الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

عقدة “القوات” الحكومية رهن تلبية مطالب الثنائي الشيعي

عقدة "القوات" الحكومية رهن تلبية مطالب الثنائي الشيعي

كتبت ندى اندراوس في “المدن”:

في قراءته للمتغيرات في لبنان انطلاقاً من الجنوب ومنه إلى ما يجري في المحيط، يرى حزب القوات اللبنانية أنّ المرحلة الحالية والتي تؤسس للمستقبل لا يمكن أن تحمل على أكتافها أيّ جزء من إرث الحقبة الماضية، التي امتدت من تسعينيات القرن الماضي إلى عشية توقيع حكومة تصريف الاعمال اتفاق وقف اطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي، بعدما أبرمه سياسياً وأعطاه الغطاء “الشيعي الشرعي الاخ الاكبر لحزب الله رئيس مجلس النواب نبيه بري”.

بناء على هذه القاعدة تقارب القوات اللبنانية مسار التفاوض لتأليف الحكومة.

الثنائي والتعطيل
تقول أوساط معراب لـ”المدن “إنّ لبنان دخل مرحلة وطنية جديدة مع اتفاق وقف إطلاق النار. هي مرحلة انتقالية توجت مع سقوط نظام الاسد في سوريا في الثامن من كانون الاول الماضي، وبدأت ترجمتها العملية من خلال انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ضمن الخيار الثالث، خلافاً لخيار الممانعة بإيصال مرشح يحمي ظهر المقاومة كما تريد.

وصل العماد عون إلى الرئاسة بخطاب قسم لا يمكن أن تحذف منه أيّ فاصلة. كلف رئيس حكومة خطاب قبوله التكليف يدلّ على التزامه الدستور.

استحقاقان دستوريان وُوجها برفض واضح من ثنائي أمل حزب الله الذي أخر أحدهما موعده في استشارات التكليف في بعبدا، ومن ثم قاطع الثنائي متضامناً استشارات التأليف في المجلس النيابي”.

برأي القوات اللبنانية، فإنّ نوايا الثنائي واضحة. “يريد شراكة في الحكم بشروطه، أو عرقلة إلى حد اللاشراكة والعرقلة من خارج السلطة التنفيذية انطلاقاً من المجلس النيابي بدءاً من حجب الثقة عن أيّ حكومة تشكل بغيابهما.”

الفيتو الحكومي
تعتبر أوساط معراب “أنّ المطلوب من الحكومة العتيدة أن تتوج مسار التغيير الذي انطلق من لبنان”. وتضيف “نحن أمام تحول جيو استراتيجي في المنطقة. وهذا التحول انعكس تبدلاً في ميزان القوى الداخلي، انسجاماً مع التبدل في ميزان القوى الخارجي، الذي انتج انتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس سلام. يجب أن يستكمل المسار بتشكيل حكومة تأتي بتركيبتها منسجمة مع متطلبات المرحلة ولا ترتبط أبداً بالمرحلة السابقة.”

تنفي معراب أنها تذهب في خطابها هذا إلى حد إقصاء المكون الشيعي سياسياً. وفي دفاعها عن وجهة نظرها، تقول إنه “على الرغم من أنّ الثنائي كان يمنع قيام دولة حقيقية، يصادر الدولة والدستور، ويمنع انتخاب الرئيس، إلا أننا لا نريد عزل أحد أو إقصاءه. لا بل إننا نريد اليوم أن يشارك الجميع في الدولة، لكن تحت سقف الدستور. وعلى الحكومة أن تعطي اشارة جديدة للداخل والخارج أنها تنقل لبنان إلى زمن جديد وألا تكون حكومة قديمة في تركيبتها وفي تطويقها بشروط الفريق الذي رفض الانتخاب والتكليف، ويرفض اليوم انتقال لبنان إلى دولة القانون والمؤسسات.”

هذه هي مقاربة القوات اللبنانية في نقاشاتها مع الرئيس المكلف الذي تطرح أمامه إشكالية أنه في حال “خضع لشروط هذا الفريق أو ذاك، وتحديداً شروط الثنائي، ألا يتمكن هو وحكومته من العمل بعد التأليف”. وسؤال القوات للرئيس المكلف “ألا يخشى من استعمال الثنائي أمل-حزب الله لسلاح التعطيل والفيتو والثلث المعطل والميثاقية بوجهه في كل مرة سيطرح مجلس الوزراء موضوعاً لا يروق للثنائي أو يتضارب مع مصالحه”.

الحقيبة أم العقد
وتقول مصادر معراب لـ “المدن”: “لا يمكن بعد كل هذا التغيير أن تؤول وزارة المال إلى وزير يمثل ثنائي أمل حزب الله. لقد عبرنا عن موقفنا بشكل صريح. ورئيس الحزب قال إن القوات لا تعترض على أن تكون الحقيبة، هذه المرة فقط لا غير، للطائفة الشيعية انطلاقاً من كلّ الاحداث التي جرت والنكسات التي تكبدتها جراء الحرب”.

عدم ممانعة القوات اسناد المالية هذه المرة مرتبطة بشرط مسبق، وهو أن يتضمن البيان الوزاري للحكومة، اذا سلكت الامور، بنداً صريحاً يؤكد أن لا حقيبة حكر لطائفة. وأن لا يكون وزير المالية وزيراً ملكاً، بل كسائر الوزراء. “لا شيء اسمه وزير ملك، على غرار ما يريده الثنائي تحت عنوان التوقيع الثالث. التوقيع الثالث غير موجود. ومن يريد تعديل الطائف فليقل هذا بصراحة وإنه يريد من خلال هذا التوقيع المثالثة.”

بالنسبة إلى القوات، فإن اسناد حقيبة المالية للثنائي وكذلك الحصة الشيعية كاملة، يعني أن لا شيء تغير، وأن هذا الثنائي سيدخل الى الحكومة متسلحاً بالفيتو، متذرعاً بما يسمى ميثاقية لتعطيل قرارات الحكومة وعملها اذا لم تتلاءم ومصالحه، بدءا من امتناع وزير المال الذي يدين بالولاء له عن التوقيع. عندها يدخل البلد في متاهات هو بغنى عنها في هذه الحقبة الصعبة جدا من تاريخه.

“القوات اليوم مع اسناد المالية لشخصية شيعية لا علاقة لها بالثنائي”. لا تخضع له ولا تخشاه، أو تخشى مجموعة من الدراجات النارية التي تجول حول منزلها وتهددها. شخصية لا تستقيل من الحكومة، ولا توقع الا ما هو مطلوب منها كوزير للمالية لا اكثر ولا أقل، وليس ما هو مطلوب من قبل الثنائي وما يخدم مصالحه.”

القوات تقاطع الحكومة
ليس الثنائي وحده من يطوق الرئيس المكلف بشروطه التوزيرية. فالقوى الأخرى أيضا لديها شروطها، ومن بينها القوات اللبنانية.

“صحيح، نحن نتفاوض مع الرئيس المكلف، ونتمسك بوحدة المعايير والمقاييس. لكن اذا تجاوزنا عقدة المال، نكون قد تجاوزنا عقدة العقد. وبحلها تحل كل العقد”.

لكن حوار القوات مع الرئيس المكلف لا يقتصر على حصتها وعلى مطالبتها بوحدة المعايير ورفضها اسناد المال للثنائي.
مسبقاً، تفاوض القوات الرئيس المكلف على البيان الوزاري. وبحسب مصادر معراب “فقد حاول حزب الله من خلال الشغب الذي قام به عند انتهاء مهلة الستين يوماً الأحد الماضي، أن يدخل مصطلح المقاومة الشعبية بدل المقاومة العسكرية لأنّه يدرك أنه حتى مصطلح المقاومة بالاجمال سقط سقوطاً نهائياً. لهذا، إنّ محاولة استبدال ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة بحق الشعب بتحرير الارض، هو أمر مرفوض ولن يمر.

هذا الحق هو للدولة وللشعب الذي يعبر عن موقفه ممثلوه في البرلمان، الذين انتخبوا رئيس الجمهورية وكلفوا رئيس حكومة تمثل هذا الشعب.

إن التلاعب على الكلام من اجل الحفاظ على مصطلحات غير دولتية، ومن أجل ابقاء لبنان ساحة فوضى هو امر ممنوع ومرفوض. فالدولة هي المسؤولة عن سيادة لبنان، والجيش هو الاداة التنفيذية للدولة.”

في هذا المجال، تكشف أوساط معراب أن ممثليها أبلغوا رئيس الحكومة المكلف أن هذا الامر في غاية الحساسية وهو أساسي والمطلوب حكومة جديدة بنهج جديد.

القوات اللبنانية تتهم حزب الله بمحاولة ربط نزاع مع الحكومة من خلال الحصة الوزارية وحقيبة المالية والبيان الوزاري. لكن القوات نفسها تربط بدورها النزاع مع الرئيس المكلف، عندما تقول أوساطها لـ “المدن” إن قرار عدم المشاركة في الحكومة سابق لاوانه. تربط موقفها النهائي بموقف رئيس الجمهورية والرئيس المكلف من شروط الثنائي. في حال أعطي ما أراده من حق التوقيع الثالث، الى كامل الحصة الشيعية، فادخال مصطلح المقاومة الشعبية، سيكون للقوات كلام مختلف وموقف حاسم. “لكننا الى الان لا نريد أن نتحدث عن النصف الفارغ من الكوب، انما سنتحدث عن النصف الملآن منه”، تختم مصادر معراب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى