عظم فخذ الإنسان يميزه عن الحيواناتإحدى الإجابات المدهشة عن السمة الرئيسة التي تميز البشر عن غيرهم، صاحبته العالمة في مجال الجنس البشري، مارغريت ميد.. العالمة قالت إن الفرق يتجلى في عظمة فخذ الإنسان.

القصة تقول إن طالبا سأل ذات مرة مارغريت ميد عن مميزات الحضارة. وكان يتوقع أن الأستاذة والباحثة الكبيرة ستحدثه عن الأواني الفخارية أو لوازم الصيد وما شابه، إلا أنها لم لم تتطرق إلى مثل هذه الإنجازات المادية بتاتا، بل تحدثت عن عظم الفخذ، العظم الأكبر في جسم الإنسان والذي يربط الورك بالركبة، مشيرة إلى أن الشفاء من كسر في هذه المنطقة يتطلب ما بين 3 إلى 6 أشهر.

مارغريت تيد قالت في معرض إجابتها: “في المملكة الحيوانية، إذا كسرت ساق الحيوان، فإنه يموت لأنه لا يستطيع الصيد أو الهرب من الخطر أو العثور على الماء. الحيوان الجريح هو فريسة أولى للحيوانات الضارية”، مضيفا في هذا السياق أن “الورك البشري الذي تم شفاؤه يشير إلى أن الشخص المصاب كان بجانبه لفترة طويلة شخص قام بتضميد جراحه، ونقله إلى مكان آمن، وأطعمه وسقاه. شخص اعتنى به وقام بحراسته إلى أن يتحسن. عظم الفخذ المتحجر هو دليل على أن إنسانا ساعد جاره، ولم يتخل عنه، وأنقذ حياته. مساعدة شخص ما في فترة صعبة هو الفعل الذي تبدأ منه الحضارة”.
مارغريت ميد التي ولدت في عام 1901 في أسرة مهاجرين إيطاليين، تعتبر واحدة من أشهر علماء الجنس البشري في القرن الـ20.

هذه العالمة ذاع صيتها بأبحاثها في مجال التنشئة الاجتماعية للأطفال والمراهقين في بولينيزيا، وأنجزت كتابها الشهير “نشأ في ساموا”، وتم الاعتراف بها في الأوساط العلمية والاجتماعية على نطاق واسع بما في ذلك لقوة شخصيتها، وصراحتها غير المسبوقة في تقديم الحقائق ووصف دقائق الأمور من دون مواربة بما في ذلك حول “الجنس” بين القبائل البدائية.

لم يكن طارئا افتتان مارغريت ميد بـ”الأنثروبولوجيا” الذي يعرف بأنه “علم الإنسان والحضارات والمجتمعات البشرية، وسلوكيات الإنسان وأعماله”، فقد كانت والدتها عالمة اجتماعية مختصة بشؤون المهاجرين الإيطاليين، كما ان والدها كان أستاذا في كلية إدارة الأعمال بجامعة بنسلفانيا، وكان كلاهما نشطا وصاحب آراء متحررة وتقدمية.
ميد لم تتخصص في علم الإنسان فحسب، بل كانت فيلسوفة وعالمة نفسانية، وقد حصلت على شهادة البكالوريوس في علم النفس في سن 22، وعلى الماجستير في سن 23، والدكتوراه في الفلسفة في سن الثلاثين.

ميد أجرت بحثا ميدانيا لأطروحة الدكتوراه في جزيرة ساموا الواقعة جنوبي المحيط الهادئ، حيث جمعت معلومات مكثفة عن نمو الأطفال والمراهقين وتنشئتهم الاجتماعية في الثقافة المحلية.

هذا البحث كان أساس كتابها “نشأ في ساموا”، والذي سرعان ما حظي بشهرة واسعة. في المجمل تركت هذه العالمة ست كتب علمية شهيرة في مجال الأنثروبولوجيا، لكن هذه القصة عن عظم فخذ الإنسان لا توجد في أي منها.
أول ذكر للحوار السابق عن الميزة الرئيسة للحضارة ورد في كتاب المؤلفين، بول براند وفيليب يانسي، “تم بشكل مخيف ورائع”.

بول براند وهو طبيب وجراح بريطاني شهير كان صرّح بأنه شهد تلك المحاضرة التي دار فيها الحوار مع مارغريت ميد، وكان في ذلك الوقت طالبا.

الحديث حول عظم فخذ الإنسان ذُكر في العديد من الصحف ووسائل الإعلام واستشهدت به عدة كتب، واشتهر على نطاق واسع لبساطته ودقته وحجته القوية.

الأهم أن عظم فخذ الإنسان الملتئم بعد كسره، الذي بدأت به الحضارة الإنسانية يذكر بأن البشر لا فرو لهم ولا مخالب ولا أنياب قاطعة مثل الحيوانات الكاسرة، لكنهم الأقوى على الأرض لأنهم “عقلاء”. العقل والقدرة على التجريد والعاطفة والتعاون، هي ما يميز الإنسان عن غيره.

Exit mobile version