادة خطاب العداء لإسرائيل. ورغم كل «هنّات» بهاء الحريري، يبقى الرجل ابن رفيق الحريري، وقد يكون الأقدر في غياب سعد على أداء «المهمة». لذلك، يرسم هؤلاء علامات استفهام حول توقيت الزيارة وما إذا كانت مرتبطة بالخشية الغربيّة من نمو الإسلام السياسي بعد حرب غزّة على حساب التيّارات السياسيّة «المعتدلة»، مستدلّين على ذلك بتكرار الحريري عبارة «نمثّل خط الاعتدال»، في المواقف السياسيّة القليلة التي أدلى بها. ولذلك أيضاً يستبعدون أن تكون خطوته معزولة عن ارتباطاته الخارجيّة، خصوصاً البريطانية، لافتين إلى الاهتمام الاستثنائي للسفارة البريطانية بالزيارة، والمشابه لاهتمامها بحركته الانتخابية عشية الانتخابات النيابية الماضية. أضف إلى ذلك، الوجود البريطاني الوازن بين فريق عمله في الخارج، فضلاً عن أن «بوابته الأساسية» للعبور إلى لبنان كانت دائماً عبر جيري ماهر المعروف بارتباطاته الإسرائيلية والبريطانية والأميركيّة. واستناداً إلى نظريّة «الدعم الغربي» هذه، يُرجّح المتابعون إمكانيّة عودته إلى لبنان لإطلاق «تيار المسار» والبدء في تنفيذ مشاريع إنمائيّة.

 

Exit mobile version