ضغوط التطبيع بالعصا والجزرة
كتبت بولا مراد في “الديار”:
لم يعد خافيا ان المشروع الكبير للادارة الاميركية الجديدة هو مشروع يجر الدول العربية الى سلام مع اسرائيل. ويبدو الرئيس الاميركي دونالد ترامب مستعجلا جدا لتنفيذ مشروعه خاصة وانه يعتبر ان اللحظة مؤاتية جدا لذلك بعد الضربات الكبيرة التي تلقاها محور المقاومة في المنطقة وحرية حركة اسرائيل في لبنان وسوريا، ما يمهد لسلام بالشروط الاميركية الاسرائيلية.
حتى الساعة لبنان الرسمي لا يزال يعلن رفضه للتطبيع وحتى لاي مشاورات او نقاشات بهذا الخصوص وان اولويته الراهنة تحرير اراضيه. لكن لن يكون مفاجئا على الاطلاق ان تسعى اسرائيل كما اميركا لدفعه الى هكذا مشاورات مع ربط الانسحاب باتفاق سياسي يسير بالتوازي مع اتفاق مماثل في سوريا.
وتعتبر مصادر سياسية مواكبة للملف ان “لبنان الرسمي يربط موقفه بهذا الخصوص بنقطتين، الاولى الانسحاب الاسرائيلي الكامل وترسيم الحدود نهائيا. اما الثانية فالموقف العربي الذي يتمنى ان يكون موحدا بحيث في حال تقرر في مرحلة لاحقة سير دول المنطقة بمشروع سلام مع اسرائيل فيكون لبنان آخر من يوقع عليه وليس اول الموقعين”.
وترى المصادر في حديث لـ “الديار” ان “اسرائيل وبالتعاون الوثيق مع الادارة الاميركية ستستخدم العصا والجزرة على حد سواء لجر المنطقة وضمنا لبنان للتطبيع”، لافتة الى ان “تل ابيب وجهت رسالة واضحة في الايام الماضية بحيث انها اصرت على ان تصعّد ميدانيا بالتوازي مع الاعلان عن الافراج عن الاسرى وتشكيل اللجان لحل القضايا الخلافية للقول ان اي اتفاق سيكون بشروطها وهو ما ينسحب على اي اتفاق مقبل”.
ويعتبر العميد المتقاعد الدكتور حسن جوني ان “مبادرة الاميركيين لتأليف لجان للبدء بالتفاوض حول النقاط الخلافية الحدودية بالاضافة للمواقع الـ ٥ التي تمسك الاسرائيليون بها بعد الحرب الاخيرة، تأتي استنادا لاتفاق وقف النار الذي تم التوقيع عليه مؤخرا اذ ينص بحرفيته على ان يباشر لبنان واسرائيل مفاوضات غير مباشرة برعاية الولايات المتحدة والامم المتحدة لمعالجة الخلافات الحدودية” لافتا في حديث لـ “الديار” الى ان “النشاط الدبلوماسي وخاصة بموضوع التفاوض يعكس دائما موازين القوى على الارض وطالما الاسرائيلي اليوم يتفوق ميدانيا من خلال مواصلة خروقاته واحتلاله للنقاط الـ 5 والنشوة التي يعيشها في المنطقة بسبب الظروف الاقليمية والدولية التي باتت معروفة، فالتفاوض المرتقب سيعكس بشكل او بآخر هذه القوة الاسرائيلية والمناخ الدولي المؤاتي لها، لذلك نتوقع ان تسعى اسرائيل لتحقيق المزيد من المكتسبات السياسية والامنية مقابل انسحابها”.
ولا يستبعد جوني ان تؤدي ضغوطات الولايات المتحدة الى انسحاب اسرائيل “لكن لا بد بالمقابل من تقديم تنازلات معينة او ترتيبات أمنية مشددة تتعلق مثلا بسلاح حزب الله”، لافتا الى ان “الدبلوماسية وحدها كمنطق حوار وتفاوض لا تستطيع ان تحقق نتائج خاصة اذا لم يكن هناك توازن قوى”. ويضيف جوني:”لم يعد خافيا ان الاسرائيلي يسعى للتطبيع مع لبنان وسوريا وفقا للرؤية والشروط الاسرائيلية كما ان الادارة الاميركية تضغط في هذا الاتجاه ايضا لكن ذلك لا يعني ان التطبيع حاصل باعتبار ان هناك مواجهة ومقاومة لهذا المشروع” معتبرا انه “يمكن التنسيق مع المجتمع العربي لبلورة موقف معين موحد من هذا الملف”.