عندما يفر الصهيوني إلى حضن أبيه
إذا حددنا العوامل التي دفعت بكيان العدو للقبول بالهدنة يتضح لنا أن المسألة هي انتصار للمقاومة فبعض المعلومات تتحدث أنه ونتيجة لاشتداد حدة العمليات التي تقوم بها إسرائيل ونتيجة لعدم نجاحها في القضاء على المقاومة الفلسطينية التي كانت تزعم بأنها لقمة سائغة ويسهل التخلص منها بأي وقت تريد، اضطرت إسرائيل إلى الامتثال لما أملته المقاومة الفلسطينية، والنزول عند شروطها، والتنازل عن كل ما ظنّت أنها لن تتراجع عنه في أول الحرب.
الإسرائيليون في دولة الاحتلال يدركون جيداً معنى الهزيمة حين ينظرون إلى صور بنيامين نتنياهو، وهو يعلن عن الاضطرار لصفقة تبادل الأسرى بعد أن ظلّ يقول إنه سيفرض شروطه على المقاومة، وسيعيد الأسرى بالقوة.. فالوعود الخلبية ليهود العالم الذين عملت إسرائيل على استقطابهم ورسمت لهم أحلاماً وردية ببناء ما يسمى دولة إسرائيل على مدار سنوات طويلة، مغلفة الآن بملامح الحزن والأسى نتيجة صمود المقاومة الفلسطينية واستمرار مقدرتها على توجية ضربات لإسرائيل في كافة الاتجاهات الأمر الذي ساهم بتغير وتبخر كل تلك الوعود وذهابها أدراج الرياح.
امتدّ هذا الإدراك إلى المحللين والإعلاميين باختلاف توجّهاتهم، فقد أشارت بعض التقارير بأن جزيرة قبرص كانت الملجئ المؤقت للعديد من الصهاينة (مزدوجي الجنسية) الأمريكية خاصة، فمعظم هؤلاء هاجروا إلى إسرائيل ولكنهم وجدوا نفسهم في مواجهة واقع غير الواقع الذي قامت برسمه وروجت له مكاتب استقطاب المهاجرين اليهود، لذا ومع احتدام الصراع ازدحمت السفارة الأمريكية في قبرص بأعداد غير مسبوقة من المهاجرين الحاملين للجنسية الأمريكية والإسرائيلية، من المطالبين بالهجرة والعودة إلى أمريكا بشكل نهائي، ونتيجة لهذا الازدحام وزيادة المراجعات في عدد الأشخاص الذين يطلبون هجرةً دائمة إلى الولايات المتحدة فتم استدعاء عدد من الدبلوماسيين الموجودين في سفارات الولايات المتحدة الأمريكية في دول المنطقة للسفر إلى قبرص لمساعدة المواطنين الإسرائيليين. وتشير المعطيات إلى أن هؤلاء المواطنين سيطالبون التعويض من الحكومة الإسرائيلية بسبب خسائرهم الكبيرة والوعود الكاذبة التي أعطيت لهم عن كون إسرائيل واحة آمنة وأن لا حروب في المنطقة وإن وجدت فستكون خاطفة.
ما جرى ويجري منذ عقود يعطي دلالةً واضحة بأن الحرب في غزة لا نهاية لها وبأن كل ما ينشر ويروج له بأن الحرب ستنتهي لصالح إسرائيل هي مجرد تحاليل وتوقعات غير دقيقة، فالشعب الفلسطيني في غزة لا يمكن أن تحكمه أي إدارة خارجية فحلم تحرير الأرض والانتقام من عدو اغتصب أرضه هو أمر تتوارثه الأجيال الفلسطينية جيلاً بعد جيل، ولا توجد أي دولة مستعدة لتوطين الفلسطينين أو وضع نفسها بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، فكفاح فصائل المقاومة الذي جرى ويجري الآن سيكون نموذجاً يقتدي به جميع أبناء الشعب الفلسطيني، واستمرار النهج التدميري الذي تقوم به إسرائيل سيكون بطريقة غير مباشرة في مصلحة الشعب الفلسطيني، الذي سيزداد إيماناً وإصراراً على تبني خيار المقاومة والكفاح المسلح كطريق أوحد لتحرير الأرض.
أروى الشمالي – الإعلام تايم