أعيد أمس انتخاب النائبة عناية عز الدين في لجنة المرأة والطفل النيابية، التي كانت ترأسها في المجلس السابق، كما كانت قد تسلّمت رئاسة الهيئة النيابية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة، بعد استقالة النائبة ديما جمالي. حضورها على رأس تلك الهيئة جعل الأمن الغذائي ضمن أبرز اهتماماتها. ماذا تقول عن هذه القضية بمناسبة اليوم العالمي لسلامة الغذاء الذي صادف أمس:
يبدأ الحديث مع النائبة عناية عز الدين عن «الأمن الغذائي»، من أسس الغذاء السليم ولا ينتهي بالتشريعات اللازمة لضبط أكثر من قطاع مثل الصحة والدواء والزراعة والاستيراد، أو بالتوعية على العادات الغذائية الخاطئة التي يمارسها اللبنانيون.
لا بدّ بداية من تعريف الأمن الغذائي، الذي لا يعني بخلاف الشائع توفّر الغذاء، أو قدرتنا على الحصول عليه فحسب، بل «حصول الفرد على الطعام السليم والصحي والكافي بشكل مستدام يتناسب مع حاجاته وينسجم مع البيئة التي يوجد فيها». وتشير عز الدين إلى دراسة صدرت عن الأمم المتحدة قبل نحو أربعة اشهر، وأعلنت فيها أن 73% من اللبنانيين مهدّدون بأمنهم الغذائي، أو يعانون من صعوبة في الوصول إلى الاكتفاء، شارحة ثلاثة أسباب لهذه النتيجة:
أولاً، في موضوع توفر الغذاء في لبنان: 80% من الغذاء مستورد، والباقي ينتج محلياً.
ثانياً، في موضوع القدرة في الحصول على الغذاء: هناك عدد كبير من اللبنانيين تحت خط الفقر نتيجة عدة عوامل وهذا أثر في أمنهم الغذائي.
ثالثاً، في علاقة الغذاء بالصحة: من الضروري أن نشير إلى كمية السعرات ونوعيتها وأيضاً سلامتها. أحياناً يكون الجسم بحاجة إلى 1500 سعرة حرارية يحصل عليها كلها من مشروب غازي، في حين أن المطلوب أن يكون الغذاء متوازناً. والغذاء المتوازن هو «الذي يتضمّن الخضار والفاكهة بنسبة النصف، 30% نشويات، 20% بروتين من مصادر مختلفة».
الرضاعة الطبيعية
غرق عز الدين في هذا العالم، دفعها إلى العمل على أكثر من مستوى. نبدأ من الأطفال «أطلقنا حملة وطنية للرضاعة الطبيعية من مجلس النواب، لأن خريطة تفعيل الجينات الصحية للولد تبدأ من ساعة الصفر لعمر ألف يوم. استغلينا الفرصة لنطور المسلكيات والتشجيع على الرضاعة الطبيعية وتنظيم تسويق الحليب الصناعي داخل المستشفيات»، لافتة إلى أن لبنان لا يولي اهتماماً كبيراً لهذا الأمر لأن «السوق التجارية متحكمة بالشأن الصحي».
أما بالنسبة إلى الراشدين فتلفت إلى عادات غذائية خاطئة «علّمونا أن الخبز هو طعام الفقراء. لماذا الخبز فقط؟ ألا يجب أن يأكل الفقير الخضار والفاكهة؟ من حق كل مواطن الحصول على غذاء متوازن، وهذا يخفّف العبء على الفاتورة الصحية».
لماذا نزرع؟
الحصول على غذاء سليم ومتوازن يفرض الحديث عن الزراعة «إذا اطلعنا على الشق التشريعي، نرى أن أكثرية التشريعات مرتبطة بهذا القطاع من الإنتاج المحلي، في حين نجد عدداً أقلّ من التشريعات المرتبطة بموضوع تنظيم الاستيراد مثلاً. صحيح أن الزراعة في لبنان تشكل جزءاً بسيطاً من الدخل لكنها مرتبطة بموضوع اقتصادي اجتماعي يطاول نحو 300 ألف عامل. هؤلاء، صاروا من أقلّ الناس قدرة على الحصول على الغذاء. المزارعون هم أضعف حلقة في سلسلة الإنتاج المحلية ويجب أن نراجع وضعهم ونراجع الحسابات في سوق الحسب، ونراجع علاقة التجار الصغار بالتجار الكبار. والأهم يجب أن نطرح السؤال الأساسي: هل نريد أن نزرع لنأكل، أو أن نزرع لنصدّر؟»، مطالبة بتحقيق التوازن في هذه المعادلة.
مراجعة سياسات الريّ
تشرح، منتقدة التوجه نحو زراعة الحمضيات في الجنوب على حساب زراعة القمح والبقوليات «هناك توجّه نحو زراعة الأفوكادو والقشطة لأنها تعدّ للتصدير في مقابل زراعة مواد أخرى يحتاجها اللبنانيون. نحن ننتج 5 إلى 6% فقط من حاجاتنا من الحبوب محلياً، و20% من القمح، أما الباقي فنستورده. في المقابل نتجّه إلى الزراعات التي تحتاج إلى الكثير من مياه الريّ، في حين أنه يجب أن نتوجه نحو زراعات لا تحتاج إلى الماء، وأن نراجع سياسات الريّ لأن 80% من المياه المتوافرة لدينا تذهب نحو الزراعة، ونحن نعاني أصلاً من نقص بالمياه ولا نستفيد من مياه الأمطار. نحتاج إلى خطط توجيهية للزراعة تتماشى مع مفهوم الأمن الغذائي»، مشيرة في هذا الإطار إلى عملها على تشريعات ترعى تنظيم استعمال المبيدات وخصوصاً في ظلّ الفوضى القائمة، ما يؤثر حكماً في سلامة الغذاء.
عز الدين التي تأسف لغياب سياسة صحية، تشير إلى إجراءات كثيرة يمكن القيام بها وتطاول أكثر من قطاع. تقترح مثلاً، إذا لاحظنا وجود حالات كثيرة من ارتفاع الضغط في لبنان أن «تُفرض ضرائب عالية على كلّ منتج يتسبّب بارتفاع الضغط». كما تقترح أن لا تذهب كل الضرائب إلى المالية «بل إلى صندوق يموّل الصحة». تختصر كلامها بجملة واحدة، كانت بدأت بها حديثها «نحو حق كلّ مواطن الحصول على غذاء صحي وسليم، وبالكمية الكافية».